دعم عسكري وتدريبات مشتركة.. التنين الصيني يوسّع أجنحته في أفريقيا
في محاولة لملء الفراغ الذي أحدثه التراجع الغربي في أفريقيا تعزز الصين دبلوماسيتها العسكرية ضمن مساعيها لتعميق الشراكة مع القارة السمراء.
وفي كلمته أمام منتدى التعاون "الصيني-الأفريقي" اليوم الخميس، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بتقديم مساعدات عسكرية لأفريقيا بقيمة مليار يوان (150 مليون دولار)، وإطلاق تدريبات ودوريات عسكرية مشتركة، مؤكدا أن العلاقات التي تجمع بلاده بالقارة الأفريقية تمرّ الآن بأفضل فترة في تاريخها، مبديا أمله في تعميق هذه العلاقات مستقبلا، وفق وكالة شينخوا.
كما أعلن بينغ توفير بلاده 51 مليار دولار، ودعم 30 مشروعا للبنية التحتية في مختلف أنحاء القارة السمراء الغنية بالموارد.
وباتت الصين التي تعد أكبر شريك تجاري لأفريقيا، والمستثمر الأكبر في القارة السمراء، خيارا مقبولا للدول الأفريقية في المجال العسكري لمواجهة التهديدات الأمنية للدول الراغبة في توسيع دائرة التحالفات الدولية في هذا الصدد، بدلا من الاعتماد على الدول الغربية وحدها، خاصة بعد إخفاقها في منطقة الساحل على مدى العقد الماضي وانعكاسات ذلك على تراجع دورها ونفوذها هناك بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.
الأمر الذي قد يضمن لها إمكانية توسيع القواعد العسكرية في بعض الدول الأفريقية خلال الفترة المقبلة، وفق مراقبين.
وفي 2017 أنشأت الصين في جيبوتي بشرق أفريقيا أول قواعدها العسكرية خارج الصين، وهو ما أرجعه خبراء آنذاك إلى أن الصين أدركت التغيرات في القارة السمراء وضرورة مجابهة القوى الدولية التي تسعى للهيمنة في أفريقيا مثل الولايات المتحدة وفرنسا ومؤخرا اليابان.
وهو ما أعلنته الصين علنا في 2018، خلال منتدى الدفاع والأمن الصيني الأفريقي، بالتأكيد على ضرورة تعزيز العلاقات العسكرية بين بكين والقارة السمراء، تلاها تعاون واسع في التدريبات العسكرية والمناورات مع دول عديدة بينها الكاميرون والغابون وغانا ونيجيريا، إضافة إلى عمل الوحدات الطبية التابعة للجيش الصيني في إثيوبيا وسيراليون والسودان وزامبيا.
الصين التي تدعم بلا شروط كما يفعل الغرب باتت شريكا عسكريا مرغوبا فيه للدول الأفريقيّة عبر مساهمات في تدريب ورفع كفاءة الضبّاط ودعم عمليّات حفظ السلام وإعادة بناء الجيوش، فضلًا عن تزويد دول عديدة بالمساعدات والمعدات العسكرية، وكذلك زيادة كبيرة في انتشار شركاتها الأمنية الخاصة.
ووفق خبراء فإن الصين تسعى عبر الدبلوماسية العسكرية لتأمين مصالحها وعلى رأسها استثمارات الطاقة، التي تواجه خطر الإرهاب الذي يتنامى في أفريقيا خلال السنوات الماضية جنبا إلى جنب مع القدرة على الوصول للموارد الطبيعيّة.
تعاظم الدور الصيني في أفريقيا دفع المعهد الأمريكي لأبحاث السياسات الخارجية إلى مطالبة الولايات المتحدة بإعادة اختراع الطريقة التي تتفاعل بها مع القارة السمراء، لافتا إلى ضرورة التركيز على ما تحتاج إليه الدول الأفريقية وتريده وكيفية تشكيل علاقات تفيد واشنطن وأفريقيا دون جعل الصين عاملا مهيمنا في المعادلة.
وشدد المعهد الأمريكي على وجوبية أن تتخذ بيانات السياسة الأمريكية نهجا واقعيا بدلا من أسلوب "النار والنسيان"، حيث تعلن الولايات المتحدة عن سياسة جديدة لكنها لا تصل إلى حد نشر قوات على الأرض لتحويل التصريحات السياسية إلى واقع.
وتابع" ما لا يدركه العديد من صانعي السياسة الأمريكيين أنه في العقود المقبلة سيكون لأفريقيا تأثير بالغ على الشؤون العالمية".
إلا أنه ووفق مراقبين فإن هناك عددا من الحواجز قد تبطئ المسار الصعودي للعلاقات بين بكين وأفريقيا، منها عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة في بعض الدول الأفريقية، حيث يشكلان تحدياً كبيراً، وقد تؤثر هذه الأوضاع على استثماراتها ومشاريعها في المنطقة، بالإضافة إلى أن بعض المجتمعات الأفريقية تتهم الشركات الصينية بتهميش العمالة المحلية أو استغلال الموارد دون تحقيق فوائد كبيرة للدول الأفريقية.
ويُعد منتدى التعاون الصيني الأفريقي أكبر اجتماع دبلوماسي تستضيفه بكين منذ جائحة كوفيد-19، ويحضره أكثر من 50 قائدا أفريقيّا، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال الفترة من 4 -6 سبتمبر/أيلول الجاري.
aXA6IDE4LjIxOC4xOTAuMTE4IA==
جزيرة ام اند امز