الأثرية رضوى زكي لـ"العين الإخبارية": "قاهرة المماليك" يقدم تاريخا موازيا عن حقبة لم تعالج (حوار)
تغرد الباحثة والأثرية المصرية رضوى زكي خارج السرب بعدد من المؤلفات التي تطرح أفكارا مختلفة عن الثقافة المعمارية والحضارة الإسلامية في مصر.
الباحثة في الآثار والعمارة الإسلامية والمحبة للشواهد الحضارية التي تزخر بها الدولة المصرية، فتشت في كتب التاريخ وتتبعت أثر الحضارات التي دُشنت على أرض المحروسة، لتسجل رؤى جديدة لفترات وحقب مختلفة في تاريخ مصر وثقتها في 5 كتب مهمة.
الدكتورة رضوى زكي هي باحثة متخصصة في الحضارة والآثار الإسلامية، تشغل وظيفة كبير باحثين بمركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية، وحاصلة على درجة الدكتوراه في الآثار الإسلامية من جامعة الإسكندرية.
وتلقت تدريبا في مجال التراث الثقافي من جامعة Sapienza والمركز البحوث الوطني CNR بروما-إيطاليا، وفي التراث الإسلامي من معهد الدراسات العربية بغرناطة بإسبانيا، وكذلك من مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة ماربورج بألمانيا، وصدرت لها عدة مؤلفات وبحوث مُحّكمة ومقالات وحازت عدة تكريمات وجوائز.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الأثرية رضوى زكي للحديث عن مؤلفاتها، خاصة أحدث كتبها "قاهرة المماليك"، وإلى نص الحوار:
لا يقتصر حضورك في معارض الكتب كمؤلفة فقط، أليس كذلك؟
نعم، أشارك منذ عام 2018 في معرضي القاهرة الدولي للكتاب والإسكندرية الدولي للكتاب كمؤلفة يعرض لي عدة كتب عن الآثار والحضارة الإسلامية، وأيضا متحدثة في ندوات البرنامج الثقافي التابع للمعرضين.
كم عدد مؤلفاتك المطبوعة حتى الآن؟
أصدرت 5 كتب من تأليفي، إضافة إلى كتاب من جزأين شاركت في تحريره مع أستاذ الآثار الإسلامية الدكتور محمد الجمل، بعنوان "مقالات في الآثار والحضارة الإسلامية للأثري حسن عبدالوهاب" الصادر عن مركز دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية، واستغرق تحرير هذا الكتاب أكثر من ٣ سنوات.
ما الذي يتناوله هذا الكتاب؟
الكتاب يضم تراث أحد رواد دراسات الحضارة الإسلامية في مصر، وهو الأثري العظيم حسن عبدالوهاب، الذي أعتقد أنه لا يوجد دارس في الحضارة أو الآثار الإسلامية في مصر حاليا إلا وقد عاد لأحد مقالته في يوم من الأيام.
ومن خلال مشروع نشر تراثه ومقالاته حاولنا قدر المستطاع جمع جهوده على مدار سنوات طويلة في هيئة كتاب مكون من جزأين، والكتاب متوفر بجناح مكتبة الإسكندرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو على رأس الكتب الأكثر مبيعا في المعرض حتى الآن.
نعود لمؤلفاتك المطبوعة.. هل يمكن أن تحدثينا عنها في نبذة مختصرة؟
أول أعمالي المطبوعة كان كتاب "إحياء علوم الإسكندرية من اليونانية إلى العربية"، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة أواخر عام 2017، ويتناول أضواء تاريخية عن مدرسة الإسكندرية في العصور المختلفة ومآثرها في مختلف العلوم، وما انتقل من مكتبة الإسكندرية من علوم إلى مكتبة بغداد، إلى أن جُمعت بقية المخطوطات القديمة في مكتبة الإسكندرية.
ثم أصدرت كتاب "إرث الحجر: سيرة الآثار المنقولة في عمارة القاهرة الإسلامية" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، ويتحدث عن مجال فلسفة العمارة الإسلامية من حيث الموضوع والمحتوى، ويلقي الضوء على تراث العمارة الإسلامية بالقاهرة من منظور أنثروبولوجي.
بعد ذلك أصدرت كتاب "العناصر المعمارية الفرعونية المستخدمة في آثار القاهرة الإسلامية" عن دار بتانة، وتحدث عن كيفية استخدام الآثار الفرعونية بالتحديد في العمارة الإسلامية، والكتابان الأخيران حققا صدى واسع الانتشار.
ثم أصدرت كتاب "مصريات عربية: حكايات وملامح من تراث مصر العربية" عن دار نهضة مصر في عام 2020، وهو عمل يختلف عن الدراسات السابقة في كونه يتحدث عن طابع الحضارة العربية في مصر، ويطرح فكرة أن علم المصريات ليس بالضرورة يرتبط بمصر القديمة فقط بل يشمل عصورا أخرى مثل العصور الإسلامية في مصر.
وأخيرا، صدر لي كتاب "قاهرة المماليك: من العمارة الإسلامية إلى البحث عن هوية وطنية مصرية" عن دار نهضة مصر لعام 2023، ويتحدث عن العمارة الإسلامية المملوكية بالتحديد بعد انقضاء حكم المماليك، أي من أول حقبة العثمانيين وحتى فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والسبب في اختيار هذه الحقبة التاريخية أنها لم تعالج بشكل جيد في الكتب، وهذا الكتاب يقدم تاريخا موازيا ومختلفا نتتبعه من خلال العمارة الإسلامية المملوكية.
ما أقرب أعمالك إلى قلبك؟.. ولماذا؟
جميعها أشعر كأنها أولادي، لكن كتاب "إحياء علوم الإسكندرية" باعتباره عملي الأول يحمل مكانة خاصة داخلي، وأيضا "إرث الحجر" لأنه كتاب معدل من رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها، ولأنه أول كتاب أحصل على جائزة عنه، فضلا عن كونه أحدث صدى كبيرا.
هل رُشحت أعمالك لجوائز مصرية وعربية؟
أجل، البداية كانت بترشيح كتابي "إحياء علوم الإسكندرية" في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد– فرع المؤلف الشاب لعام 2018، لكن أول تكريم لي كان بفوز كتابي "إرث الحجر: سيرة الآثار المنقولة في عمارة القاهرة الإسلامية" بجائزة أفضل كتاب في مجال الفنون في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2020، كما حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية- فرع التاريخ لعام 2021 عن كتاب "مصريات عربية: حكايات وملامح من تراث مصر العربية".
لماذا تخصصتِ في الكتابات الأثرية والتاريخية؟
أنا أحب مجال الآثار بشكل عام، لكن أكثر ما يلفت انتباهي ويدفعني للكتابة في موضوع معين هو فكرة التفاعل الذي يحدث بين حقبتين من خلال التراث، فمثلا كتاب "إحياء علوم الإسكندرية" ليس له علاقة بالآثار، بل يتحدث عن التفاعل الثقافي الذي حدث بين مصر في الفترتين اليونانية والإسلامية.
أيضا عندما تطرقت لفكرة العمارة الإسلامية ناقشت تفاعلها مع حقب أقدم أو أحدث، وهذا ما يلفت انتباهي أن مصر تتميز بمكون العمارة الإسلامية ويدفعني للبحث وراء قصصها.
العمارة الإسلامية في عيون الدراما والفن.. هل عرضت بشكل صحيح أم هناك مغالطات؟
أعتقد أن هناك جانبين، الأول إيجابي وهو الأكبر ويتعلق باتساع رقعة الأعمال الدرامية التي تتطرق للجانب التاريخي أو تكون برمتها عملا تاريخيا مقارنة بالسابق، وهذا نتاج الروايات التاريخية التي شهدت خلال السنوات العشر الأخيرة ازدهارا ملحوظا.
أما الجانب السلبي فيكمن في الاهتمام بالبناء الدرامي المشوق على حساب المعلومات التاريخية الصحيحة، ونأمل أن يتم معالجة هذه الجزئية الفترة المقبلة.
لماذا تحرصين على المشاركة في معرض القاهرة للكتاب؟
المعرض يمثل تاريخ مصر الثقافي وهو معلم من معالم الثقافة في الدولة، ونحن نتحدث عن الدورة رقم 54 من عمره أي 54 عاما من الثقافة والتنوير، فضلا عن وزنه عربيا وإقليميا وتصدره قائمة أهم معارض الكتب في المنطقة.
كما أنه تحول من مكان يعرض الكتب لاحتفالية تحتفي بالثقافة والكتاب، ومن يزوره لا يكون غرضه شراء المؤلفات فقط لكن أيضا التعرف على الأنشطة العديدة التي يوفرها والاستمتاع بها، سواء أنشطة للأطفال أو أنشطة فنية وتعليمية وندوات وغيرها.
وكمؤلف، يمثل المعرض لي حدثا مهما، فمن خلاله أقدم نفسي للقراء، سواء المصريين أو العرب، حيث يشهد هذا الحدث وجود دور نشر عربية، وأعتقد أن كل كاتب يتمنى المشاركة في المعرض الذي يشهد تنافسية كبيرة بين المؤلفين، لأن المشاركة أمر يشرف به.
هل رأيتِ إقبالا على شراء الكتب التاريخية والأثرية في معارض الكتب؟
بالطبع هناك أشخاص يرغبون في قراءة الكتب التاريخية والأثرية لأنها تتمتع بـ"الموثوقية"، بمعنى أنهم يفضلون القراءة لشخص متخصص في هذا المجال لتأكدهم من اعتماده على مصادر ومراجع ولن يشكوا لوهلة أن هناك اختلاق.
وأعتقد أن دائما يكون المدخل الأدب وليس الكتب، أي أن الناس تقرأ رواية تاريخية وتتعرف على جانب من هذا المجال ثم تتحول لشراء كتب تاريخية وليس روايات.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA=
جزيرة ام اند امز