دعوات تغيير النظام السياسي في تونس.. ميدان جديد لعزل الإخوان
للاتحاد العام التونسي للشغل دعا لإجراء استفتاء حول طبيعة النظام السياسي في البلاد.
بعد خمسة سنوات من العمل تحت النظام البرلماني أطلق اليوم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي دعوة رسمية لإجراء استفتاء حول طبيعة النظام السياسي في تونس الذي شكله دستور 27يناير/كانون الأول 2014.
ويقوم دستور 2014 في مضامينه على إعطاء صلاحيات واسعة للبرلمان في تشكيل الحكومات وطريقة منحها الثقة، مع حصر صلاحيات رئاسة الجمهورية في ملفات الدفاع والخارجية والأمن القومي.
وأرجع الطبوبي في تصريحات إعلامية دعوته لمراجعة النظام البرلماني إلى وجود أزمة سياسية حادة تعيشها البلاد، مع تنامي الصراعات بين مختلف مكونات المشهد، والتي لم تنتج سوى مزيدًا من التطاحن السياسي على حد تعبيره.
والتحق بهذه الدعوة التي تثير حفيظة الإخوان وتسحب منهم البساط سياسيا ومعنويا، كل من حزب "مشروع تونس" و"الحزب الدستوري الحر".
عريضة شعبية بتونس تطالب بالتحقيق في ثروة الغنوشي
وأكد محسن مرزوق الأمين العام لحزب مشروع تونس في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه من الضروري الذهاب إلى جمهورية ثالثة تقطع مع النظام السياسي الحالي.
ووصف النظام الذي يحكم تونس بنظام "المحاصصة الحزبية" الذي لم يخلق استقرارا سياسيا وتسبب في عديد الأزمات الاقتصادية.
كما جاءت هذه الدعوة بعد لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد مع كامل أعضاء المكتب المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل، وهو ما أثار "انزعاج" حركة النهضة الإخوانية التي اعتبرته جبهة سياسية جديدة تتشكل ضدها.
ويرى العديد من المتابعين أن أهمية المناداة بتغيير النظام السياسي تكمن في أنها صادرة من أكبر منظمة نقابية في البلاد الذي يضم مليون منخرط، كما أنه يمثل أكبر ثقل سياسي هام في تونس منذ تأسيسه سنة 1946، وحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2015.
وتقول الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة إن تصريحات الطبوبي التي تلتقي مع إرادة الرئيس التونسي قيس سعيد في تغيير النظام السياسي، هي مسألة تزيد في عزلة حركة النهضة الإخوانية (المناصرة للنظام البرلماني).
وكان قيس سعيد قد وصف في خطابه بالجنوب التونسي النظام السياسي البرلماني بنظام المافيات التي يصنع الفساد السياسي، كما أنه وصف راشد الغنوشي وحزبه بـ"الخائنين للأمانة".
و تابعت بن قمرة إن "التقاء إرادة قيس سعيد المنتخب من قبل 3مليون تونسي بإرادة اتحاد الشغل صاحب الثقل الشعبي و العمالي سيضع حركة النهضة في موقع الأقلية التي ستفقد وزنها السياسي و أمام حتمية القبول بتغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي".
و رغم أن اتحاد الشغل لم يكشف عن هوية النظام السياسي الذي يدافع عنه، إلا أن العديد من المصادر النقابية المقربة من المكتب التنفيذي للاتحاد تؤكد مناصرتها للنظام الرئاسي.
نظام برلماني هجين
واعتبر أستاذ القانون الدستوري محمد حافظ سلطاني أن النظام البرلماني الذي يحكم تونس في صيغته الحالية لا يخدم إلا حركة النهضة الإخوانية التي تخشى وجود رئيس "قوي" وذو صلاحيات واسعة يستطيع فضح ممارساتها الإجرامية على حد تأكيده.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه من غير المعقول أن تكون حركة النهضة، المنتخبة بـ400 ألف صوت فقط من مجموع 5 ملايين ناخب هي المتحكم في اللعبة البرلمانية والسياسية، مؤكدا أن تغيير النظام السياسي سيقلص من حجم الإخوان و سيزيد في عزلتهم سياسيًا.
وقال إن التنظيم الإخواني يراهن على ضعف مؤسسة رئاسة الجمهورية من أجل تمرير أجنداتها، وقد عجز، على حد رأيه، من اختراق قصر قرطاج في عهد الرئيس قيس سعيد.
مسار التغيير
من جهته يرى الناشط النقابي معتز الفرشيشي أن دعوة الطبوبي للاستفتاء تنطلق من الوعي بحدة الأزمة السياسية التي تسببت فيها حركة النهضة الإخوانية وأجنحتها المتطرفة، واستغلالها لهشاشة النظام السياسي من تكوين أجهزة سرية داخل البرلمان.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن اتحاد الشغل قاد عملية "الحوار الوطني" عام 2013 باقتدار سياسي، و هو قادر على توحيد جهوده مع قيس سعيد لتغيير النظام السياسي وإغلاق المنافذ أمام محاولات التمدد الإخواني تونس.
وأوضح أن المنظمة النقابية تواجه حملات تشويه مجانية تقودها من وراء الستار حركة النهضة وذلك من أجل ترهيب قيادات الاتحاد.