انتخابات الجزائر.. 5 مرشحين وسط دعوات للمقاطعة وتحذيرات من الجيش
الجزائريون ينتخبون، الخميس، الرئيس الثامن للبلاد في انتخابات يتنافس فيها 5 مرشحين وتعد الأولى منذ استقالة عبدالعزيز بوتفليقة.
ينتخب الجزائريون، الخميس، الرئيس الثامن للبلاد في انتخابات يتنافس فيها 5 مرشحين، وتعد الأولى منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أبريل/نيسان الماضي.
وتأتي الانتخابات وسط انقسام غير مسبوق بين مؤيد ومعارض لإجرائها ومآلات مبهمة حول نتيجتها.
- البدو الرحل "ينعشون" نسب تصويت "الرئاسة" الجزائرية
- سلطة الانتخابات بالجزائر تفضح استفتاء مزعوما لأنصار مرشح إخواني
ويتوجه أكثر من 24 مليون جزائري، صباح الغد، إلى صناديق الاقتراع لاختيار واحد من المرشحين بعد 8 أشهر من استقالة بوتفليقة جراء الاحتجاجات التي اندلعت في فبراير/شباط وطالبت بالإطاحة به ورموز حكمه.
5 مرشحين
ويخوض الانتخابات 5 مرشحين هم: عبدالمجيد تبون (74 عاما) ورشح نفسه مستقلا رغم انتمائه سياسيا إلى حزب "جبهة التحرير" الحاكم وسبق له تولي رئاسة الحكومة من مايو/أيار إلى أغسطس/آب 2017.
والمرشح الثاني هو علي بن فليس (75 عاما) رئيس حزب "طلائع الحريات" المعارض الذي انشق عن الحزب الحاكم سنة 2014، وتولى رئاسة الحكومة الجزائرية من 2000 إلى 2003.
أما المرشح الثالث فهو عز الدين ميهوبي (60 عاما) الأمين العام بالنيابة لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" ووزير الثقافة الأسبق من 2015 إلى 2019.
كما يخوض المنافسة عبدالعزيز بلعيد (56 عاما) رئيس حزب "جبهة المستقبل" الذي انشق عن الحزب الحاكم في 2012 وتولى رئاسة "الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية" أكبر منظمة طلابية في الجزائر تنتمي إلى حزب "جبهة التحرير" الحاكم.
وخامس المرشحين الإخواني عبدالقادر بن قرينة (57 عاما) رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء" المنسق عام 2012 عن حركة "مجتمع السلم الإخوانية" ووزير السياحة الأسبق من 1997 إلى 1999.
ويرفض هذه الانتخابات المتظاهرون في الحراك السلمي، بينما تدعمها قيادة أركان الجيش، وتقول الحكومة إنها الحل الوحيد الذي يكرس الخيار الدستوري، للخروج من أزمة الفراغ السياسي المؤسساتي منذ استقالة بوتفليقة.
الصمت الانتخابي
واختتم المرشحون، الأحد الماضي، الحملة الانتخابية بعد 21 يوما من الوعود الانتخابية وسط عزوف شعبي من غالبية المرشحين.
وفي اليوم التالي، دخلت البلاد مرحلة الصمت الانتخابي الذي يحظر فيه على المرشحين الإدلاء بأي تصريحات أو تنظيم تجمعات شعبية.
مشاركة ضعيفة
والسبت الماضي، شرعت الجالية الجزائرية المقيمة بالمهجر في التصويت لاختيار خليفة بوتفليقة على مستوى البعثات الدبلوماسية والقنصليات بالخارج على مدار أسبوع كامل.
ووفق السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر فإن عدد الناخبين بالخارج 914 ألفا و308 ناخبين على مستوى المراكز الدبلوماسية خارج البلاد.
وذكر عدد من أفراد الجالية الجزائرية المقيمين في أوروبا لـ"العين الإخبارية"، أن الأيام الأولى من التصويت شهدت نسب مشاركة متفاوتة غالبها ضعيفة، خاصة في فرنسا التي يوجد بها أكبر عدد من الناخبين الجزائريين بأكثر من 760 ألف ناخب مسجل.
انقسام غير مسبوق
وعلى عكس كل الاستحقاقات السابقة غير معروف مدى إمكانية حسم الانتخابات من أول مرحلة أم ستتجه نحو الإعادة، فلم يسبق أن عاشت الجزائر جدلا واسعا على انتخابات رئاسية كما يحدث مؤخرا حول الانتخابات المزمع إجراؤها غدا بين رافض ومشكك في الضمانات ومؤيد لها.
وانقسم الجزائريون بين معسكرين؛ الأول تمثله شريحة كبيرة من الحراك الشعبي وشخصيات سياسية وحقوقية وبعض أحزاب المعارضة، ترى فيها "مشكلة في حد ذاتها وتعقيدا للأزمة الحالية وانتخابات مفروضة بسياسة الأمر الواقع، وإعادة لتدوير النظام السابق والتفافا على مطالب التغيير الجذري للنظام بسياساته ووجوهه".
أما المعسكر الثاني فيمثله أيضا جزء كبير من الجزائريين، بعضهم كان في الحراك الشعبي، ومنهم من ينظر إلى الموعد الانتخابي كـ"أفضل أنواع الحلول السيئة للأزمة السياسية".
والبعض يقول إن الحراك الشعبي حقق مطالب استثنائية أكبرها سجن أكثر النافذين في عهد بوتفليقة و"لا يمكن تحقيق بقية المطالب إلا بوجود رئيس شرعي وانتخاب أول رئيس غير مصنوع في مخابر الدولة العميقة"، وطرف آخر منهم "يتوجس من تجارب بلادهم السابقة مع حالات الفراغ والمراحل الانتقالية، ولا يرون في الانتخابات إلا مخرجا من الأسوأ".
جهة أخرى من المعسكر ذاته، يمثلها مثقفون ومؤرخون، يحذرون من تبعات عودة جناحي الدولة العميقة إلى الحكم.
ويرجع هؤلاء أسباب الرفض الشعبي غير المسبوق للاستحقاق الانتخابي إلى "تغلغل الدولة العميقة وقدرتها الكبيرة على التأثير في الرأي العام من خلال سياسيين وإعلاميين ونشطاء في الداخل والخارج تم تكوينهم لمثل هذه الحالات التي تعتمد على استراتيجية الهجوم المعاكس، كواحدة من أوراق التفاوض غير المعلن مع صناع القرار الحاليين في الجزائر" كما يقولون.
دعوات للمقاطعة
والإثنين الماضي، دعت أحزاب سياسية ونقابات عمالية مستقلة وشخصيات عامة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية.
ووصفت، في بيان لها، الاستحقاق الرئاسي المقبل بـ"المهزلة".
ومن بين الموقعين على البيان، حزب جبهة القوى الاشتراكية أقدم حزب معارض في البلاد، وحزب العمال اليساري الذي تقضي زعيمته لويزة حنون عقوبة السجن بـ15 عاما بتهم فساد، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية العلماني، والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى شخصيات عامة، ومثقفين، وفنانين، وصحفيين، وجامعين.
مناظرة لم تحسم الجدل
وشهدت الجزائر، ليلة الجمعة، حدثا سياسيا غير مسبوق، تمثل في أول مناظرة رئاسية في تاريخ البلاد بشعار "الطريق إلى التغيير" بثت عبر وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، جمعت المرشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة التي ستُجرى غدا الخميس.
ووفق مراقبين فإن المناظرة التلفزيونية الأولى من نوعها التي جرت الجمعة الماضي، لم تتمكن من حسم المرشح الأكثر حظا بدخول قصر "المرادية" الجمهوري، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أهميتها في هذا الوقت، ومنح الاقتراع المقبل نوعا من المصداقية.
وأجمع المتابعون للانتخابات الرئاسية الجزائرية على أنها تشهد حالة غير مسبوقة في الاستحقاقات الانتخابية، بالنظر إلى تساوي حظوظ غالبية المرشحين، وصعوبة التكهن بهوية من يخلف بوتفليقة، عكس المواعيد السابقة التي كانت محسومة خاصة في عهد الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.
تحذيرات من التزوير
وحذرت السلطة المستقلة للانتخابات، الأحد، من بوادر تزوير بدأت تلوح في الأفق من جهات لم تسمها، وهددت باللجوء إلى العدالة والتطبيق الصارم للقانون، في وقت كشفت وسائل إعلام محلية عن تلقي بعض المحافظين تعليمات سرية من جهات تابعة للدولة العميقة لدعم واحد من المرشحين الذين يملكون عددا كبيرا من المنتخبين المحليين.
وفي تصريح لوسائل إعلام جزائرية، مساء السبت، كشف علي ذراع الناطق الإعلامي باسم السلطة المستقلة للانتخابات عن "ورود معلومات من جهات مختلفة إلى سلطة الانتخابات حول وجود نوايا تزوير ومحاولات تزوير" من قبل جهات لم يفصح عنها.
وهدد "ذراع" كل من يثبت تورطه في عمليات تزوير بـ"العدالة كما تحاكم العصابة اليوم"، في إشارة إلى رموز نظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.
الجيش يؤمن ولا يدعم أي طرف
وقبل يومين، أعلن قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، استعداد قواته لتأمين الانتخابات الرئاسية، محذرا من مغبة "استهداف الانتخابات".
وشدد صالح على أن انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل "سترسم معالم الدولة الجديدة التي لطالما تطلعت إليها أجيال المستقبل".
وأشار قائد الجيش الجزائري إلى أنه "ستكون محطة بالغة الأهمية في مسار بناء دولة الحق والقانون".
وجدد تحذيراته من محاولات استهداف الموعد الانتخابي بـ"التصدي لها بقوة القانون لكل من يحاول استهداف وتعكير صفو هذا اليوم الحاسم في مسيرة الجزائر".
وتعهد قائد الجيش الجزائري بعدم دعم أي مرشح في الانتخابات الرئاسية وأن الشعب هو صاحب القرار، وهو من يزكي الرئيس القادم عبر صناديق الاقتراع.
aXA6IDMuMTQuMTMyLjE3OCA= جزيرة ام اند امز