علماء يلتقطون أول بصمة مغناطيسية لنجم وليد

في إنجاز علمي جديد قد يفتح آفاقًا جديدة لفهمنا لكيفية تشكل الكواكب، تمكن فريق من الباحثين الفلكيين من "التنقيب" عن بصمات مغناطيسية حول نجم شاب باستخدام تقنية مبتكرة.
واستخدم العلماء مصفوفة أتاكاما الكبيرة للمليمترات/تحت المليمترات (ALMA)، الواقعة في صحراء شمال تشيلي، لدراسة القرص المكون من الغاز والغبار المحيط بنجم شاب يعرف بـ HD 142527، والذي يقع على بُعد 512 سنة ضوئية في اتجاه كوكبة الذئب.
وأظهرت النتائج التي نُشرت في مجلة "نيتشر أسترونومي" بتاريخ 5 فبراير 2025 أن الغبار المحيط بالنجم يمكن استخدامه لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد للبنية المغناطيسية التي تحيط بالنجم، وهو ما يعتبر بمثابة "بصمة مغناطيسية" تكشف دور الحقول المغناطيسية في تشكيل الكواكب.
وأوضح الباحثون في ورقتهم أن "الحقول المغناطيسية في الأقراص الكوكبية الأولية تلعب دورا مهما في تطورها وتكوين الكواكب". وأضافوا أن قياس الانبعاثات الحرارية المقطبية من الحبوب المتوافقة مغناطيسيا هو أسلوب موثوق لتتبع الحقول المغناطيسية.
لكن في الماضي، كانت هذه القياسات تواجه صعوبة بسبب الآليات الأخرى التي تؤثر على استقطاب الغبار، مما كان يعقد عملية قياس الحقول المغناطيسية في الأقراص الكوكبية.
كيف تنشأ النجوم والكواكب؟
وتتشكل النجوم الشابة أو ما يُعرف بـ "النجوم الأولية" عندما تنهار بقع كثيفة وباردة من الغاز والغبار في السحب البينجمية بفعل الجاذبية.
ومع ازدياد الكثافة والضغط، يبدأ النجم الأولي بجمع المزيد من المواد المحيطة به حتى يصل إلى درجات حرارة وضغوط كافية لتشغيل الاندماج النووي، وهي العملية التي تؤدي إلى ميلاد نجم شبيه بالشمس.
وحول هذا النجم الشاب، يبقى ما يشبه الشرنقة من الغاز والغبار، التي تتطور إلى قرص كوكبي أولي دوار، وفي هذه الظروف العاصفة، يُعتقد أن الكواكب تبدأ في التكون عندما تتصادم حبوب الغبار وتلتصق ببعضها البعض لتشكل تجمعات أكبر من المادة.
دور الحقول المغناطيسية في ولادة الكواكب
على الرغم من وجود العديد من القوى المؤثرة على الأقراص الكوكبية الأولية، فإن المغناطيسية تعتبر من أهم العوامل التي يعتقد العلماء أنها تلعب دورا حيويا في تشكيل الكواكب، ومع ذلك، لم يكن العلماء قادرين على قياس هذه الحقول المغناطيسية بشكل دقيق من قبل.
من خلال استخدام مصفوفة أتاكاما الكبيرة للمليمترات/تحت المليمترات (ALMA)، استطاع الفريق البحثي لأول مرة قياس استقطاب حبيبات الغبار في القرص المحيط بنجم HD 142527، وبالتالي قياس الحقل المغناطيسي الذي يمتد عبر هذه السحابة الكوكبية الأولى. وكما تفعل برادة الحديد عندما تتعرض لمغناطيس، اتجهت حبيبات الغبار في هذا السحاب الكوكبي نحو الخطوط المغناطيسية التي تخترقه.
ويُظهر تحليل البيانات أن قوة الحقل المغناطيسي حول هذا النجم الشاب تبلغ حوالي 0.3 ميليغاوس، وهو رقم ضئيل مقارنةً بالمغناطيسات المنزلية التي تبلغ قوتها حوالي 1,000,000 ميليغاوس، مما يجعل هذا الإنجاز العلمي أكثر إثارة.
ما أهمية هذا الاكتشاف؟
ويعتقد الباحثون أن الحقول المغناطيسية التي قاموا بتحديدها قد تكون مسؤولة عن إثارة اضطرابات شديدة في القرص الكوكبي الأولي، وهي الاضطرابات التي يُحتمل أن تكون مسؤولة عن تسريع عملية تشكل الكواكب.
مع هذه التقنية الجديدة المتمثلة في "التنقيب عن بصمات مغناطيسية" حول النجوم الشابة، يعتزم الفريق تطبيق هذه الطريقة على أجسام نجمية أخرى. ويأملون أن يتمكنوا من اختبار هذه الطريقة على نجوم أقرب إلى مراكز تلك الأقراص، مما سيوفر لهم صورة أوضح حول الظروف التي تشهد ولادة الكواكب.
ومن خلال هذا الاكتشاف المنشور في مجلة "نيتشر أسترونومي"، يخطو العلماء خطوة هامة نحو فهم أعمق لكيفية تشكل الكواكب حول النجوم. والآن بعد أن تمكنوا من قياس الحقول المغناطيسية في هذه البيئات المليئة بالغبار والغاز، يمكنهم استكشاف تأثيراتها المحتملة على تطور الأنظمة الكوكبية.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTE0IA== جزيرة ام اند امز