في كلمته الختامية في جلسة الحوار الوطني الفلسطيني، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي على عمق العلاقات بين الصين وفلسطين، مشيرا إلى أن الصين وفلسطين هما أخوان حميمان وشريكان عزيزان يتبادلان الثقة.
إن هذا التعاون المتين يعكس تاريخا طويلا من الصداقة المتجذرة في قلوب الشعبين. ومع اجتماع الفصائل الفلسطينية الـ14 في بكين، تأخذ القضية الفلسطينية منعطفا تاريخيا جديدا، حيث تعد هذه اللحظة ذات أهمية كبيرة في مسيرة التحرير الوطني الفلسطيني.
ونحن نثق بأن الفصائل الفلسطينية ستتمكن من توحيد الأغلبية من أبناء الشعب الفلسطيني، وتعظيم القوة الفلسطينية ككل، والحصول على مزيد من الفهم والدعم الدوليين، مما يعزز من الضمانات القوية للقضية الوطنية العادلة لفلسطين، طالما تسعى إلى الأرضية المشتركة وتعمل بروح الفريق الواحد.
إن أهم التوافقات التي تم التوصل إليها في حوار بكين هي السعي لتحقيق المصالحة والوحدة الشاملة بين الفصائل الفلسطينية الـ14 كافة. وأبرز النتائج هي التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كما تم الاتفاق على الحوكمة المستقبلية بعد الصراع في قطاع غزة وتشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة، والدعوة إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة بناء على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأعربت كافة الفصائل الفلسطينية خلال هذا الحوار عن رغبتها الشديدة في تعزيز المصالحة، مما يجسد عزيمتها على الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، ويأتي بأمل ثمين للشعب الفلسطيني الذي يعاني من ويلات الصراع منذ عقود.
قال وانغ يي: "القضية الفلسطينية جوهر قضية الشرق الأوسط. ليس لدى الصين أي مصلحة أنانية في القضية الفلسطينية. ما نهتم به هو الأخلاق، وما ندعو إليه هو العدالة". وأكد أن الصين كانت من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وتدعم بشكل ثابت ودائم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة. وذكر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد طرح عدة مبادرات ورؤى لحل القضية الفلسطينية، مما ساهم في تقديم الحكمة والحلول الصينية لهذا الصراع المزمن.
مع استمرار الصراع في قطاع غزة وتداعياته المستمرة، طرح الجانب الصيني مبادرة من ثلاث خطوات تهدف إلى تحقيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل سلس. وقال الوزير: "لا حجة، مهما كانت، تبرر إيذاء المدنيين وإطالة الحرب. يجب على المجتمع الدولي حشد مزيد من الجهود في سبيل وقف إطلاق النار ومنع القتال".
الخطوة الأولى هي الدفع بتحقيق الوقف الشامل والدائم والمستدام لإطلاق النار في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن وضمان إيصال المساعدات والإغاثة الإنسانية بشكل سلس. لا حجة، مهما كانت، تبرر إيذاء المدنيين وإطالة الحرب. يجب على المجتمع الدولي حشد مزيد من الجهود في سبيل وقف إطلاق النار ومنع القتال.
الخطوة الثانية هي الدفع سويا بالحوكمة ما بعد الصراع في قطاع غزة التزاما بمبدأ "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين". في ظل الدمار الشامل الذي تعرض له قطاع غزة في الحرب، يكون الموضوع الأكثر إلحاحا في المرحلة القادمة هو بدء عملية إعادة الإعمار ما بعد الصراع في أسرع وقت ممكن. إن قطاع غزة جزء مهم لا يتجزأ من فلسطين. يجب على المجتمع الدولي أن يدعم الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة تمارس الإدارة الفعالة في قطاع غزة والضفة الغربية.
الخطوة الثالثة هي الدفع بنيل فلسطين العضوية الكاملة للأمم المتحدة وبدء تنفيذ "حل الدولتين". يعود سبب دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى عدم التمكن من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة منذ زمن طويل. يجب دعم عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكبر وفعالية أكثر، ووضع جدول زمني وخارطة طريق حول تنفيذ "حل الدولتين"، والدفع بعودة القضية الفلسطينية إلى المسار الصحيح المتمثل في الحل السياسي.
إن "الخطوات الثلاث" المذكورة أعلاه تترابط بعضها بالبعض، ولا غنى عن أي واحدة منها. يمثل وقف إطلاق النار ومنع القتال والإغاثة الإنسانية الأولوية القصوى في الوقت الراهن، ويعد "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين" المبدأ الأساسي في إعادة الإعمار ما بعد الصراع في قطاع غزة، ويكون "حل الدولتين" المخرج الأساسي في المستقبل. ينبغي على المجتمع الدولي أن يدعم أصحاب الشأن لتنفيذ "الخطوات الثلاث" بموقف جدي.
تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية سيأتي بأمل ومستقبل للشعب الفلسطيني، وهو يمثل كذلك خطوة مهمة لحل القضية الفلسطينية وإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وإن الصين تأمل بكل إخلاص أن تحقق الفصائل الفلسطينية إقامة دولة فلسطين المستقلة على أساس المصالحة الوطنية. إن تأكيد الصين على دعمها المستمر والثابت للشعب الفلسطيني يعكس التزامها بالعدالة والإنصاف، مما يعزز من فرص تحقيق السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة