معسكرات ومراكز تجسس.. تفاصيل استيلاء إيران على أراض ببغداد
مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية كشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل منح مدير مكتب رئيس الوزراء أراضي واستثمارات لكتائب حزب الله
معسكرات ومراكز تجسس واستثمارات تنفذها شركات تابعة للحرس الثوري الايراني في مواقع استراتيجية استولت عليها مليشيا كتائب حزب الله العراق من خلال الحكومة العراقية، هذا هو المشهد في المنطقة الخضراء وسط بغداد التي تحتضن المقار الرئيسية للحكومة العراقية والبعثات الدبلوماسية الدولية.
ونفى مكتب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي في بيان، الأربعاء، منحه قطع أراضي لمليشيات كتائب حزب الله العراق في المنطقة الخضراء، وأضاف البيان أن "مكتب رئيس الوزراء لا يمتلك أية صلاحيات قانونية تخوله تمليك أي قطعة أرض سواء للاستثمار أو لأي غرض آخر وفي أي مكان".
استثمارات كتائب حزب الله
كشف مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية لـ"العين الإخبارية" أن "قيس العامري مدير مكتب رئيس الوزراء بالوكالة، المتزوج من شقيقة مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض، منح أراضي واستثمارات لكتائب حزب الله بأوامر من الحرس الثوري الايراني، أصدرها القيادي في مليشيا حزب الله اللبنانية محمد الكوثراني الذي يشرف على إدارة الملف العراق في الحرس، ويدير في الوقت نفسه العمليات المالية الخاصة بالحرس، وحزب الله اللبناني بين العراق وسوريا ولبنان وإيران واليمن".
وتابع المسؤول، أن كتائب حزب الله العراق هي المشرفة على تنفيذ مشاريع استثمارية من فنادق ومطاعم ومراكز تسوق ومتنزهات ومراكز خاصة بشركات أمنية ومخازن سلاح ومراكز تجسس ومعسكر كبير لفيلق القدس والمليشيات الايرانية في المنطقة الخضراء وسط بغداد وخارج هذه المنطقة أيضا وجميعها أنشئت وتنشأ بأموال العراق.
وأوضح المسؤول العراقي أن "أبو فدك المحمداوي المعروف بـ"الخال" زعيم كتائب حزب الله العراق الذي يتزعم رئاسة أركان مليشيات الحشد الشعبي، والمسؤول المالي للمليشيا باسم الماجدي يشرفان بشكل مباشر على عمليات الاستيلاء على هذه الأراضي والعقارات داخل المنطقة الخضراء وخارجها، وهي عقارات تابعة للحكومة بالتنسيق مع قيس العامري الذي فرضه فالح الفياض وحزب الله على الحكومة العراقية كمدير لمكتب رئيس الوزراء".
وأشار المسؤول إلى أن واردات المشاريع المقامة على هذه الأراضي تقدر بملايين الدولارات توزع بين الحرس الثوري ومليشيات حزب الله اللبنانية وكتائب حزب الله العراق وعصائب أهل الحق والنجباء وبدر وفالح الفياض، حيث تذهب 80 ٪ من الواردات للحرس الثوري، فيما تقسم النسبة المتبقية على الآخرين التي تكون فيها حصة الأسد لحزب الله اللبناني.
وبحسب معلومات المسؤول في رئاسة الوزراء "منح قيس العامري قطعة أرض تبلغ مساحتها ٢٠ دونما لكتائب حزب الله، وتقع أمام دار الضيافة الخاص برئيس الوزراء العراقي في المنطقة الخضراء أي بين السفارتين الأمريكية والبريطانية، ومنحها قطعة ثانية بمساحة ٥ دونمات استقطعت من ساحة الاحتفالات بالقرب من السفارة التركية".
ولم يتوقف العامري عند هذا، بل باع مبنى البيت الصيني الذي تمتلكه المخابرات العراقية في شارع الأميرات خارج المنطقة الخضراء لحزب الله مقابل ١٠٠ دولار أمريكي عن كل متر مربع واحد، في حين يبلغ سعر المتر المربع الواحد في تلك المنطقة نحو ألفي دولار.
وتعتبر هذه المساحات التي استولت عليها مليشيات كتائب حزب الله العراق ضمن مجموعة من العقارات ذات المواقع الاستراتيجية والتجارية المهمة، وتبلغ عددها بحسب المعلومات التي حصلت عليها "العين الإخبارية" أكثر من ٢٠ موقعا تقع غالبيتها في المنطقة الخضراء، وتحتضن حاليا مراكز واستثمارات تابعة لهذه المليشيات ولفيلق القدس الإيراني.
وقال المسؤول العراقي، "شكلت لجنة تحقيق في مكتب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي برئاسة عبدالحسين الهنين مستشار رئيس الوزراء، وعضوية المستشارين في رئاسة الوزراء نوري البدوي، ومحمد عبد الهادي الحكيم، لإخفاء الفضيحة التي أخذت طابعا دوليا وبعدا أمنيا وسياسيا، وبدأت قوة خاصة من حزب الله والأمن الوطني العراقي في إخفاء كافة الوثائق الخاصة بالملف والتحقيق مع عدد من الموظفين في مجلس الوزراء بتهمة تسريب المعلومات عن الموضوع للجهات الأجنبية".
المليشيات والمنطقة الخضراء
وكشف مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق وإيران في تغريدة نشرها على صفحته في تويتر، الثلاثاء الماضي، أن ٢٠٠ مسلحا من مسلحي مليشيا كتائب حزب الله استولوا على أرض فارغة في المنطقة الخضراء، وبدأوا في نصب خيم وإنشاء مقار مؤقتة".
وأشار نايتس، في تغريدة أخرى، إلى أن قوات تابعة لقيادة عمليات بغداد حاولت منع عناصر حزب الله من الاستيلاء على هذا الموقع الاستراتيجي الذي سيمنح المليشيات مجال رؤية عالية جدا، وهي تقع قرب مبنى البرلمان وأمام مبنى دار ضيافة رئيس الوزراء بين السفارتين الأمريكية والبريطانية.
وضمن ردود الأفعال التي أثارها استيلاء مليشيات كتائب حزب الله على مساحات واسعة من الأراضي والعقارات في المنطقة الخضراء، أكد النائب السابق لرئيس الوزراء العراقي بهاء الأعرجي في تغريدة على صفحته في تويتر أن "علامات اللادولة بدأت في العراق وهي متمثلة في الانهيار الاقتصادي والمالي، وآخرها الأمني بعد سيطرة أحد الفصائل على موقع مهم في المنطقة الدولية، كل ذلك من مسؤولية الأحزاب التي تُجامل بعضها البعض على حساب الدولة!".
في غضون ذلك، أردفت المختصة بالشأن العراقي شذى العبيدي لـ"العين الإخبارية" بالقول "مليشيا كتائب حزب الله العراق تنفذ تجربة مليشيا حزب الله اللبنانية في العراق، فهي تستولى على الأراضي والأموال وتحول العراق إلى مستعمرة إيرانية كاملة، بالاستيلاء على هذه الأراضي في المنطقة الخضراء وإنشاء استثمارات ومعسكرات عليها خطط له في عهد الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق الذي قتل في غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي".
وأضافت العبيدي: "الغاية من الاستيلاء على هذه الأراضي والعقارات هي الحصول على تمويل مالي للحرس الثوري ومليشياته، إضافة إلى اتخاذ هذه الاستثمارات والمعسكرات مراكز مراقبة وتجسس على المسؤولين العراقيين والسياسيين والشخصيات المناهضة لإيران ومليشياتها وإدارة المشروع الإرهابي الإيراني في العراق والمنطقة، وعلى البعثات الدولية في العراق وجعل مقار البعثات الدبلوماسية تحت رحمة هذه المليشيات"، معتبرة استيلاء إيران ومليشياتها على مواقع استراتيجية في العراق خطرا على الأمن القومي العراقي والدولي.