بوركينا فاسو تعد إحدى البلدان الأكثر تأثرا بالإرهاب في أفريقيا بعد رحل الرئيس بليز كمباوري وطلبه اللجوء إلى الخارج عام 2014
تُعدُّ بوركينا فاسو حالياً إحدى البلدان الأكثر تأثراً بالإرهاب في أفريقيا، وكما لكل حادثٍ تفاصيل، فإن البلد يعيش في حالة الفراغ التي تركها الرئيس السابق بليز كمباوري، بعد رحليه وطلبه اللجوء إلى الخارج عام 2014، ومع مرور الوقت يسعى الرئيس السابق بليز كومباوري لتلميع صورته باللجوء إلى مستشارين، إلا أن سوابقه الماضية لا تساعده في ذلك، ومن بين "الإنجازات" الأولى التي قام بها كومباوري كانت وصوله للسلطة عن طريق انقلاب عسكري، وتصفية توماس سانكارا (صديقه المقرّب) سنة 1987.
كل تلك الخصائص التي كان كومباوري يتمتع بها انتهت بالانقلاب عليه سنة 2014، وتقديمه استقالته ولجوئه إلى ساحل العاج؛ حيث تم منحه الجنسية رفقة مستشاره مصطفى ليمام الشافعي، وهو الذي تجمعه علاقات وطيدة بقطر، ويعمل مستشارا لرئيس روندا بول كاغامي
كما وفّر كومباوري الحماية لإبراهيم باه، وهو السنغالي الذي تدرّب في ليبيا لدى معمر القذافي ليلتحق في 1980 بأفغانستان للقتال. وبعد سنتين أمضاهما هناك عاد إلى ليبيا ثم انتقل إلى صفوف حزب الله للقتال بجانبه ضد القوات الإسرائيلية، وأثناء وجوده بليبيا أواخر سنة 1980 تمكّن من ربط علاقات صداقة مع الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور وكذلك فوداي سنكوح، مؤسس الجبهة الثورية الموحدة بالجارة سيراليون.
وتمكّن إبراهيم باه من التغلغل داخل أجهزة الدولة البوركينابية بفضل علاقاته برئيس ليبيريا عندما كان هذا الأخير بحاجة إلى الأسلحة، بعد فرض الأمم المتحدة حصارا على بلاده، وللتحايل على الحصار وضع كومباوري وإبراهيم باه إمكانيات الدولة البوركينابية في خدمة تايلور، عن طريق إصدار الشهادات الدولية للاستعمال النهائي للأسلحة، وهو ما مكن كومباوري من اقتناء كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة وإرسالها لتايلور والجبهة الثورية الموحدة بسيراليون، مقابل الحصول على الألماس الدموي الشهير، نتيجة لذلك تم اتهام بليز كومباوري سنة 2000 من طرف الدبلوماسي البريطاني ستيف باتيسون بإرسال مرتزقة للقتال بجانب متمردي سيراليون ضد قوات الأمم المتحدة مقابل الألماس.
وبالإمكان مواصلة سرد القائمة الطويلة "للأنشطة" غير الشرعية التي كان كومباوري يقوم بها على غرار علاقاته بزعيم حركة يونيتا الأنغولية، أو تدخله في التوغو، حيث يحصل على الألماس مقابل خدماته في آخر فترات حكمه لزعزعة استقرار ساحل العاج.
أما في عام 2012 ومع بداية تمرد الطوارق بشمال مالي بعد احتلال الإرهابيين مدن شمال البلاد فعرض رئيس بوركينافاسو خدماته للتوسط بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد وإرهابيي حركة أنصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة، وصرّح حينها إياد أغ غالي (الزعيم الحالي للقاعدة بمالي وبوركينافاسو) "إننا سعداء ونؤيد ونقبل وساطة الرئيس كومباوري في الأزمة المالية".
وكان كومباوري يؤيد الطوارق من جهة، كما أظهر ذلك في 2012 عندما سمح للأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد بلال أغ شريف بالعلاج في مستشفى بالعاصمة واغادوغو، بعد تعرُّضه لإصابة أثناء المعارك ضد القاعدة وحركة التوحيد والجهاد بمدينة غاو، حيث تم إجلائه على وجه السرعة على متن طائرة مروحية تحمل علم بوركينا فاسو.
أما من جهة ثانية، فاستلمت بلاده 120 سيارة دفعٍ رباعي من نوع تويوتا، ليتم تسليمها لاحقاً لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشمال مالي، وحرصاً منهم على أن تدخل تلك السيارات في الخدمة بشمال مالي الذي يفتقر للوقود، فقد كان كومباوري يوفر أيضاً الوقود لهم.
وتوسط كومباوري سنة 2012 للإفراج عن رهائن إسبان كانت اختطفتهم حركة التوحيد والجهاد (حالياً مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش). وبغرض إتمام العملية كان يستعين بمستشاره مصطفى ولد ليمام الشافعي، وحسب بعض الصحفيين فإن الشافعي حصل على مبلغ 2.3 مليون يورو بعد الإفراج عنهم، وعندما تم سؤاله عن ذلك، أجاب: بأنه قام بالتوسط لدوافع "إنسانية".
كل تلك الخصائص التي كان كومباوري يتمتع بها انتهت بالانقلاب عليه سنة 2014 وتقديمه استقالته ولجوئه إلى ساحل العاج، حيث تم منحه الجنسية رفقة مستشاره مصطفى ليمام الشافعي، وهو الذي تجمعه علاقات وطيدة بقطر، ويعمل مستشارا لرئيس روندا بول كاغامي، وأسفر ذلك الفراغ الذي حدث في بوركينا فاسو عن تمدد الأزمة المالية إلى كامل التراب البوركينابي، وهو البلد الذي ظل في منأى عن الهجمات الإرهابية بسبب علاقات رئيسه السابق بتلك الجماعات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة