التعايش مع كورونا.. كيف تفتح دول العالم الاقتصاد بأقل الخسائر؟
بدأت العديد من الدول العالم المرحلة الأولى من عودة الحياة الاقتصادية مع التشديد على تنفيذ إرشادات التباعد الاجتماعي
لا يسيطر على العالم الآن ملف أكثر أهمية من نقاش تخفيف حدة الإجراءات الاحترازية وإعادة فتح الاقتصاديات تدريجيا مرة أخرى، للحد من التداعيات الكارثية لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
ولا يبدو أن القرار سهلا حتى الآن وسط الاعتراضات التي تبديها العديد من الجهات داخل كل دولة، على خلفية المخاوف من تسارع تفشي الفيروس، بما يكبد خسائر أكثر فداحة في الأرواح والاقتصاد.
- أمريكا: فتح تدريجي وسط اعتراض حكام بعض الولايات
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية اختبارا صعبا لتشغيل اقتصادها المتأزم والذي شهد تفاقم معدل البطالة إلى 14.7% إثر فقدان 20.5 مليون وظيفة ليسجل أعلى مستوى بطالة منذ الركود الاقتصادي الكبير في 1929.
يمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطا على وزارة الصحة وحكام الولايات من أجل إعادة مزاولة الشركات لأنشطتها وتخفيف حدة تدابير التباعد الاجتماعي، وبالفعل أعلن في منتصف أبريل/ نيسان الماضي ملاامح خطته لإعادة فتح الاقتصاد على 3 مراحل تبدأ خلال مايو/ آيار الحالي.
وبحسب وثيقة حصلت عليها CNN قُدمت إلى جميع حكام الولايات المتحدة الخمسين، فإن المرحلة الأولى تتضمن فتح المطاعم، والصالات الرياضية مع الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي.
كما خففت بعض الولايات مثل تكساس القيود وسمحت لشركات التجزئة ببدء عملها بجمع الطلبات وتوصيلها للمنازل وفتح الحدائق، فضلاً عن سماح ولاية مينيسوتا بعودة الحياة لملاعب الجولف والأنشطة الأخرى التي تمارس في الأماكن المفتوحة مع تطبيق إرشادات التباعد الاجتماعي التي تلقى اعتراض بعض سكان الولاية.
في حين أبدت ولايات أخرى وعلى رأسها نيويورك وكاليفورنيا عدم الرغبة في تخفيف القيود بالأسابيع المقبلة، وأعلن حاكم نيويورك أندرو كومو في مؤتمر صحفي، أنه ليس على استعداد للتضحية بحياة الناس من أجل إعادة فتح اقتصاد الولاية، كما أنه من العبث الجدال حول عدد الوفيات التي تستحق إعادة فتح الولاية.
ومنذ أوائل مارس/ آذار الماضي أقر الكونجرس مشروعات قوانين بتخصيص 3 تريليونات دولار لمكافحة تداعيات فيروس كورونا.
- فرنسا ترفع قيود كورونا
بعد ثمانية أسابيع من الإغلاق العام في فرنسا وتحديدًا منذ 17 مارس/ آذار الماضي، قررت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون رفع الإغلاق بدءا من، اليوم الإثنين،، مع الإبقاء على قيود صارمة بالمناطق الأكثر تضرراً مثل باريس.
ويمكن الآن إعادة فتح المتاجر والخروج بدون تصريح حكومي، باستثناء التنقلات التي تزيد عن 100 كيلومتر، والتي لا يُسمح بها إلا لأسباب مهنية أو لتشييع الجنازات أو رعاية المرضى.
وبحسب تصريحات وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير لمحطة "أر.تي.إل" الإذاعية، فإن إن الحكومة رفعت التكلفة المتوقعة لإجراءاتها الرامية لدعم الاقتصاد من 45 مليار يورو (49.3 مليار دولار) إلى 110 مليار يورو (120.6 مليار دولار) لمواجهة التداعيات المتفاجم جراء فيروس كورونا.
- بريطانيا: الاقتصاد لن يعود قبل يوليو
أعلن دومينيك راب، وزير الخارجية البريطاني، اليوم الإثنين، صراحة أن متاجر التجزئة التي تبيع سلعا غير ضرورية لن تعود للعمل حتى يونيو على أقرب تقدير، في حين أن قطاعات أخرى لن تعود حتى يوليو.
وبحسب رويترز، فإن راب أكد أن العودة إلى المدارس، خاصة الإبتدائية لن تبدأ حتى أول يونيو على الأقرب، وبشروط.
وتأتي هذه التصريحات، بعد يوم واحد من تأكيد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنه لن يتم في الوقت الحالي إلغاء إجراءات العزل العام في البلاد، لكنه أشار إلى خطط لبدء تخفيف بعض الإجراءات تدريجيا بعد إغلاق معظم الاقتصاد لمدة تقارب سبعة أسابيع.
ووفقًا لوزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، فإنه 350 مليار جنيه استرليني (420 مليار دولار) لمساندة الشركات والأفراد والعاطلين عن العمل.
ألمانيا: تفشي الفيروس يهدد مساعي الفتح
اعتبارا من اليوم الاثنين تبدأ العديد من الولايات الألمانية مثل شمال الراين-ويستفاليا وساكسونيا السفلى وبافاريا بتخفيف بعض القيود المفروضة على الحياة العامة، حيث سيجرى إعادة فتح المتاجر وتخفيف القيود المفروضة على نشاط المطاعم وقطاع الرياضة، كما سيعود المزيد من التلاميذ إلى مدارسهم.
وأقرت برلين حزمة تحفيز ضخمة بقيمة 750 مليار يورو (822.3 مليار دولار) تتوزع بين 100 مليار يورو لصندوق الاستقرار الاقتصادي الذي يمكنه الحصول على حصص مباشرة في الشركات، و100 مليار يورو في الائتمان لبنك التنمية في القطاع العام للحصول على قروض للشركات المتعثرة؛ مع تقديم صندوق الاستقرار 400 مليار يورو كضمانات قروض لتأمين ديون الشركات المعرضة لخطر التخلف عن السداد.
إسبانيا: تأهب لتخفيف قيود الإغلاق
أعلنت رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، في نهاية أبريل/ نيسان الماضي خطة من أربع مراحل لرفع إغلاقها الصارم للبلاد والعودة تدريجيا إلى ما يعرف الوضع الطبيعي الجديد بحلول نهاية يونيو/ حزيران.
وبدأت الخطة في 4 مايو/ آيار الحالي بتخفيف بعض الإجرءات الاحترازية والسماح للعاملين لاسيما في مجال البناء والتصنيع بالعودة التدريجية للعمل.
خصصت إسبانيا 200 مليار يورو (217 مليار دولار) لمساندة الشركات والأفراد لتحفيز الاقتصاد، ثم دعمها بحزمة إضافية بقيمة 14 مليار يورو (15 مليار دولار) لمواجهة كورونا الذي تسبب في فقد 900 ألف شخص لوظائفهم.
إيطاليا: بدء تخفيف القيود الاقتصادية
كانت إيطاليا على موعد في 4 مايو/ آيار لتخفيف قيود التباعد الاجتماعي بالسماح بالزيارات العائلية وفتح الحدائق والتجمع بأعداد محدودة واستئناف العمل في قطاعات الصناعات والتشييد، على أن يشهد 18 مايو/ آيار الحالي السماح لمتاجر التجزئة بفتح أبوابها، إلى جانب المتاحف والأماكن الثقافية والمكتبات.
لكن لن يتم فتح المدارس قبل شهر سبتمبر/ أيلول، حسبما أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، والذي أكد أن أولوية إعادة مزاولة الأنشطة لشركات التصدير التي باتت في خطر الابتعاد عن سلاسل الإمداد العالمية، وكذلك قطاع البناء.
وأشار كونتي في 21 أبريل/ نيسان الماضي إلى إن الحكومة الإيطالية سوف تتبنى حزمة اقتصادية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، تبلغ قيمتها ما لايقل عن 50 مليار يورو (54 مليار دولار)، لتمثل بذلك إضافة للحزمة التي تبلغ 25 مليار يورو (27 مليار دولار) التي جرى التصديق عليها في آذار/مارس الماضي.
اليابان: محاولات لفتح الاقتصاد قبل 31 مايو
كشف وزير الاقتصاد الياباني ياسوتوشي نيشيمورا، خلال جلسة البرلمان ، اليوم الإثنين، إن الحكومة اليابانية ستدرس رفع حالة الطوارئ عن كثير من مقاطعاتها الأربع والثلاثين التي ليست من بين أكثر المناطق تضررا من جائحة فيروس كورونا قبل الموعد العام المقرر لهذا الرفع في 31 مايو/أيار.
ولا تعد طوكيو وأوساكا و11 مقاطعة أخرى من بين المناطق التي قد تشهد تخفيفا مبكرا للقيود.
وبحسب رئيس الوزراء الياباني شينزوا آبي، فإن الحكومة أقرت حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 108 تريليونات ين (990 مليار دولار) لمساعدة الأسر والشركات الصغيرة وتأجيل مدفوعات الضمان الاجتماعي والضرائب.
ثم ذكرت رويترز أنها أطلعت على وثيقة تفيد بأن اليانات سترفع قيمة برنامج التحفيز إلى 1.1 تريليون دولار لتمويل مدفوعات نقدية من أجل تخفيف المعاناة جراء تفشي فيروس كورونا.
كندا: الإغلاق سيد الموقف
وعلى النقيض تماما، حذر رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، خلال مؤتمر صحفي الأقاليم الكندية من التسرع في إعادة فتح اقتصاداتها، لما ينطوي على مخاطر حدوث موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا، ما يمكن أن يعيد البلاد إلى العزل هذا الصيف.
وأضاف أن أي خطوات تتخذ لإعادة فتح الاقتصاد يجب أن تكون تدريجية.
واعتمدت كندا حزمة إعانات وتحفيز فيدرالية تقدر بـ 82 مليار دولار كندي (58.22 مليار دولار) للحد من تداعيات الاقتصادية لكورونا.
أستراليا: خطة لتخفيف القيود على 3 مراحل
أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، يوم الجمعة الماضية عن خطة من ثلاث مراحل لتخفيف القيود وإعادة فتح اقتصاد البلاد بحلول شهر يوليو/ تموز المقبل من أجل استعادة 850 ألف وظيفة مرة أخرى، وفقا لصحيفة "ذا إيدج" الأسترالية.
وبحسب الخطة التي دخلت بالفعل حيز التنفيذ، تسمح المرحلة الأولى منها بتجمعات عمل تصل إلى 10 أشخاص، وفتح المطاعم والمقاهي والمتاجر والمكتبات، بالإضافة إلى بعض من السفر المحلي والإقليمي.
بينما تسمح المرحلة الثانية بالتجمعات لما يصل إلى 20 شخصًا وتسمح بإعادة فتح المزيد من المنشآت، بما في ذلك الصالات الرياضية وخدمات التجميل وأماكن الترفيه مثل صالات العرض ودور السينما، كما سيسمح بالسفر بين الولايات، فيما تتيح المرحلة الثالثة بتجمعات تصل إلى 100 شخص وأن تكون بمثابة "الوضع الطبيعي الجديد" لعدة أشهر، مع استمرار حظر السفر الدولي.
وتعهدت الحكومة الأسترالية خلال أزمة كورونا بإطلاق حزمة تحفيز بقيمة 320 مليار دولار أسترالي (197 مليار دولار)، وهو ما يعادل 16.4%من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
نيوزيلندا: تمنح قبلة الحياة للاقتصاد الخميس المقبل
أعلنت جاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا، الإثنين، اعتزام الحكومة التخفيف التدريجي لإجراءات الإغلاق، اعتبارا من الخميس المقبل، بما يعني إعادة فتح أغلب الأنشطة الاقتصادية والمنشآت العامة، على أن يتم فتح المدارس اعتبارا من 18 مايو/أيار الجاري.
واعتمدت البلاد في خضم الأزمة حزمة تحفيز بحوالي 1ر12 مليار دولار نيوزيلندي (36ر7 مليار دولار) بما يعادل حوالي 4% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، بحسب بيان حكومي.