مشروعات الطاقة النظيفة.. تزدهر في كل مكان إلا الدول الفقيرة!
يتسابق العالم إلى الأمام باستثمارات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، ولأول مرة هذا العام، تم ضخ أموال في الطاقة الشمسية أكثر من النفط.
لكن أفقر دول العالم، وأغلبها في hفريقيا، يتم استبعادها فعليا من هذه الاستثمارات بسبب نظام الإقراض العالمي الذي يعتبرها محفوفة بالمخاطر للغاية بالنسبة للاستثمار؛ حيث لم تحصل القارة سوى على 2% فقط من الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة، في حين وجود ما يقرب من مليار شخص على قدر ضئيل من الكهرباء أو لا يحصلون عليها على الإطلاق.
نظرة على التحول نحو الطاقة المتجددة
اكتسبت الطاقة المتجددة زخمًا كبيرًا في البلدان حول العالم كبديل مستدام للوقود الأحفوري. وقد أحرزت بعض البلدان تقدمًا في توليد الطاقة المتجددة؛ حيث تتصدر أيسلندا الطريق بنسبة مذهلة تبلغ 86.87% من طاقتها المولدة من مصادر متجددة. وتليها النرويج بنسبة 71.56%، بينما تبلغ نسبة السويد 50.92%..
وتعزى النسب المرتفعة لهذه البلدان إلى حد كبير إلى مواردها الطبيعية الوفيرة مثل الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة المائية وطاقة الرياح. على سبيل المثال، تسمح إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية في أيسلندا بإنتاج جزء كبير من الكهرباء بشكل مستدام. وعلى نحو مماثل، فإن قدرة الطاقة الكهرومائية الهائلة في النرويج تمكنها من الاعتماد بشكل كبير على المصادر المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، تظهر دول مثل البرازيل ونيوزيلندا والدنمارك أيضًا بشكل بارز في القائمة، مما يظهر التزامها بتسخير الطاقة المتجددة.
وتُسلط هذه الإحصائيات الضوء على التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة. فقد أدركت العديد من البلدان أهمية الحد من انبعاثات الكربون والتخفيف من أزمات تغير المناخ من خلال التحول إلى خيارات الطاقة النظيفة، واتساقًا مع ذلك، فقد ساهم التقدم في التكنولوجيا والسياسات الحكومية المواتية وزيادة الوعي العام، في نمو الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم. ومع استمرار البلدان في الاستثمار في البنية التحتية المتجددة واستكشاف الحلول المبتكرة، من المتوقع أن تزداد نسبة الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة بشكل أكبر في السنوات المقبلة.
نسبة الطاقة المتجددة حسب الدولة
كما موضح في الشكل التالي، تمتلك الدول العشر الأولى أكبر قدر من الطاقة المتجددة وهي أيسلندا والنرويج والسويد والبرازيل ونيوزيلندا والدنمارك والنمسا وسويسرا وفنلندا وكولومبيا. أيسلندا هي الدولة التي تتمتع بأكبر قدر من الطاقة المتجددة، حيث تفيد بأن 86.87% من طاقتها تأتي من مصادر متجددة. ويعزى هذا إلى حد كبير إلى مزاياها الجغرافية الفريدة؛ حيث تقع أيسلندا على سلسلة جبال وسط المحيط الأطلسي، وهي حدود الصفائح التكتونية التي توفر موارد وفيرة من الطاقة الحرارية الأرضية، وتستغل البلاد إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية من خلال الاستفادة من الحرارة البركانية من خلال محطات الطاقة الحرارية الأرضية، مما يمكنها من إنتاج جزء كبير من الكهرباء بشكل مستدام. ويمتد التزام أيسلندا بالطاقة المتجددة إلى ما هو أبعد من الطاقة الحرارية الأرضية، حيث أنها تستخدم أيضًا الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح لزيادة تنويع محفظة الطاقة المتجددة لديها.
هذا، وتُعُّد النرويج هي الدولة الثانية التي تمتلك أكبر عدد من الطاقة المتجددة، حيث يأتي 71.56% من طاقتها من مصادر متجددة. والسويد هي الدولة الثالثة التي تمتلك أكبر عدد من الطاقة المتجددة حيث تولد 50.92% من الطاقة المستدامة. بينما تولد البرازيل46.22% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة.
في حين تعد نيوزيلندا الدولة الخامسة التي تمتلك أكبر عدد من الطاقة المتجددة حيث أن 40.22% من طاقتها تأتي من مصادر متجددة. والدنمارك هي الدولة السادسة التي تمتلك أكبر عدد من الطاقة المتجددة بنسبة 39.25% من الطاقة النظيفة. بينما تولد النمسا 37.48% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة. وتُعد سويسرا هي الدولة الثامنة التي تمتلك أكبر عدد من الطاقة المتجددة بنسبة 36.72% من توليد الطاقة المتجددة.
وتولد فنلندا 34.61% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة. وأخيرًا، تكمل كولومبيا القائمة بنسبة 33.02% من طاقتها تأتي من مصادر متجددة، وبشكل أساسي من خلال الطاقة الكهرومائية.
- معقل ثورة العالم في الطاقة الخضراء.. أفريقيا تستعرض قوتها
- نشر الطاقة المتجددة في أفريقيا.. مبادرة تدشنها قمة "نيروبي" للمناخ
إذا كانت الطاقة النظيفة مفيدة إلى هذا الحد، فلماذا لم تتحول الدول جميعًا إلى مصادر الطاقة المتجددة؟ لماذا لا تستخدم الدول كافة المزيد من الطاقة المتجددة؟
التحول إلى الطاقة المتجددة لا يعني ببساطة أن مجموعة من الأفراد يختارون طريقة جديدة لتزويد منازلهم بالطاقة، بل يعني أن الشركات بأكملها بحاجة إلى إعادة تقييم كيفية كسب المال ومن أين يحصلون على الطاقة. وسوف يتطلب الأمر قيام الملايين من المنازل والمدارس والشركات والمباني العامة ومراكز النقل بتعديل كيفية إدارتها ــ وهذا لا يحدث بين عشية وضحاها.
حاليًا، تُمثل مصادر الطاقة المتجددة حوالي 8٪ فقط من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة وحوالي 14٪ من احتياجات العالم من الطاقة. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن التكنولوجيا استغرقت وقتًا للتطور من أجل إنتاج كميات كبيرة من الطاقة النظيفة.
ولكن على النقيض، تظهر العقبة في البلدان الفقيرة التي ما زالت تُعاني من ويلات الفقر والحرمان وانخفاض الاستثمارات في الطاقة المتجددة؛ حيث إن أفقر دول العالم، والتي يرتكز أغلبها في القارة الإفريقية، يتم استبعادها فعليًّا من هذه الاستثمارات بسبب نظام الإقراض العالمي الذي يعتبرها محفوفة بالمخاطر للغاية بالنسبة للاستثمار؛ حيث لم تحصل القارة سوى على 2% فقط من الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة، في حين وجود ما يقرب من مليار شخص على قدر ضئيل من الكهرباء أو لا يحصلون عليها على الإطلاق.
هذا، وتكمن أيضًا العقبة في نقص القروض، وهو موضوع خلاف حاد بين البلدان الأكثر ثراء والبلدان الفقيرة. لكن في الكونغو، يُظهر الاستثمار في الطاقة الشمسية الذي تم تحقيقه بشق الأنفس طريقًا محتملًا للمضي قدمًا؛ حيث إن النقطة الفاصلة هي إقناع المستثمرين بالقدوم إلى البلاد؛ وذلك لتعذر تكيف المستثمرين مع الظروف الاقتصادية والصحية خاصة وباء الإيبولا في المنطقة ومن ثم فيروس كورونا، بالإضافة إلى الاضطرابات المستمرة وعدم الاستقرار السياسي الذي تُعاني منه بعض الدول الإفريقية.
مسارات التحرك
إذا استمر المسار الحالي على نذلك الوضع، فبحلول منتصف القرن، قد تمثل البلدان الأقل نموًا -الدول الإفريقية- أكثر من 75% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بسبب النمو السكاني والاقتصادي السريع. ومن ثمَّ، تسعى قمة المناخ الإفريقية الافتتاحية في نيروبي إلى إقناع الممولين العالميين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، بإمكانيات مصادر الطاقة المتجددة الإفريقية.
aXA6IDMuMTYuNTEuMjM3IA== جزيرة ام اند امز