طموح الشنقيطي لقطر أن تتصدر جيرانها بتصدير الشحناء؛ وما المانع؟ فدولاراتها أعمت "المفكر" عن حجم معشوقته تماما
يجزم آدم سميث، عالم الاقتصاد البريطاني أنه "في زمن المجاعات تروج السلع الرديئة".. تجد هذه المقولة، التي تعود تاريخيا إلى ما بين الحربين، مصداقيتها في تصدر محمد المختار الشنقيطي (نسخة قطر) للشأن العام والفتيا والأخلاق والكلام الكبير، ما يكشف كارثية المجاعة الفكرية التي يتخبط فيها العرب حد الخواء؛ إذ لولا ذلك ما ارتفع لصاحبنا ذكر.
سردَ المفكر مقالات وصنف مؤلفات غاية في الغرابة، تخلط عقلانية جورج طرابيشي بتأصيل الجابري بعموميات القرضاوي بالإسلام القطبي العنيف، المتجاسر على تجاوز حدود اللباقة مع جيل الصدر الأول؛ ولتطبع الخربشات نكهة "مسجلة" يضيف "المفكر" نُتفا من فلسفة الحداثة، تظهر متعسفة ومقحمة في السياق، لأن المؤلف لما يستوعبها، ولا ينسى أن يضيف من أدبيات البلاط وقيم "ديمقراطية التصدير" الشيء الكثير، ليؤكد من حيث لا يحتسب أنه إنما يكتب بأمعائه.
طموح الشنقيطي لقطر أن تتصدر جيرانها بتصدير الشحناء؛ وما المانع؟ فدولاراتها أعمت "المفكر" عن حجم معشوقته تماما، كما حجبت عنه قاعدة "السيلية" التي تحجب أفق "الدولة المُمانعة".
اعتزل "المفكر" التأليف، على طريقة "القطع واللصق" لينتهي به المطاف إلى مغردٍ بحمد وشكر ولي نعمته على مدار الساعة في سرب ببغاوات الدوحة؛ وفي كل ذلك ظل ملتزما سياقين لا يخرج عنهما ولو لضرورة؛ أولهما التزلف للحاضنة الفكرية والمالية، والأخيرة أهم.. أما ثانيهما فتعطش صريح للدم، فمن ثنايا التغريدات تفوح رائحة القتل والتحريض عليه، وباستقراء التغريدات "الفكرية" يبدو ولاء المفكر للحركات المتطرفة من ليبيا إلى مصر فاليمن فسوريا مربوطا ومحددا بشرط واحد هو مدى ولوغها في الدم.
ووسط بحور الدماء التي كان تحريضه شلالا يغذيها، يسعى عبثا ليخلص أولياء نعمته كالشعرة من العجين من مسؤوليتهم في دماء أبرياء في ساحة حرب تسند أغلب فرقائها بالمال والسلاح.
طموح الشنقيطي لقطر أن تتصدر جيرانها بتصدير الشحناء؛ وما المانع؟ فدولاراتها أعمت "المفكر" عن حجم معشوقته تماما
مؤخرا جنح المفكر للوعظ بعدما أفلس منطقه، فبات يستنهض القيم العربية الأصيلة من شهامة ومروءة؛ نعم يتحدث عن المروءة، ذاك الذي وصف مقتل عالم كالبوطي بقطف عمامة سوء؛ نعم هذا الذي يستجدي المروءة هو الذي يتطاول على قامة بحجم الشيخ عبد الله بن بيه بمنكر القول وزوره؛ ذاك الذي يدبج التعازي في مولاه الأمير الجد ويشمت بموتى المسلمين ممن لا تربطه بهم صلات فكرية ـ مالية، ويتمنى لهم عذاب القبر بل ويجزم بمصيرهم.
يحمل المفكر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كل الخطايا من مقتل هابيل إلى يوم الناس هذا.. ألا يتنبه لتناقضه؟ ألا يصحو ضميره وهو يتعرى على الملأ؟ ما الذي استجد حتى "يتقرمط" السعوديون وينتفض حمدان بن الأشعث من مرقده ويتحول حكام الإمارات العربية المتحدة إلى أشرار، وهو الذي كفر بأيادي السعودية البيضاء للشناقطة والأمة العربية والإسلامية جمعاء وحبهم لزايد الخير؟
الإجابة جاهزة: السيد ولي نعمة "المفكر" نطق وعليه مجاراته!
يزعجك ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود لخدمة قبلة المسلمين ومحاولة انتشال الأمة من براثن التخلف والتطرف!! ويقض مضجعك جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في نشر ثقافة التسامح وتعزيز السلم ورفع صوت الإسلام المعتدل عاليا صادحا بالحق ووقوفها في وجه التطرف والقتل باسم هذا الدين السمح!! وصل بك الحقد أو "حقد ولي نعمتك" أن تتطاول على الكعبة المشرفة!! أين إسلامك؟! أم أنك تدافع عن إسلام الإخوان فقط؟! وشتان ما بين الاثنين.
هل كان الشنقيطي، المحسوب على الشناقطة غلطاً، المسكون بهموم الأمة الإسلامية جمعاء؛ وداعية ديمقراطية الدم الذي لا يخاف في الحق لومة لائم يعلم كل هذه المثالب والمساوئ وسكت عنها كل هذا الوقت؟ أي خيانة أشنع من ذلك؟
ولأن الإقدام سجية لا تقبل أن تكون شعارا؛ فتغريدات المفكر الأخيرة تكشف محاولة بحث متأخر عن مخرج الطوارئ، فحسابات المصالح تمنعه من التوغل أبعد من حدود المعوض؛ وتاريخ الحروب يؤكد أن المُرتزق قد يقاتل ببسالة، لكنه لن يكون فدائيا مطلقاً؛ بل سيبقى "مجاهدا على بصيرة"... اللهم إني صائم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة