اسمي اسم أمي.. حملة عراقية لقيد الأطفال مجهولي النسب
تستبشر الفتاة العشرينية التي اختارت لنفسها اسم "باسمة"، أن تنجح الجهود التي يقودها جمع من الناشطين والبرلمانيين في تثبيت هوية لابنها الذي لا تعرف له أباً.
باسمة، تسكن أطراف محافظة نينوى، شمالي العراق، كان نصيبها الاحتجاز وعائلتها من قبل تنظيم داعش الإرهابي إبان اجتياحه للمدن في يونيو/حزيران 2014، ومن ثم عزلها عن الأهل وإرغامها على الزواج من رجل كث اللحية لا تعرف اسمه أو عنوانه، وبدون وجود أي وثيقة تثبت ذلك العقد.
غادرها ذلك الزوج الطارئ واستطاعت العائلة الإفلات من سطوة الاحتجاز بعد أيام، ولكن أثارهم الوحشية بدت تظهر على شكل حمل لدى الفتاة اليافعة باسمة.
تقول لـ"العين الإخبارية"، إنها أتمت شهرها التسع، وأنجبت بنتاً، بات عمرها اليوم يقترب من الـ6 سنوات، ولكن دون هوية أو بطاقة شخصية تثبت نسبها من جهة الأب.
هذه حالة من بين العشرات من القضايا المماثلة التي خرجت تعقيداتها بعد تحرير المدن التي استباحها تنظيم داعش الإرهابي، والتي ما زالت حتى الآن موضوع تتقاذفه الألسن بين الخجل والإفصاح جهاراً.
وكانت المحاكم الشخصية في الموصل، التي أعيد افتتاحها في نهايات 2017، بعد تعطيل دام قرابة الـ3 سنوات جراء سيطرة داعش الإرهابي على مؤسسات الدولة، كشفت مشاكل قانونية تتعلق بإثبات زواج وقع دون عقود مثبتة، وأثمر عن أطفال مجهولي النسب.
في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أطلقت حملة بعنوان "اسمي اسم أمي"، من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني ومختصي القانون، إلى جانب العديد من عضوات برلمان إقليم كردستان ومجلس النواب العراقي (في الدورتين السابقة والحالية).
وتتمثل الحملة في إعداد مسودة تعديل خاص لقانون البطاقة الوطنية العراقية رقم (٣) لسنة (٢٠١٦)، بغية إيجاد "حل مناسب" للأطفال مجهولي النسب.
وتهدف الحملة، التي طفت على السطح مجدداً، أن تجد حلولاً قانونية وتشريعية لمئات الأطفال الذين جاءوا على وقع احتلال داعش الإرهابي للمدن المستباحة، وما زالوا للآن يفتقدون هوية تثبت النسب والكنية.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون البطاقة الوطنية العراقية أنه "يعد الاسم كاملا إذا تضمن اسم الشخص المجرد واسم أبيه واسم الجد الصحيح واللقب إن وجد"
لكن منظمي حملة (اسمي اسم أمي)، يطالبون بتعديل هذه الفقرة بالشكل الآتي: "يعد الاسم كاملا إذا تضمن اسم الشخص المجرد واسم أبيه أو أمه واسم الجد الصحيح من الطرفين واللقب إن وجد".
وكانت رئيسة شؤون المرأة والطفل في ديوان محافظة نينوى، سكينة محمد علي، كشفت قبل عامين، وجود 90 طفلاً مجهولي النسب.
تلك التداعيات، دفعت القضاء الأعلى في المحافظة إلى استثناء المحافظة والسماح للأزواج الذين لم ينجبوا أطفالاً حصراً بتبني طفل واحد بعد توفر الشروط، وعلى أن يكون الزوجان من محافظة نينوى.
عضو البرلمان السابق، في برلمان كردستان تلار لطيف، تؤكد أن "الحملة تسير وفق سلسة من المراحل، بدأت بجمع التواقيع النيابية لتعديل قانون البطاقة الوطنية العراقية، مؤكدة: "أنهينا هذه المرحلة بنجاح وأنهى البرلمان العراقي القراءة الأولى للتعديلات المقترحة في مشروع القانون".
وتقول تلار لطيف، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "المرحلة الأخرى من الحملة اعتمدت مشاركة الشخصيات الاجتماعية والسياسية وكذلك الفنية في التحشيد والدعم حتى تكون قوة ضاغطة بما يكفي لتعديل القانون وتشريع نصوص تنقذ هؤلاء الاطفال من لعنة مجهول النسب".
وشاركت مؤخرا مجموعة من الشخصيات العامة الفنية والثقافية العراقية، وخاصة في إقليم كردستان العراق، في دعم حملة "اسمي اسم أمي" عبر نشر أسمائهم في صفحاتهم على مواقع السوشيال ميديا، مقرونة بأسماء أمهاتهم.
في الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون، جاء فيها: "يعد اللقيط أو مجهول النسب مسلما عراقيا مالم يثبت خلاف ذلك".
إلا أن منظمي الحملة يطالبون بإعادة صياغة تلك الفقرة على هذا النحو: "يعد المولود أو الطفل الذي تم العثور عليه مسلما عراقيا أو معتنقا دين أحد الوالدين الذي نسب إليه ما لم يثبت خلاف ذلك".
ونصت الأسباب الموجبة التي جاءت في مسودة التعديلات المقترحة من قبل تلك المنظمات بأن "نساء وأطفال العراق محرومون من حق تثبيت نسب المولود إلى الأم في وقت السلام والحرب, في وقت يجب أن تكون الأمهات والأطفال مستفيدين من هذا الحق البدائي، بحيث يكونون ذوي هويتهم الحقيقية والحفاظ عليها وحمايتها, من أجل الموازنة الجندرية وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل وقت أخذ نسب أطفالهم".
الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، سارة فخري، لفتت إلى أن "بقاء هؤلاء الأطفال دون هوية أحوال سيكون لها أثرها النفسي الكبير عليهم، وعلى تلك العوائل التي نكبت نسائها بتلك الزيجات المغتصبة".
وتحذر فخري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، من تجاهل مظلومية تلك الشريحة والخوف مستقبلاً أن يتحولوا إلى قنابل إرهاب وأمراض تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي".