منطاد الصين.. هل يؤجج "التنين" لهيب الحرب الباردة؟
وسط لهيب منافسة عالمية شكّل المنطاد الصيني لحظة فارقة في الصراع الدولي قد تؤجج الحرب الباردة، وفقا لشبكة "سي إن إن".
وشكّل المنطاد، الذي وصفته الاستخبارات الأمريكية بـ"بالون مراقبة"، تهديدا أمنيا متواضعا ذا تكنولوجيا منخفضة نسبيا مقارنة بتكنولوجيا التجسس متعددة الطبقات والتنافس الاقتصادي والسيبراني والعسكري والجيوسياسي المتصاعد مع الصين، لكن رغم ذلك شهد الأمريكيون للمرة الأولى رمزا ملموسا لتحدي أمنهم القومي.
لكن في أثناء تحليقه فوق الولايات المتحدة قبل إسقاطه، السبت، خلق البالون لحظة مفاجئة في وقت لم تكن فيه فكرة التهديد الصيني لأمريكا بعيدة، كما أظهر شكل الاستجابة الأولى لواشنطن في مواجهة تهديد، بتوجيه أصابع الاتهام بدلا من الاتحاد.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعبر فيها منطاد أمريكي الأجواء الأمريكية خلال هذه الإدارة أو السابقة.
وقال مسؤولون عسكريون لـ"سي إن إن": "هذا لا يعتبر تهديدا استخباراتيا خطيرا بشكل خاص أو على الأمن القومي، لكنه أثار ضجة في واشنطن".
عاصفة
وسارع البيت الأبيض لتفسير سبب إحجامه عن تفجير البالون فورا، حيث حذر المسؤولون في ساوث كارولينا الناس من استهداف الدخيل الصيني الذي يحلق على ارتفاع عال بأسلحتهم.
وترك كل ذلك الرئيس جو بايدن في موقف حساس للغاية.
وبحسب "سي إن إن"، لا يمكن تجاهل المنطاد ببساطة، لا سيما أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كان على وشك إجراء زيارة إلى بكين والتي سرعان ما أُلغيت مع اندلاع العاصفة السياسية.
وفي حين أعربت بكين عن أسف غير معتاد لدخول ما وصفته بمنطاد مراقبة الأحوال الجوية، يعتبر منتقدوها الحادث أحدث مثال على استعدادها السافر لاستعراض قوتها خارج منطقتها، وسحق القواعد المحددة بين البلاد، واعتبارها مزيدا من الأدلة على محاولة عدوانية لتوسيع نفوذها وعملياتها الاستخباراتية حول العالم.
أسئلة صعبة
وتحمل تداعيات الأزمة أسئلة صعبة لبايدن وتشتيتا غير مرحب به للانتباه عن خطاب حالة الاتحاد المقرر أن يلقيه، اليوم الثلاثاء، حيث سرعان ما وصف الجمهوريون بايدن بـ"الضعيف"، ويسهل أن تخيفه الصين، والبطيء في الدفاع عن الأراضي الأمريكية.
وبينما يسهل على المنتقدين توجيه مثل هذه الانتقادات دون تحمل للمسؤولية، ستؤثر مثل هذه الاضطرابات السياسية على صناعة السياسة الأمريكية في المستقبل المصممة للحيلولة دون وقوع صدام مع الصين.
ويتعيّن على الجيش الأمريكي الإجابة عن سبب عدم إسقاط البالون قبل اجتياز البر الأمريكي، كما تهدد الحادثة بتوترات بين البنتاغون والبيت الأبيض الذي يتعرض لهجوم بسبب طريقة التعامل مع الحادثة، فضلا عن المناقشة بشأن الخطوة التالية.
واعتبر التحليل أن نهاية البالون تمثل إحراجا جديدا للرئيس الصيني شي جين بينغ، كما تطرح أسئلة عما إذا كان تسييره عملا متعمدا لاستفزاز الولايات المتحدة أو خطأ، أو ما إذا كانت القوات المسلحة الصينية المتشددة تسعى لإحراج القيادة العليا، أو عرقلة جهود تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة قبل زيارة بلينكن.
وأشار تحليل "سي إن إن" إلى أنه من شأن العاصفة السياسية أن تخلق أوضاعا في الولايات المتحدة تعقّد الجهود المبذولة لتجنب الانهيار الخطير في العلاقات الصينية الأمريكية – الهدف الأساسي من مهمة بلينكن.
وإذا صعد بايدن رد الفعل الأمريكي بعد الحادث، بعد إسقاط المنطاد، فقد يتسبب في رد فعل مضاد غاضب في بكين الذي سيفاقم التوترات.
وكانت هناك مؤشرات في الفترة التمهيدية لزيارة بلينكن بأن حكومة شي أرادت تهدئة توترات العلاقة على الأقل، مستغلة لقاء الزعيم الصيني مع بايدن في بالي العام الماضي. وكانت هناك تكهنات بأن الزيارة قد تقود إلى إعلان عن قمة أخرى بين القادة هذا العام.
لكن إذا تسبب الحادث في قلب الرأي العام الأمريكي ضد الصين، سيكون أمام الرئيس مساحة حرية أقل للدبلوماسية والتي تستهدف إبطاء وتيرة المواجهة.
وأشار التحليل إلى عامل آخر قد يعقد الأوضاع، وهو الزيارة المحتملة لرئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي إلى تايوان، ليحذو بذلك حذو رئيسة المجلس السابقة نانسي بيلوسي العام الماضي، التي أجري زيارتها رغم عدم ارتياح البيت الأبيض.
دلائل
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن المحققين سيسعون للحصول على دلائل عن سبب تحليق المنطاد الصيني بالمجال الجوي الأمريكي الأسبوع الماضي عندما يستعيدون حطامه.
وأسقط البالون، الذي يزعم البنتاغون أنه كان يتجسس على مواقع عسكرية حساسة، فوق المياه الإقليمية الأمريكية، السبت. وانتشر الحطام فوق مساحة واسعة قبالة ساحل ساوث كارولينا.
وتعمل البحرية الأمريكية وحرس السواحل والغواصون على استعادة أكبر قدر ممكن من حطام المنطاد، بما في ذلك المعدات التي كانت على متنه.
ويوم الإثنين، قال مسؤولو دفاع إنه تم العثور على حطام بمنطقة تبلغ حوالي 1500 متر في 1500 متر، بالرغم من انتشار المواد على مساحة أكبر بكثير. وعقدت حالة البحر جهود استعادة المعدات الموجودة بالبالون واحتمال أن الحطام ربما يتضمن مواد خطيرة مثل متفجرات أو مكونات البطارية.
وقال مسؤول دفاع بارز للمراسلين، السبت: "لا نعلم بالضبط جميع الفوائد التي يمكن استخلاصها منه. لكننا علمنا أمورا تقنية بشأن هذا المنطاد وقدرات المراقبة الخاصة به، مضيفا: "أتكهن أنه إذا نجحنا في استعادة أجزاء الحطام، فسنعلم المزيد حتى".
وأوضح الخبراء، الذين تحدثوا مع "بي بي سي"، أن محتويات البالون تمثل عاملا أساسيا في الكشف عن الغرض منه وقدراته.
وقال أستاذ علوم هندسة الطيران والفضاء في جامعة كولورادو، بولدر إيان بويد، إنه إذا تمكنت فرق الإنقاذ من استعادة ما يكفي من الأدوات فمن المرجح أن تتمكن من معرفة حجم المعلومات التي احتوى عليها، ونوع المعلومات التي تتم معالجتها، وما إذا كانت أي بيانات تمت معالجتها ترسل أو أرسلت إلى الصين.
وأوضح بويد أن رؤية المنطاد من كثب -ومعرفة ما إذا كان يحوي خصائص مثل مراوح أو معدات اتصالات- ستساعد أيضا في تحديد ما إذا كان يتم التحكم فيه عن بعد.
وقال الأستاذ المساعد بجامعة جونز هوبكنز، جريجوري فالكو، إن الولايات المتحدة تستهدف العثور على أي مستشعرات يمكن إيجادها في حطام البالون لاستخدام ذلك للكشف عن الغرض من المنطاد، لكن لن يكون ذلك سهلا؛ إذ إن المستشعرات عادة ما تكون صغيرة وربما تعرضت للضرر بعدما أسقط الجيش الأمريكي المنطاد.
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، قال جنرال أمريكي إن البالون الصيني ربما كان يحمل مواد متفجرة في إطار آلية تدمير ذاتي.
وأوضح قائد قيادة الدفاع الجوي والفضاء والقيادة الشمالية الأمريكية الجنرال جلين فانهيرك، أن منطاد التجسس حمل حمولة بحجم طائرة صغيرة.
aXA6IDE4LjExOS4xMjEuMjM0IA== جزيرة ام اند امز