"النهضة" التونسية تطارد شعبيتها المفقودة على دقات الاحتراب الأهلي
كعادة الإخوان، ألقت حركة النهضة التونسية ورقة الشارع مجددا في وجه الاحتجاجات ضدها، ما يمكن أن يقود البلاد للاحتراب الأهلي.
وخلال الأيام الماضية، جيشت "النهضة" وقواعدها للتظاهر، السبت، في العاصمة التونسية، عبر منصات التواصل الاجتماعية وأطلقت خطابا تقسيميا لعبت فيه على وتر الخطاب الديني من أجل تقسيم المجتمع التونسي بين مؤمنين (أتباع النهضة) وكفار (الطبقة العلمانية)، في دعوة صريحة للفتنة.
وأكد محللون سياسيون أن تنظيم الحركة الإخوانية مسيرة تقول إنها لدعم الحكومة، هو محاولة لإضفاء شرعية باتت باهتة بشدّة على حكومة هشام المشيشي الذي لا يتردد في الانحناء للحركة الإخوانية.
انحناء المشيشي للنهضة وأجندتها السياسية دفع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخرا، لرفض التعديل الوزاري الذي قدمه الأول، متهمًا الوزراء الجدد بالفساد وتضارب المصالح.
بدورها، قالت الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة إن المسيرة المقررة اليوم، هي محاولة إخوانية لاختبار ما تبقى من شعبية للنهضة في صفوف التونسيين بعد سنوات عشر من استنزافها البلد وأهله.
وأوضحت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنها "محاولة من راشد الغنوشي لتثبيت موقعه على رأس البرلمان عبر الشارع، وهو الذي يواجه عريضة بسحب الثقة تجاوزت 109 نواب".
كما أن المسيرة الإخوانية محاولة لخلق توازن في الشارع بعد خروج مؤيدي الرئيس التونسي في احتجاجات كبيرة خلال الأسابيع الماضية، للمطالبة بحل البرلمان، حسب بن قمرة.
ووفق المراقبين، فإن النهضة تبحث في الشارع عن شعبيتها المتآكلة وتراجع المصوتين لها من 900 ألف في 2011 إلى 220 ألفا
فقط في 2019، في مواجهة رئيس يستمد قوته من الشارع وفاز بالرئاسة بـ73% من الأصوات في 2019.
لا تبالي بتونس
ويرى هؤلاء المراقبون أن مسيرة النهضة في هذا الوقت الذي تعاني فيه تونس ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة، تعد دعوة صريحة للتناحر والصدام بين أبناء الشعب.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قال القيادي اليساري حمة الهمامي إن المسيرة الإخوانية "هي إثبات آخر للامبالاة التنظيم الإخواني ومنخرطيه والمنتسبين له ومسانديه بواقع الشعب التونسي بفئاته المختلفة التي فقدت الثقة في الطبقة السياسية وعلى رأسها النهضة ومساندوها من الأحزاب، بل باتت تطالب بحل برلمان الإخوان ومحاسبة من فيه".
وتابع أمين عام حزب العمال التونسي قائلا عن المسيرة "إنها عمل استفزازي للرأي العام التونسي انطلاقا من مسؤولية التنظيم الإخواني عن انهيار الدولة التونسية وعما آل إليه حالها من تدهور شامل".
حمة الهمامي قال إن اتحاد القوى الشبابية التونسية سيتحرك اليوم أيضا، ويتصدى لعبث النهضة بمصير التونسيين والبلاد، ويوجه من خلال وقفة ينظمها رسالة سلمية إلى الحكومة والتنظيم الإخواني الذي يهيمن عليها ويسيرها والأحزاب المعاضدة، مفادها "توقفوا عن التغرير بالشعب والاستخفاف به".
راشد الغنوشي، زعيم النهضة وعراب دعوات الفتنة والاحتراب الأهلي، يتحرك، وفق مراقبين، من واقع تقلص شعبيته، وتصنيفه من قبل 70% من التونسيين بأنه "أخطر شخصية في البلاد"، وفق استطلاع حديث للرأي، لذلك قرر استخدام ورقة الشارع والصدام ضد موجة الاحتجاجات الشعبية التي طالما رددت "يا غنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح".
وطالبت احتجاجات خلال الأسابيع الماضية، السلطات بالتحرك لكشف التمويلات المشبوهة التي تصل حركة النهضة، وملف الجهاز السري المسؤول عن الاغتيالات السياسية في الحركة.
وفي تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، قال جهاد العيدودي، أستاذ علم الاجتماع السياسي إن "تبني زعيم إخوان تونس معركة الشارع يأتي لإبعاد الأنظار عن العريضة البرلمانية التي تجاوزت المئة توقيع، وتطالب بسحب الثقة منه"، مضيفا أن "حشد الغنوشي أنصاره في الشارع هو دعوة للحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد".
وتعيش تونس منذ نحو شهر أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد رفض الرئيس التونسي قبول وزراء التعديل الحكومي الذي أجراه المشيشي، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، متهمًا أربعة وزراء من مجموع 11 بالفساد وتضارب المصالح.
وفي أحدث فصول الأزمة بين سعيد والمشيشي، أقدم رئيس الحكومة، منتصف الشهر الجاري، على إعفاء 5 وزراء محسوبين على الرئيس، من مناصبهم.
ويعود رفض الرئيس التونسي للتعديل الحكومي إلى خلافات عميقة مع هشام المشيشي الذي تدعمه حركة النهضة، منذ الأيام الأولى لوصوله لرئاسة الحكومة، مطلع سبتمبر/أيلول 2020.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA==
جزيرة ام اند امز