تعوَّد تنظيم الإخوان الإرهابي ومرتزقته من المؤلفة جيوبهم أن يمارسوا الوصاية على الأمة، كما علَّمهم مرشدوهم، أنهم هم وحدهم "الربانيون".
ولقد توهموا أنهم وحدهم "الوارثون لرسالة الأنبياء"، ومن ثم هم أسياد العالم، وموجِّهوه إلى طريق السداد.
توغلت هذه العقلية في هذا التنظيم وأتباعه، ومَن يعيشون على هامشه طلبًا للرزق، أو رغبة في الظهور، أو تعويضًا عن مُركّب نقص معقد يعاني منه مَن حصّلوا قدرًا ضئيلا من التعليم، ولم يكتفوا بما أضفاه التعلم عليهم من ميزة، بل يريدون أن يكونوا من ذوي السلطان، والمكانة الاجتماعية، والثراء المالي.. هؤلاء وجدوا فيما توفره الدول المشغِّلة لهم من مؤسسات إعلامية وبحثية ملجأً مثاليًّا لتحقيق كل تلك الطموحات وتفريغ كل تلك العُقد.
يخرج هؤلاء بأصوات زاعقة، ولغة متدنّية مليئة بالبذاءة والإسفاف، والتعدي على كرامة الآخرين، والسب العلني لدول وشعوب وحكومات، وكأنهم مقتنعون أنهم "ينصرون الدين" بالسباب وفاحش القول، فيما النبي محمد يقول: "ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء".. بينما لا يجد المخالفون للإخوان منهم إلا الشتم والطعن وربما القتل.
هذا التنظيم الإخواني القديم الجديد يقوم على قاعدتين أساسيتين هما: أولا، أنه وصيٌّ على المصريين، وأن هذه الوصاية إنما منحها له الله بحكم ربانيته وأستاذيته على العالم، التي رسخها في ذهنه مدرس الخط العربي الشاب، مؤسس تنظيم الإخوان الفاشل، وأن هذه الوصاية عامة في جميع الموضوعات، فالأمة المصرية في نظر هؤلاء "طفلة لم تبلغ الرشد" ولا تستطيع التصرف في شؤونها، لذلك يقوم الإخوان بالوصاية على الأمة جميعها، في جميع الموضوعات والمجالات الحياتية والسياسية والاقتصادية والعسكرية… إلخ.
هذا النوع من الثقافة الوصائية، أو عقلية الوصاية، توغلت في تنظيم الإخوان الفاشل، وصار يمارسها الأشبال والصبيان منهم، يصدرون توصيات للدولة والشعب، ويوبخونهم ويلومونهم ويأمرونهم، وهم شباب صغار لم يبلغوا مبلغا لا من العلم أو المعرفة أو خبرات الحياة، بحيث تجدهم أنصاف متعلمين، في تخصص شرعي أو لغوي، لكنهم صاروا بحكم انتمائهم للجماعة الإرهابية "من كبار الاستراتيجيين الدوليين، ومن عظماء العلماء في السياسة والعلاقات الدولية والفكر الاستراتيجي"، كما يتوهمون.
القاعدة الثانية: أنهم لا يتوقفون عند مجرد ممارسة الوصاية على الأمة، بل هم لا يفعلون شيئا، وكأنما رُفِع عنهم القلم، أو أنهم ليسوا من الأمة، أو أن الإسلام ليس دينهم، فهُم يوصون الآخرين بالقيام بما ينبغي القيام به، لكنهم عاجزون عن الفعل، لذلك يوصون الآخرين بالقيام بالأفعال، لأنهم إما عاجزون وإما من المقعدين أو القاعدين أو القواعد من النساء، أو أنهم فاقدو الأهلية.
سلوكان متعاكسان لا يتسقان مع إنسان عاقل يسلكهما الإخوان، هما: الوصاية والإيصاء، والوصاية تعني أن من يقوم بها في موقع القيادة والتوجيه، هو من يملك الرؤية أكثر من غيره، أما الإيصاء فيعني أن من يمارس الوصاية لا يستطيع الفعل، ولا يملك الطاقة للقيام به، أو أنه يوشك على الموت، أو أنه قد مات بالفعل، لذلك فهو يوصي مَن بعده من القادرين على القيام بذلك الفعل، وتحقيق الهدف منه.
هذه الحالة المريضة المعلولة من التناقض تسيطر على الإخوان، الذين يحاولون إرباك وتشتيت الجهود الوطنية في كل القضايا الكبرى، بغية إفشال الدول والمجتمعات، حتى يكون مَن يخدمهم حزب الوصاية والإيصاء هم فقط الموجودين على أنقاض العالم العربي، وهم بذلك يفعلون بالعرب ما لا يفعله ألد أعداء العرب في الداخل والخارج.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة