أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تخصيص مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن قائـد داعش في الصحراء الكبرى عدنان أبوالوليد الصحراوي
منذ أسابيع يتم تداول بعض الأخبار الرائجة في وسائل التواصل الاجتماعي في مالي وبوركينا فاسو، مفادها أن بعض الهجمات الكبرى التي حدثت لا تتماشى مع حجم الجماعات الإرهابية التي تتبناها ولا مع الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام، ويشكك السكان في وجود تحالفات بين المنظمات الإرهابية، حتى إن كان الهدف منها تنفيذ عمليات محددة، ومع مرور الوقت أصبحت وسائل الإعلام تنشر عناوين من قبيل "جبهة موحدة للجماعات الإرهابية تقف خلف التفجيرات الأخيرة؟".
ترى مخابرات بوركينا فاسو أنه يوجد تكامل في عمل تلك المجموعات، بل تذهب إلى أبعد من كذلك بتأكيدها أنهم يتبادلون المقاتلين في بعض الأحيان، أو يقاتلون مع بعض أو ينفذون المهمات بشكل مشترك، من المنطقي جداً أن تقوم جماعة أنصار الإسلام بالعمليات الاستخبارية لتقوم جماعة أخرى أكثر خبرة وتمرسا بإكمال العملية
إن الحديث عن التاريخ الحديث لمالي والجزائر منذ تأسيس الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا)، نواة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، يقودنا للتطرق للتحالفات والانشقاقات التي زادت حدّتها منذ تمرّد الطوارق في مالي سنة 2012، ونجم عن ذلك وجود أكثر من 10 مجموعات أو كتائب إرهابية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهو ما جعل المحللين لا يتفاجؤون بأي تحالفات أو عمليات انفصال أو ظهور مجموعة جديدة في ساحة المعارك، بالنظر إلى أن كل قادة التنظيمات أو حتى عناصرها لهم صلات وعلاقات بمجموعات أخرى في محيطهم، يجب أن نضع في الحسبان أن تلك الانشقاقات تصب في صالح الإرهابيين؛ لأنها طريقة ناجعة لتفادي الاحتكاكات والنزاعات والاختلافات الموجودة بينهم، بالنظر إلى خصوصية جهاديي الساحل الغربي الأفريقي.
وكانت هجمات الـ30 من سبتمبر المنصرم هي التي دقت ناقوس الخطر، حيث استهدفت تلك الهجمات -التي أسفرت عن مقتل 38 عسكرياً واختفاء العشرات- قواعد بولكيسي وموندورو، وتبنّى العملية فرع القاعدة هناك، أي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، لكن مصادر محلية تشير بأصابع الاتهام إلى جماعة أنصار الإسلام كمسؤولة عن الهجوم، ويؤكد محللون أنه من الصعب أن يتمكن تنظيم بهذا الحجم من تنفيذ العملية لوحده دون الاستعانة بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين أو تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى.
وترى مخابرات بوركينا فاسو أنه يوجد تكامل في عمل تلك المجموعات، بل تذهب إلى أبعد من كذلك بتأكيدها أنهم يتبادلون المقاتلين في بعض الأحيان أو يقاتلون مع بعض أو ينفذون المهمات بشكل مشترك، من المنطقي جداً أن تقوم جماعة أنصار الإسلام بالعمليات الاستخبارية لتقوم جماعة أخرى أكثر خبرة وتمرساً بإكمال العملية، وتوجد تحالفات بين الجماعات الناشطة بالساحل على أساس عائلي أو قبلي، هذه التحالفات تساعد في تسهيل التنسيق والتعاون بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين والقاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى، الأمر ذاته ينطبق على كتيبة تحرير ماسينا الموالية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، هذه الكتيبة تتشكل من عناصر من عرقية الفولاني تماماً مثل نظيرتها في بوركينا فاسو، أنصار الإسلام، وكانت المخابرات البوركينابية ذكرت في الـ30 من الشهر الماضي أن هجوم أوتوغو شمال البلاد، والذي تبنّته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (القاعدة)، تم تنفيذه من طرف تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى.
ولتعقيد المشهد أكثر، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تخصيص مكافأة مالية لمن يُدلي بمعلومات عن قائـد داعش في الصحراء الكبرى عدنان أبوالوليد الصحراوي، يدرك الإرهابيون أن قادتهم ستتم تصفيتهم عاجلاً أم آجلاً، وإذا لم يكونوا مستعدين لتعيين قادة جدد فإن جماعاتهم ستتفكك ويعودون حتماً إلى الجماعات التي قدموا منها.
وبالعودة إلى موضوع التحالفات الإرهابية، نشرت صحيفة الديلي تلجراف في مارس الماضي موضوعاً يتعلق بالروابط التي تجمع تنظيمي القاعدة وداعش في ليبيا، وتنقل الصحيفة عن وزير الدفاع الليبي قوله "يوجد لدينا مقاتلون من الجماعتين الإرهابيتين، فتنظيم القاعدة كان يتولى التحضيرات اللوجيستية لمساعدة داعش على تجميع صفوفه من أجل الشروع في تنفيذ هجمات". ومع أنهم تجرأوا للإعلان عنه سنة 2017 غير أن ذلك كان موجوداً قبل ذلك بسنة في مدن بنغازي ودرنة وأجدابيا.
خلال ندوة صحفية التي تم تنشيطها في بوركينا فاسو في الـ28 من مارس 2017 لإعطاء مزيد من المعلومات حول التفجيرات التي هزت مطعم كابوتشينو وفندق سبلانديد، تمت الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة هو من موّل العملية بينما تولى التنفيذ تنظيما "المرابطون" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". وأشارت التحقيقات إلى أن أحد منفذي الاعتداءات هو ولد نويني "أبوالحسن الأنصاري"، كان هو العقل المدبر لهجوم غراند بسام في ساحل العاج في 13 مارس 2016، وهو الاعتداء الذي تم تنفيذه من طرف "المرابطون" والقاعدة، لكن تبناه تنظيم القاعدة لوحده.
وفي ديسمبر 2017، شرعت السلطات السنغالية في محاكمة مجموعة جهادية كانت تنوي تأسيس فرع لتنظيم "الدولة الإسلامية في السنغال"، وأثبتت التحقيقات وجود صلات بينه وبين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب وبوكو حرام (جماعة شيكوك) وداعش في ليبيا.
وفي حال مشابهة سابقة، تبنّت جماعة "المرابطون" بالتعاون مع القاعدة التفجير الذي استهدف منتجع راديسون بلو في باماكو في الـ20 من نوفمبر 2015، وبعد مرور يومين تبنّت الهجوم أيضاً كتيبة تحرير ماسينا مع أنصار الدين، وتوضح تلك الأحداث أنه على الرغم من أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة تأسست في مارس 2017 إلا أن جماعة "المرابطون" وأنصار الدين وكتيبة تحرير ماسينا تعمل مجتمعة منذ نهاية 2015.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة