تعهّدت الإمارات منذ تأسيسها قبل خمسين عاماً بأن تكون عضواً فاعلاً مؤثراً في المجتمع الدولي.
وقد جاء هذا التعهد بالتزامها واحترامها القوانين والأعراف الدولية، والسعي لتحقيق متطلبات الحقوق الإنسانية المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان ومعاهدة جينيف والمعاهدات والالتزامات الدولية بحماية حقوق المرأة والإنسان والحيوان، ومحاربة الاتجار بالبشر وتشغيل الأطفال والتمييز والكراهية، وكل ما إلى ذلك من قوانين التزمتها الإمارات نصاً وروحاً وتنفيذا بعقل مبادر، وهذا لا يحتاج إلى دليل، إذ يتحدث الواقع على الأرض بذلك.
الأولى هنا إذاً أن نلقي الضوء على حق الإمارات في أن يعترف العالم -أمريكا وأوروبا تحديدا- رسميا بما أنجزته في مجال القوانين الداعمة والراعية لحقوق الإنسان، وبما قدّمته وتقدّمه للعالم من خير وعون في إطار التزامها الإنساني، الذي تعتبره واجباً ألزمت نفسها به، فلا يوجد قانون أو تشريع دولي يُلزمها بما تقدمه من دعم للمحتاجين.
كانت الإمارات مثلا من الدول الأولى في المنطقة والعالم، التي ارتقت بمكانة المرأة إلى صفوف متقدمة في القيادة والوظيفة العامة والخاصة، محافظةً على حقوقها، مشجعةً على علمها وعملها، حاضنةً لدورها المجتمعي والأسري في آن، شريكةً للرجل، متساوية معه في جميع ما تقدمه الدولة من خدمات وامتيازات.
كما عملت القيادة الرشيدة في الإمارات على شمول رعايتها وعنايتها بحقوق الإنسان كلاً من الأطفال وكبار السن من المواطنين، وكانت سبّاقة في رعاية وحماية حقوق أصحاب الهِمم، بل وإعادة تعريف هذه الفئة الشريكة في المجتمع، وتأكيد أولوية انخراطها فيه، وفي ذلك احترام واحتضان ورعاية لخصوصية هذه الفئات المجتمعية، والتزام أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال من حوكمة وتشريع وآليات تطبيق ومتابعة ورقابة.
أما عن حقوق الإنسان، فحق الإنسان الأول يكمن في حريته، حريته في معتقده، وهنا لا يمكن لأحد أن يزايد على الإمارات في تبنّيها مبادئ "الأخوة الإنسانية"، وقد كانت سبَّاقة إقليمياً وعالمياً في إقرار قانون مكافحة التمييز والكراهية في يوليو 2015، بهدف إثراء ثقافة التسامح العالمي ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية، وتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.
وجاء إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2021 بشأن "الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان" ليتوّج جهود الدولة في مجال حقوق الإنسان لخمسين عاماً مضت، وليفتح سجلاً ناصعاً للإمارات في المجال نفسه لخمسين عاماً قادمة.
لقد نص الدستور الإماراتي على حقوق الإنسان وحريته الفكرية من خلال تأكيده أن الإنسان حر في أن يكون رأيه كما يريد، وهو حر في التعبير عنه كما يريد، كما أنّه متمتع بمجموعة الحريات الشخصية، إذ تنصّ المادة 26 من الدستور الإماراتي على أنّ "الحرية الشخصية مكفولة لجميع الموطنين، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة".
وللإنسان في دستور الإمارات مطلق الحرية في العقيدة، إذ تنص المادة 32 على أنّ "حرية القيام بشعائر الدين طبقاً للعادات المرعية مصونة، على ألا يُخل ذلك بالنظام العام، أو ينافي الآداب العامة"، فضلا عن حرية التعليم، والتي تنصّ المادة 17 بخصوصها على أنّ التعليم "عامل أساسي لتقدم المجتمع، وهو إلزامي في مرحلتيه الابتدائيتين، ومجاني في كل مراحله داخل الاتحاد".
وكذا حرية الرأي، إذ تنصّ المادة 30 من دستور الإمارات على أنّ "حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون".
وأيضا حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات، كفلها نص المادة 33 من دستور الإمارات بأنّ "حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات مكفولة في حدود القانون".
وكفلت الإمارات حق الفرد في أن "يفعل كل ما لا يضر بالآخرين، وألا تخضع ممارسة الحريات الطبيعية لقيود إلا بغرض تمكين أعضاء الجماعة الآخرين من التمتع بحقوقهم، ولا يجوز فرض هذه القيود إلا بقانون".
وفي كل ما تم ذكره أدلة قاطعة على بياض سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان، بينما يشهد هذا السجل خرقاً متزايداً في أماكن مختلفة من العالم، وحتى في بلاد تحتكر لنفسها أحكام ما تسميه "حقوق الإنسان" وتتسمى بالديمقراطية بينما هي تشهد أبشع أنواع التحيز والانغلاق ضد الآخر بذريعة اللون والدين والانتماء الجغرافي لا غير.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة