تمثل الجماعات المتطرفة مثل الإخوان المسلمين أحد أسوأ منظمات وكيانات التلاعب بالعقول وتضليل المجتمعات.
لأنها تمارس عبثا مباشرا بالدين وتتاجر به لمصالح ضيقة يجعلها تتخذ وضعية عصابات المافيا التي ليست لديها أي قيم أو أخلاق، ولأنها على هذا النسق من التضليل فإنها تقترب من السلطة وتخترق أجهزة الدولة بما يمكنها من السيطرة عليها.
بهذا الوضع فإنها لا تتوقف من إدارة عملياتها في المقطم بالقاهرة وإنما تتمدد إلى المحيطين العربي والإسلامي، لتعزيز استثماراتها التي تتغطى بالدين واستقطاب وتجنيد الذين يحتاجون إلى المساعدات التي تقدمها جمعيات التنظيم ومؤسساته في مختلف المجالات، وليس أسهل من السيطرة على عواطف مجتمعاتنا من تقديم خدمات طبية أو أغذية أو غيره مما يعين الفقراء والبسطاء على الحياة.
تعاملت تلك الجماعة مع الدين كغطاء لاستثماراتها وتجارتها، وهي مسألة دنيوية بحتة لا تتعلق بتطلعات الناس في عقائدهم وعباداتهم وحصادهم في آخرتهم، وتم في هذا السياق استغلال الجمعيات الخيرية أسوأ استغلال، وتوظيفها بصورة انتهازية للتلاعب بعقول ومشاعر الأفراد حتى يصبحوا جزءا من المنظومة الأخطبوطية.
ما يتكشف من حجم استثمارات وأصول وممتلكات للجماعة في مصر وخارجها يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأمر منذ البداية قام على تربح وتكسب من خلال بوابة الدين، وحتى العمل الخيري إنما كان ذو وجهين، أولهما استثماري وتجاري بحت، وثانيهما تلك الدعوة الانتهازية للانضمام إلى جماعة أسهمت منذ تاريخها في تشويه صورة الدين والتسبب في اضطرابات ومشاكل لكل سلطة سياسية وتعكير صفو الأمن المجتمعي والوطني في البلدان التي توجد فيها أذرع هذه الجماعة.
قيادات التنظيم في مصر أو التنظيم الدولي بأكمله إنما هم عصبة من رجال الأعمال الذين ينشطون تجاريا في استثمار أموال التنظيم لتمويل أنشطته الهدامة، ورغم أن هذه الجماعة تعرضت للضرب أكثر من مرة منذ حادثة المنشية إلا أنها لا تزال تنبعث كنبت شيطاني من المهم استئصاله أينما وجد لأنه يمثل تهديدا مباشرا ومستمرا لأمن أي وطن.
المؤكد ألا علاقة لهذه الجماعة بسلامة عقائد الناس وأوطانهم، وهي ليست إضافة دينية أو مجتمعية أو وطنية لأي بلد يمكن أن تكون فيها خلية صاحية أو نائمة، وقد اتضحت الحقيقة في عصر المعلومات من خلال ما يظهر من مستندات وبيانات للأنشطة الاقتصادية التي يمارسها رجال أعمال منتمين للجماعة أو يعملون لصالحها، ومن ذلك ملكية أسهم في شركات ومؤسسات.
لا يمكن أن يتصور أحد أن تتم إدارة منهج ديني في المجتمعات على النحو الذي تمارسه هذه الجماعة وأشباهها من جماعات ما يعرف بالإسلام السياسي، فما يحدث هو إثارة أزمات واضطرابات ونشر لبذور التطرف والإرهاب وإدخال البلدان في دوامة صراعات وعدم استقرار أمني وسياسي، وهناك كثير من التجارب في أكثر من بلد عربي وإسلامي تعكس حقيقة السلوك السياسي والديني للجماعة.
لا تزال هناك حاجة لقراءات عميقة لنمو وتطور جماعات التطرف الديني ودراسة سلوكياتها التنظيمية ووضعها تحت المجهر بما يقلل خطرها وتأثيرها السلبي المباشر في الأفراد واستلاب طاقتهم الفكرية في قضايا انصرافية لا تسهم في بناء الأوطان وجعلها أكثر أمنا وسلاما، لأن الوظيفة الأساسية لهذه الجماعات أن تدخل الأوطان في متاهات الصراع السياسي والديني والاقتتال المباشر أو الفكري وذلك يضعف القوة المجتمعية التي يفترض أن تتفرغ للبناء والنمو وليس الدخول في معارك من غير معترك لصالح فئة أصبحت مكشوفة ومعروفة التوجهات والاتجاهات التي لا تتواءم أو تتوافق مغالب مصالح المجتمعات.
نقلا عن اليوم السعودية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة