الروابط التي تجمع الجماعات الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو بنظيراتها النيجيرية كانت دائما قوية
ليس سراً أبداً أن القاعدة وداعش يتعاونان أثناء تنفيذ بعض هجماتهما في مالي أو بوركينا فاسو. ففي الـ30 من سبتمبر الماضي أعلنا أن مقاتلين من جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" وتنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" هاجموا معسكراً لقوات دول مجموعة الخمسة بالساحل في بوليكيسي، وقد تزامن الهجوم مع آخر استهدف معسكر الحرس الوطني في موندورو؛ حيث قُتل 38 جندياً على الأقل.
إذا بحثنا عن سبب للتغييرات التي يقوم بها الإرهابيون في هجماتهم بالساحل فإن السبب الأول هو أن موسم الأمطار في مالي وبوركينا ونيجيريا انتهى، بالإضافة إلى وصول المزيد من المقاتلين، مما أدى إلى ضغط كبير على المجموعات أو الكتائب الأربع عشرة التي تنشط في هذه البلدان
وبعد مرور شهر واحد وعلى بعد 300 كيلومتر إلى الشمال الشرقي، تبنّى تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" في الفاتح من نوفمبر الجاري هجوماً كبيراً ضد الجيش المالي في إنديليمان على بعد 100 كم من ميناكا، وأودى الهجوم بحياة 49 عسكرياً.
وفي السادس من نوفمبر الجاري تسبب هجوم لإرهابيين في مقتل 37 شخصاً وجرح ما لا يقل عن 60، بينهم 30 موظفاً في شركة كندية، في عملية شرق بوركينا فاسو.
لماذا هذه التغييرات في استراتيجية الهجوم للإرهابيين بالساحل؟
إذا بحثنا عن سببٍ للتغييرات التي يقوم بها الإرهابيون في هجماتهم بالساحل فإن السبب الأول هو أن موسم الأمطار في مالي وبوركينا ونيجيريا انتهى، بالإضافة إلى وصول المزيد من المقاتلين مما أدى إلى ضغط كبير على المجموعات أو الكتائب الأربع عشرة التي تنشط في هذه البلدان، إذ لم يتبق لديها الكثير من الأراضي للتوسع نحوها، ومن ثم هم في حاجة إلى إثبات وجودهم.
كل ما سبق.. يجب أن نضيف إليه أنه على الرغم من كونهم إرهابيين بائسين إلا أنهم يُظهرون نمواً وازدهاراً في أنشطتهم رغم التضييق والمطاردة، ففي الخامس من أكتوبر المنصرم أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تخصيص مبلغ 4.5 مليون يورو للحصول على أية معلومات قد تقود إلى تحديد موقع، عدنان أبوالوليد الصحراوي زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى"، وبدل الاختباء والتخفّي أراد الصحراوي أن يُظهر ضراوته وقوته على الأرض.
وبعد ذلك بأيام، وبالتحديد في الـتاسع من الشهر نفسه تم استهداف أحد قادة جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، ويتعلق الأمر بالمغربي أبوعبدالرحمن المغربي، وقد حدث الشيء نفسه مع تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى"، ولم يأخذ الجهاديون أي استراحة، بل أرادوا أن يوضحوا لقوات مالي وبوركينا وفرنسا أن هذه الحادثة لم تؤثر عليهم على الإطلاق.
وفي نهاية شهر أكتوبر المنصرم، وتحديداً في الـ27 منه، تم الإعلان عن اغتيال أبوبكر البغدادي، الزعيم السابق لداعش، وبعد أيامٍ قلائل من ذلك الإعلان وفي هجومين فقط تمكّن الإرهابيون من قتل قرابة الـ90 شخصاً بين الهجوم الذي وقع في إنديميلان بمالي والذي شهده شرق بوركينا فاسو، واستهدف قافلة لشركة التعدين الكندية سيمافو.
إن الروابط التي تجمع الجماعات الإرهابية في مالي وبوركينا فاسو بنظيراتها النيجيرية كانت دائماً قوية، إلى درجة أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي درّب المقاتلين النيجيريين وحافظ على علاقات جيدة بينهم، ومع تولّي القائد السابق لداعش أبوبكر البغدادي قيادة التنظيم قام بتوسيع الفجوة بين الجماعتين، وأقال حتى الزعيم السابق لـ"لدولة الإسلامية في غرب أفريقيا" (بوكو حرام) لقربه من القاعدة في المغرب الإسلامي، ويبقى الانتظار هو سيد الموقف حول ما سيقرره الزعيم الجديد لداعش أبوإبراهيم الهاشمي القرشي، الذي إذا سمح بهذا التقارب فإنه سيقضي بذلك على التنافس بين الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة