ميزانية فرنسا 2025.. المتقاعدون أول ضحايا خطة التقشف

بينما يعيش الائتلاف الحكومي في فرنسا على وقع تهديدات السقوط في التاسع من سبتمبر/أيلول، يتابع الجهاز التنفيذي إعداد مشروع موازنة الدولة، الذي تتضح ملامحه تدريجيا، حاملاً معه إجراءات تقشفية قاسية، سيكون المتقاعدون أبرز المتأثرين بها حتى عام 2030.
ولم يكن الأمر مفاجئاً تماماً، فقد مهد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، الطريق قبل العطلة الصيفية بتصريحاته التي شدد فيها على أن "جميع الفرنسيين مطالبون بالمساهمة في إنعاش المالية العامة"، بحسب صحيفة "ليزيكو" الفرنسية.
وأوضح حينها أن هذا يمر عبر تجميد المعاشات والبدلات الاجتماعية اعتباراً من 2026. واليوم تكشف التسريبات أن الحكومة لا تكتفي بخطوة مؤقتة، بل تضع خطة ممتدة حتى مطلع العقد المقبل.
من التجميد إلى الخفض التدريجي
وبحسب وثيقة أولية لمشروع قانون موازنة الضمان الاجتماعي، اطلعت عليها صحيفة "لي زيكو"، فإن الحكومة تخطط لتجميد كامل للمعاشات عام 2026.
وابتداءً من 2027، ستعتمد سياسة خفض تدريجي في نسب إعادة التقييم السنوي للمعاشات، وذلك عبر تقليصها بمعدل 0,4 نقطة مئوية عن مستوى التضخم الحقيقي حتى عام 2030.
أرقام تكشف حجم الادخار
هذا الإجراء، الذي يقدَّم تحت مسمى "إعادة تقييم دنيا"، من المتوقع أن يوفر للحكومة مكاسب مالية متصاعدة: 3,6 مليار يورو في عام 2027، وستصل إلى 4,8 مليار يورو في عام 2028، كما سترتفع إلى 6 مليارات يورو في عام 2029. وذلك بالنسبة لمجمل أنظمة التقاعد، بعد احتساب العوائد غير المباشرة مثل تأثيرات المساهمات الاجتماعية (CSG).
المتقاعدون في عين العاصفة
هذه الإجراءات تجعل من فئة المتقاعدين الحلقة الأضعف في خطة التقشف الجديدة. فرغم أنهم يمثلون شريحة سكانية واسعة ووازنة انتخابياً، إلا أن الحكومة تراهن على أن تعديل نسب إعادة التقييم تدريجياً سيكون أقل إثارة للجدل من تجميد كلي طويل الأمد.
لكن خبراء الاقتصاد الاجتماعي يحذرون من أن هذه السياسة ستؤدي عملياً إلى تآكل القدرة الشرائية للمتقاعدين، خصوصاً مع استمرار الضغوط التضخمية على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
البعد السياسي.. بين السقوط والاستمرارية
المفارقة أن هذه الخطط قد لا ترى النور إذا ما فشل الائتلاف الحكومي في تجاوز اختبار 8 سبتمبر/أيلول، وهو الموعد الحاسم للتصويت على الثقة. ومع ذلك، فإن مجرد إدراج هذه الأفكار في مشروع الموازنة يعكس إصرار السلطة على تمرير برنامج تقشف طويل الأمد مهما كانت التحديات السياسية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه من الواضح أن الحكومة الفرنسية تسعى إلى إعادة التوازن للمالية العامة عبر توزيع الأعباء على مختلف الفئات، لكن تركيزها على معاشات المتقاعدين يفتح الباب أمام جدل سياسي واجتماعي واسع. فهل ستقبل هذه الفئة، التي تمثل قوة انتخابية صامتة لكنها مؤثرة، أن تتحمل عبء الإصلاح حتى 2030؟ أم أن الإجراءات قد تتحول إلى شرارة لاحتجاجات جديدة على غرار ما شهدته فرنسا في ملف إصلاح سن التقاعد؟
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز