سيد النقشبندي.. كروان الإنشاد الذي غنى بـ"أمر رئاسي"
المنشد المصري سيد النقشبندي قدم عبر مشواره 38 ابتهالا، وفي 14 فبراير/شباط 1976 رحل عن الحياة إثر إصابته بأزمة قلبية عن عمر 56 عاما
يحتل المنشد والمبتهل الديني المصري سيد النقشبندي مكانة فريدة في مصر والعالم الإسلامي جعلته يسكن القلوب ويتربع في وجدان محبيه.
ولد سيد محمد النقشبندي، الذي تمر ذكرى رحيله، الجمعة، في 7 يناير/كانون الثاني 1920، بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية شمال شرق القاهرة، وعندما بلغ 10 سنوات انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وهناك حفظ القرآن الكريم، وتعلم أصول وقواعد الإنشاد الديني بين مريدي الطريقة النقشبندية ووالده الذي كان أبرز شيوخ الطريقة الصوفية في ذلك الوقت.
وبمرور الأيام والسنوات لمع اسم الطفل الصغير وذاعت شهرته، وبات الناس يحرصون على الذهاب إلى موالد أبوالحجاج الأقصري وعبدالرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي من أجل الاستمتاع بصوته العذب.
وبفضل موهبته الفريدة سافر النقشبندي الذي كان يعرف بـ"كروان الإنشاد الديني" لإحياء العديد من المناسبات الدينية في عدد كبير من الدول العربية قبل أن يكمل الـ20 عاما، ولم يكن هذا المنشد والمبتهل يحلم بدخول الإذاعة أو يخطط لذلك، إلا أن القدر منحه فرصة كبيرة عام 1966 عندما التقى في مسجد الحسين بالعاصمة القاهرة الإذاعي الكبير أحمد فراج الذي قام بالتسجيل معه ببرنامجه الشهير في ذلك الوقت "في رحاب الله" وشكل هذا اللقاء نقلة مهمة في مشواره، إذ دخل الإذاعة من أوسع أبوابها وراح يسجل الأدعية والابتهالات.
وانتقل النقشبندي بعد ذلك إلى شاشة التلفزيون وقدم العديد من الابتهالات الدينية الناجحة من ألحان موسيقيين كبار مثل محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين، كما تعاون النقشبندي صاحب الصوت العذب مع الملحن الراحل بليغ حمدي بأمر من الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.
وذكر الإذاعي المصري الراحل وجدي الحكيم في مرات عديدة تفاصيل تلك الواقعة قائلا: "الشيخ سيد النقشبندى قام بإحياء جنازة والد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وبعدها أنشد فى فرح ابنه، وأراد السادات أن يسمع عملا يجمع بين المنشد الكبير النقشبندي والموسيقار بليغ حمدى، فأمر قائلا: احبسوا النقشبندي وبليع مع بعض لحد ما يطلعوا بحاجة".
وأثمر التعاون بين النقشبندي وبليغ حمدي عن الابتهال الخالد "مولاى إني ببابك"، رغم أن النقشبندي كان خائفا من تلك التجربة لأن إيقاعات بليغ كانت راقصة ولا تتناسب مع خشوع الابتهالات، إلا أن عبقرية الموسيقار المصري انتصرت وقدم لحنا بديعا حقق نجاحا كبيرا.
وقدم سيد النقشبندي عبر مشواره في الإنشاد 38 ابتهالا، وفي 14 فبراير/شباط 1976 رحل عن الحياة إثر إصابته بأزمة قلبية عن عمر ناهز 56 عاما.
وحرص الرئيس الراحل محمد أنور السادات على تكريمه بعد وفاته بمنح اسمه وسام الدولة من الدرجة الأولى عام 1979، وكرمه أيضا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بوسام الجمهورية عام 1989 في احتفالية ليلة القدر.