في السياسة أيضا هناك تسارع هائل في الأحداث والمواقف، فالعالم خلال العقدين الماضيين شهد تحولات هائلة مصدرها التقنية والتكنولوجيا.
التي أصبحت مفتاح التحول في عالم يعج بها، ويشير إلى أن فكرة الإنسانية بحد ذاتها لا بد أن يطولها تغيير للكثير من تعريفاتها في ظل وجود بشر يذوبون بشكل سريع في عالم تقني يحاصر حياتهم من جميع الجوانب وبلا استثناء، حيث تحولت المنازل والسيارات والمكاتب والشوارع إلى صالات عرض هائلة للعالم تحركها التقنية التي تضع البشرية تحت وطأة نظام مترابط لا تغيب عنه الشمس، فهو يتدخل في أدق تفاصيل حياتنا ويكشفها بلا تردد لنا وللآخرين.
لم تكن السياسة بعيدة عن هذا التحول فقد شهدنا رئيس أكبر دولة في العالم وهو يديرها من خلال تغريداته على تويتر، ويتابعه على حسابه ملايين البشر من كل أنحاء العالم، لقد قدمت التقنية للبشرية وسائل رخيصة لتحقيق الشهرة والإنجازات بدلا من الطرق التقليدة المكلفة مثل الظهور على صفحات المجلات أو الصحف أو الظهور التلفزيوني، المستقبل لن يكون محصورا في مسارات محددة، ففي كل المجالات سيتدفق الكثير من البشر من مستويات متفاوتة في المجتمعات لتأدية دور قيادي بارز، وسوف تصاب السياسة أيضا بهذا الداء خاصة في الدول الديمقراطية، وسوف يتكرر مثال الرئيس ترامب كثيراً على المستوى الدولي، فسوف نرى سياسيين جددا في العالم ليست لهم علاقة بالعمل السياسي، إنما قد يأتون من مسارات بعيدة كل البعد عن السياسة سواء من التجارة أو الفن.
سياسيا سوف يتجاوز العالم أزمة كورونا، ولكن القلق والخوف الدولي سوف يظل عاليا ومتمسكا بكل الصور التي خلفها كورونا خلال العام 2020م، المجازفات الاقتصادية والاستثمار الدولي سيكون أكثر حذراً وسوف تنتهي المغامرات الاقتصادية المفتوحة، وهذا سوف يزيد من عقلانية الاقتصاد التي ستؤدي تلقائياً إلى تطور اقتصادي عالمي، وسوف تفرض الدول على سياساتها الاقتصادية مزيدا من القيود لعدم المجازفة في الدخول باستثمارات غير مضمونة.
على المستوى الدولي ونتيجة التوسع التقني سوف تنشأ ظواهر عالمية في أجزاء كثيرة من العالم ففي أمريكا والشرق الأوسط سيعاد تعريف القوميات، فالعولمة التقنية ستعيد تعريف القوميات المحلية وقد لا تكون القومية الأمريكية محصورة على الأمريكي وحده، أما الشرق الأوسط فسوف يعاد تعريف قوميتة من جديد، وخاصة مع بداية الانفتاح على إسرائيل من قبل الدول الشرق أوسطية، فهذا الانفتاح سوف يغير من مفهوم القوميات، ويعيد تشكيلها في إطار تقني سوف ينتج التعريفات المناسبة لطبيعة العلاقة المفعمة بالقوميات بين دول منطقة مثل الشرق الأوسط.
أخيراً وعبر التطورات التي حدثت في أمريكا خلال السنوات الأربع الماضية، سوف تدخل الولايات المتحدة في مرحلة جديدة ومختلفة وجذرية، سوف تؤدي إلى أن يقوم الرئيس الجديد بتغييرات جذرية في صلب التقاليد الأمريكية، ومن المحتمل أن تشهد الولايات المتحدة تغييرات مهمة على الدستور الذي بناه الأجداد، فالشعب الأمريكي الذي تتزاحم فيه الأقليات والأعراق التي تنمو بسرعة هائلة، يتطلب تغييرات سوف تعيد تشكيل أمريكا التي تقف أمام تحد كبير في اختبار مرونتها وديمقراطيتها فإما القدرة على التحول والتغير أو مواجهة الانكسار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة