أثبتت الأحداث الأخيرة أن طموحات أردوغان العدوانية وتصرفاته غير القانونية قد أعطت نتائج عكسية.
سواء من خلال تلقي العقوبات، ثم بتقويض ثقة جميع المستثمرين، وهو ما عجل بهروبهم رغم الدعوات والمناشدات بالبقاء في ظل الحالة المتردية والسيئة للاقتصاد التركي وانهيار الليرة التركية، مما يُمثل تهديدًا خطيرًا لأردوغان وحزبه داخليًا وخارجيًا؛ لأن العقوبات الأمريكية أتت متزامنة مع قرار قادة الاتّحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل رغم عدم قوتها بالمقارنة مع الأفعال التركية، إلا أنها تُعتبر تأكيدًا مباشرًا على أن تجاوزات أردوغان يجب أن تتوقف .
هذه العقوبات "المخففة" هي حصاد سياسات مثيرة للتوتر والصراعات، ودعم وتمويل الجماعات المتطرفة، وانتهاكات لحقوق الإنسان عموما، والصحفيين خاصة ما بين اعتقال وتضييق، وحالات اختفاء قسري، وأحكام بالسجن، ومصادرة ممتلكات طالت العشرات؛ إلا أن فيها رسالة "بأن أوروبا أكثر وضوحا من أي وقت مضى، وأن التغاضي عن السياسات التركية الخاطئة، ومحاولة اللعب على الحبال، والتقارب والتناقض والخلافات لم تعد تُجدي، وفي حالة استمرارها ستكون عواقبها وخيمة، وأن الصبر وقبول سياسة الابتزاز قد توقف تماما، وأن ذلك سيذهب بتركيا إلى الحالة الإيرانية "المعزولة" والمتماهية مع تركيا حتى في دعم الإرهاب وتهريب المخدرات".
لا شك أن الموقف الغربي لا يزال بحاجة إلى المزيد من الشدة، وهو المنتظر والمتوقع في حال استمرار تركيا في سياستها الاستفزازية، وهو ما سيضع أردوغان الحالم في مكانه الطبيعي، وسوف تكبح العقوبات جماحه بعيدا عن الطموحات البراقة المغلفة بشعارات التحدي والقوة، والتعامل مع العالم وفق العلاقات الدولية المتفق والمتوافق عليها، لا سيما أنه حول تركيا إلى دولة مارقة بكل ما للكلمة من معنى، وسلخها من كل القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية والإسلامية، مستغلًا تجميع الخونة والمرتزقة والمشردين والإخوان، وتشويههم الإسلام والمسلمين، فقد قال عنه رفيق دربه داود أوغلو : "أردوغان الأخطر على العالم من كورونا"، وأضاف أن "الخطر الأكبر على أوروبا والعالم هي ثقافة الاستبداد التي انتشرت من قبل القادة الشعبويين" في إشارة لأردوغان .
تركيا التي ستفرض إغلاقاً كاملاً لمدة خمسة أيام، اعتباراً من ليلة رأس السنة في إطار تدابير مواجهة التفشي الواسع لفيروس كورونا، ستكون تحت وطأة الإغلاق بعد فقدان السيطرة على الوباء، حيث تحتاج حاليا من أردوغان التوقف عن الانتهاكات الداخلية قبل الخارجية، وعليه اتباع سياسة متزنة للتكيُّف مع المجاورين، وتجنُّب الاصطدام بالغرب، وتغيير موقفه في العديد من القضايا، واتخاذ خطوات عملية عقلانية لتحسين علاقته مع الإدارة الأمريكية الجديدة، التي أظهرت خلال حملتها الانتخابية العديد من المؤشرات التي تنذر بصدام محتمل مع أردوغان، وبالتالي ستقل خياراته بعد الإجماع الدولي، عندها سيكون صرحاً من خيالٍ وهوى، وينتظره السقوط حتى قبل نهاية فترة رئاسته، رغم رفضه التخلي عن الحكم .. إلا لخليفة يكون مقرب منه ونسخة شبيهة له؛ ربما لم يتم اختياره حتى الآن، ولم يقرر من هو بعد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة