محمد حسن الألفي: "المبدول" رواية فارقة حطمت ثوابت كثيرة
يشارك الكاتب والأديب المصري محمد حسن الألفي في فعاليات معرض القاهرة للكتاب 2023 بأحدث رواياته "المبدول"، بجانب عدد من أعماله الأدبية.
الرواية تدور أحداثها بين الأرض والسماء في أجواء من الخيال الواقعي الذي يشهد إسقاطا غير مباشر على محنة كاتب كبير في البحث عن اليقين وعن الله وعن سر الوجود، وقد قدم المؤلف كل ذلك في تجربة تمزج بين السرد والوصف والسيناريو.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الأديب محمد حسن الألفي، تحدث خلاله عن كواليس رواية "المبدول" ونقاط تميزها، وعرج على مشاركته في معرض القاهرة الدولي للكتاب وتقييمه للنسخة الـ54 من الحدث الثقافي، كما تطرق إلى الكتابات الأدبية على الساحة المصرية حاليا.
والألفي كاتب صحفي وأديب، شغل منصب المستشار الإعلامي لوزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، ويحاضر في عدد من الجامعات المصرية الخاصة في الترجمة الإعلامية والصحفية.
بدأ الألفي العمل الصحفي في مجلة "روزاليوسف"، وشغل منصب رئيس تحرير صحيفتي "الميدان" و"الوطني"، ورئيس التحرير التنفيذي للعدد الأسبوعي لصحيفة "نهضة مصر"، ومن مؤسسي مجلة "كل الناس" وصحيفة "العالم اليوم".
وإلى نص الحوار:
* كم عدد الأعمال التي تشارك بها في معرض القاهرة للكتاب 2023؟
أشارك في المعرض للمرة الثالثة بنحو 9 أعمال، جميعها روايات باستثناء كتاب بحثي بعنوان "كيف تقرأ وجوه الناس وتعرف أسرارهم" نشرته دار "هلا" للنشر والتوزيع في عام 2017، وكتاب آخر مترجم هو "سيطر على حياتك".
* ما هي أبرز تلك الروايات؟
أشارك بـ7 روايات تصطف على أرفف أكثر من دار نشر، بينها: غزل الهوانم، فتاة الأفيون، المرأة التركوازية، أنثى المطر، نوم العازب، ساعة الحظ، وآخرها العمل الكبير "المبدول".
* لماذا وصفت "المبدول" بالعمل الكبير؟
لأن هذه الرواية أجهدتني وأصابتني بالإرهاق والتعب أكثر ما أخذت مني من وقت وساعات وأيام، وذلك لتسجيل الصورة الذهنية التي كنت أراها وأحاول نقلها للقارئ.
وهذه الرواية بدأت أكتبها قبل ظهور فيروس كورونا ووقتها كتبت نحو 8 آلاف كلمة، وفي كل مرة أعيد كتابة وتعديل هذه الكلمات أشعر بإرهاق شديد جدا؛ لصعوبة الموضوع وقسوته والعوالم التي اقتحمتها سواء تحت الأرض أو فوقها أو في السماء ومحاولة البحث عن إجابات وجودية لحقيقة الحياة والخير والشر.
وقد تركت هذه الرواية جانبا أكثر من عامين ونصف، وفي مايو/ آيار 2022 شعرت بالرغبة في الكتابة، وبالفعل دخلت في حالة اعتكاف في مكتبي وكتبت نحو 37 ألف كلمة أخرى وأكملتها في 30 يوما.
وفي هذه الرواية تركت عقلي وخيالي وأفكاري وحطمت ثوابت كثيرة في الكتابة والتفكير والصور الأدبية، وتركت نفسي لأسجل ما أراه واستشعره فقط.
وأشعر بأن هذه الرواية ستكون فارقة في تاريخي الأدبي وأرجو أن تكون كذلك، لأن هذه الرواية لم أكتبها بل رأيتها أو بالأحرى أشعر كأنها أمليت علي، وما يميزها هو أنها تجمع في بنائها بين الرواية والسيناريو.
* هل ما سبق هو مجمل أعمالك الأدبية؟
لا أصدرت نحو 22 مؤلفا، فضلا عن كتب مترجمة ومسرحيات ودراسات ومقالات كتبتها في العديد من الصحف، وحاليا تحت الطبع هناك 3 أعمال مسرحية جديدة.
* حدثنا عن كتاباتك المسرحية؟
أول أعمالي المسرحية هو "نساء السعادة" التي كتبتها في عام 2008 وكانت معارضة سياسية للحكومة، وعرضت على مسرح السلام في عام 2009 واستمر العرض 6 أشهر، من إخراج شيخ المخرجين الراحل حسن عبدالسلام، وبطولة وفاء عامر وأحمد وفيق.
ثم مسرحية "ليلة سودة" وكتبتها يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2010 وتنبأت فيها بأحداث 25 يناير/ كانون الثاني وتجسد حقيقة وسلوكيات مسؤول كبير في تلك الفترة الزمنية.
وأخيرا مسرحية "القفص" التي كتبتها في أثناء محاكمة الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، وجسدت خلالها فكرة أن الرئيس الأسبق ليس وحده داخل القفص ولكن الشعب المصري بأكمله، والذي كان يأكل بعضه البعض ويلوث سمعته ويشوهها، وهذا لا يزال قائما لأن كثيرين لا يزالون في حالة اشتباك سياسي ولفظي واجتماعي ويدوي، حتى نوعية الجرائم في مصر اختلفت وسيطر العنف بشكل لا يتخيله أحد.
* بخلاف المسرح، هل كتبت لأنواع أخرى من الوسائط؟
نعم، كتبت للتلفزيون مسلسلا عنوانه "ليل الثعالب" وعرض في عام 2008، إخراج محمد فاضل وبطولة فاروق الفيشاوي وفردوس عبدالحميد، وتنبأت فيه بما شهدت مصر أثناء انهيار "صخرة الدويقة"، حيث كانت تدور أحداثه بين الدويقة والمهندسين.
* هل تختلف الكتابة للمسرح والتلفزيون عن الكتابة الأدبية؟
كل الكتابات تشترك في أنها "دراما" لكن القالب هو المختلف بينها، وأعتقد أنني تأخرت كثيرا في الكتابة للسينما والتلفزيون لرفضي للشكل التقليدي أو القالب التقليدي للسيناريو والذي يتضمن الوصف على اليمين والحوار على اليسار.
وفي مرحلة ما شعرت أني أرغب في عبور هذا العائق النفسي، وبتشجيع من الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة وصديقي الكاتب الكبير الراحل يسري الجندي كتبت للتلفزيون، لكن الكتابة للتلفزيون والسينما تتضمن مجهودا هندسيا مضافا إلى التفكير الدرامي.
* ما أقرب أعمالك إلى قلبك؟ ولماذا؟
رواية "المبدول" أسرتني رغم أني كتبت رواية كبيرة أخرى بعنوان "غزل الهوانم" في عام 1997 عن السياسة والإرهاب وعلاقتهما ببعض، وأيضا "فتاة الأفيون" التي تتناول قضية الإرهاب وبطش السلطة البوليسية آنذاك، ورشحت للمركز الأول لجائزة كتارا.
* هل هي الوحيدة التي رشحت لجائزة؟
بالطبع لا، "فتاة الأفيون" رشحت للمركز الأول في مسابقة كتارا، لكن هناك روايات ومقالات غيرها حصلت على جوائز، بينها جائزة إحسان عبدالقدوس في الرواية والقصة القصيرة بتوقيع أديب نوبل نجيب محفوظ، وأيضا حصلت على جائزة الصحافة المصرية عن حملة "عالم اللحم الرخيص" والتي تحولت إلى فيلم "لحم رخيص".
* هل تغلب الكتابة السياسية على أعمالك الأدبية؟
ليس دائما، صحيح أن البعد السياسي موجود في أغلب أعمالي لكن في النهاية لا أقدم سياسة بحتة ولكن أقدمها في إطار اجتماعي وعاطفي، واهتمامي بالجانب السياسي ينبع من كوني في "المطبخ السياسي" وكاتب سياسي، وفي النهاية حياتنا كلها سياسة.
* إذن، ما تقييمك للأدب السياسي المصري والكتابات الموجودة على الساحة؟
لا أرى حاليا أن هناك "أدب سياسي"، وكل الأدب الموجود في مصر الآن يندرج تحت تصنيف "أدب الرعب"، أو على الأقل لم أتابع صدور أدب سياسي ممتع يجذبني للبحث عنه.
* ما سبب سيطرة "الرعب" على الساحة الأدبية في مصر حاليا؟
هذه فترات في حياة الشعوب، فمثلا في الفترة من 2000 حتى 2008 سيطرت الرواية العاطفية على الساحة الأدبية في مصر، لكن بعدها ومع ظهور الراحل أحمد خالد توفيق وأحمد مراد ومحمد صادق وغيرهم وكتابتهم بلغة تقريرية وتصويرية سريعة ومباشرة وجميلة، اجتذبوا قطاعا كبيرا جدا من الشباب لكتاباتهم التي يغلب عليها الرعب، لكن في رأيي أن هذه الطريقة في الكتابة لا تبقي أثرا وهي متعة قصيرة العمر.
ومن يزور معرض القاهرة الدولي الكتاب 2023 سيجد أن أغلب المعروض أدب رعب بعناوين وأسماء غرائبية.
* بالعودة للحديث عن معرض القاهرة، كيف ترى النسخة الـ54 من الحدث؟
"القاهرة للكتاب" معرض مهم وصنف بالفعل في عام 2006 باعتباره ثاني أهم معرض دولي للكتاب بعد معرض فرانكفورت الألماني، وهذا العام تميز بالزخم الجماهيري حيث بلغت طوابير الدخول للمعرض عدة كيلومترات وهذا العدد الضخم يجعل الإنسان يتفاءل.
* لماذا؟
لأنه يؤكد أن الكتاب المطبوع لا يزال يتمتع بسحر خاص، وأنه لم ولن يندثر بل يتكامل مع باقي وسائل النشر الإلكتروني وغيرها.
aXA6IDMuMTQuMTQ1LjE2NyA=
جزيرة ام اند امز