حددت البعثة الأممية للدعم في ليبيا موعد الأول من فبراير المقبل لاختيار سلطة تنفيذية موحدة.
لتكون مهمتها إدارة البلاد بشكل مؤقت لمدة 10 أشهر، تبدأ من الاستقرار على أشخاصها في فبراير 2021 حتى انتخاب سلطات دائمة جديدة في ليبيا ، عن طريق الاقتراع المباشر في 24 ديسمبر 2021 نهاية العام الجاري.
ومع هذا الإسراع في حسم أمر الكيان السياسي المؤقت مع مماطلة ملحوظة في خروج المرتزقة وتفكيك المليشيات ونزع سلاحها، والحديث عن التمديد لثلاثة أشهر جديدة لخروج المرتزقة وتفكيك المليشيات بعد انتهاء مهلة الـ90 يوما الممنوحة لذلك من اللجنة العسكرية في 23 أكتوبر، والتي انتهت 23 يناير؛ يبدو ذلك كله كمن يضع العربة قبل الحصان.
فاستمرار المليشيات ووجود المرتزقة ومن ورائهم تنظيم الإخوان الإرهابي وتركيا وحصارهم المناطق الشعبية الكبرى وسطوتهم على الموارد الليبية، يهدد بإخراج نتائج الانتخابات بما يتوافق مع أهداف من يحركها بالضغط على سير العملية الانتخابية والتأثير في القرارات الشعبية بمدن غرب ليبيا، خاصة الأحياء الشعبية الكبرى ذات الكتل التصويتية العالية، والتي تمّ العمل في الفترة الماضية على إفقارها عمدا بنقص الخدمات والسلع الأساسية وحصارها بالمليشيات والمرتزقة في الفترة الماضية، بدعوى إعادة التمركز لحماية المواطنين.
بينما يأتي ذلك لضمان إخراج النتائج حسب هوى التنظيم الإرهابي، الذي يتحسب لهذه الانتخابات بشكل خاص، بعد الرفض الشعبي الواضح والمطلق له في ليبيا، مع استمرار أطماعه في الثروات والمناصب الليبية، والذي سيحرك مليشياته ومرتزقته للانقضاض على السلطة، في حين فشل في توجيه النتائج صوب مصالحه العلنية والخفية.
وللتنظيم الإرهابي عدة سوابق خلّفت جرائم إنسانية كبرى خلال عمر الأزمة الليبية منذ فبراير 2011 الأولى في نهاية عام 2012، إذ حرّك مليشياته المسلحة وعززها بأسلحة ثقيلة ومتوسطة، وأدخلها داخل أحياء طرابلس الكبرى بحجة الحفاظ على الثورة من بعض "المعترضين عليها"، وتحت هذا الزعم برر التنظيم الإرهابي لنفسه غزو طرابلس وغرب ليبيا وبعض مناطق الشرق، بينما كان يستعد لتوجيه الانتخابات الشعبية للمؤتمر العام "2012-201".
وأخرج التنظيم الإرهابي الانتخابات في 2012 كما يريد بإسكات أي أصوات مناهضة للتنظيمات الإرهابية وسطوتها على ليبيا، بعد اتهامه هذه الأصوات بأنها تابعة للثورة المضادة، وأنها موجهة ضد ليبيا الجديدة، وبهذا الغطاء برر التنظيم الإرهابي لنفسه قصف سكان العزيزية "ورشفانة" غرب طرابلس ومدينة بني وليد شرق ليبيا، مستخدما صواريخ جراد على المدينتين، بحجة مطاردة بعض الخارجين على القانون، كما استخدم الأسلحة المتوسطة ضد متظاهرين عزل في 2013، حين تظاهر سكان طرابلس في منطقة غرغور مطالبين بخروج المليشيات وتسليم العاصمة للجيش الليبي.
أما السابقة الثانية والأبرز فجاءت في 2014، بعد إجراء انتخابات برلمانية وخلصت النتائج إلى لفظ التنظيم الإرهابي تماما من المقاعد السابقة التي كان يشغلها في المؤتمر العام، وحصوله على 18 مقعدا فقط من 200 مقعد، في مقابل حصول التيار الوطني على باقي المقاعد في البرلمان المنتخب في يوليو 2014.
وجاء رد التنظيم الإرهابي بتحريك مليشياته أيضا نحو قلب العاصمة، وتدمير مطارها والسطو على مؤسساتها بقوة السلاح، تحت زعم الحفاظ على الثورة، وقام بهذه العملية التخريبية تحت اسم "فجر ليبيا"، رافضا نتائج الانتخابات التي أقصته من المشهد، وانتصرت للرغبات الشعبية الليبية الحقيقية.
وهو ما أدخل ليبيا إلى هذا النفق المظلم التي تكافح للخروج منه، بعد أكثر من 6 سنوات يتم التنكيل فيها بليبيا وشعبها.
لذا كانت التحركات المخلصة والمنحازة لصالح الشعب الليبي والتي قادتها مصر والإمارات منصبة على الدفع في اتجاه تحرير إرادة الليبيين أولا من سطوة التنظيم الإرهابي بتفكيك المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، وإخراج المرتزقة الذين جلبهم هذا التنظيم الإرهابي، وهو ما تم التركيز عليه في مؤتمر برلين يناير 2020 ومبادرة القاهرة وتفاهمات أبوظبي، ما شكل حدا مانعا أمام أطماع التنظيم الإرهابي في ليبيا، وتحقق في المسار العسكري مؤخرا مع تجفيف منابع تمويله بإجراءات اقتصادية مؤسسية واضحة وتحت الرقابة، وهو ما تحقق في المسار الاقتصادي مؤخرا، بما يعني ضبط الأمور وإعادتها إلى نصابها المؤسسي، وهو ما لا يرضي التنظيم الإرهابي، ويقف ضد مصالحه وأطماعه وإعادة دفة الفعل الحر والإرادة الليبية الخالصة إلى الشعب الليبي، كخطوة أولى لإعادة الاستقرار، ومن ثمّ الدخول إلى باقي الاستحقاقات مع ضمان حماية نتائجها وتنفيذها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة