التغير المناخي والمستقبل.. هل الاقتصاد جزء من الحل أم هو المسبب؟
التغيرات المناخية هي قضية العصر لما لها من أبعاد على كل مناحي حياتنا، ويعد الاقتصاد رقما صعبا في إدارة هذه القضية.
تسببت الأنشطة الاقتصادية المختلفة سواء الصناعية أو الزراعية أو البحرية في توليد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر، والتي تؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن ثم إحداث التغير المناخي.
تسفر هذا القضية المحورية عن تغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، إلى ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية إلى جانب حدوث الجفاف والأعاصير.
آثار اقتصادية مدمرة
في ظل وجود صعوبة لتقدير مدى خطورة آثار التغير المناخي، فمن الصعب أيضا أن نعرف مدى التأثير على العديد من الأعمال والمجالات، ولكن رصدت دراسات خسائر تقريبية مستقبلا.
بحسب موقع "دويتشه فيلا" الألماني فقد توصلت دراسة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة قد يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من تريليوني دولار بحلول عام 2030.
وكشف تقرير بحثي قدمه الخبير الاقتصادي نيكولاس ستيرن نيابة عن الحكومة البريطانية في وقت سابق، أن التغير المناخي يهدد بخسارة 5% من الناتج الاقتصادي العالمي سنويا.
وبالنسبة للفرضيات الأكثر تشاؤما، يمكن أن ترتفع الخسارة إلى 20% أو أكثر.
كما أن الكوارث البيئية تؤثر بشكل كبير على المصالح الاقتصادية ومستقبل شركات التأمين، التي تدفع الملايين مقابل الأضرار التي تلحق بالناس وممتلكاتهم.
وقد يتأثر القطاع الصحي بشكل كبير أيضا، فبخلاف التأثير على كميات المياه النظيفة والأطعمة. فزيادة درجات الحرارة تزيد أيضا من فرص تعرض بعض المناطق الفقيرة لأمراض مثل الملاريا.
وتواجه سلاسل الإمداد في العالم مخاطر حدوث كوارث بيئية، في ظل نظام اقتصادي عالمي معقد، يُصاب بالشلل في حالة حدوث أي كارثة بمنطقة ما، مثل تضرر سلاسل الإمداد بتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
حلول اقتصادية
اتفق 195 بلدا في مؤتمر المناخ في باريس عام 2015 على الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من درجتين.
من أجل تحقيق هدف خفض درجة الحرارة، بدأ الاقتصاديون بتسعير ثاني أكسيد الكربون.
فكل طن من ثاني أكسيد الكربون الناجم عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز يجب أن يكون مرتبطا بأسعار معينة، ومع ارتفاع الأسعار، ينخفض الطلب، وهكذا يزداد الضغط لإيجاد مصادر طاقة بديلة.
ويقول عالم الاقتصاد البيئي روبرت مندلسون، إنه من أجل الحد من درجة حرارة الأرض إلى درجتين، يجب أن يصل السعر المبدئي لطن واحد من ثاني أكسيد الكربون إلى حدود 100 دولار.
وعلى أرض الواقع، يبلغ سعر ثاني أكسيد الكربون 5-10 دولارات للطن فقط، وهو سعر سيؤدي إلى ارتفاع الحرارة بمقدار 4 درجات.
التوجه للطاقة النظيفة
عكفت شركات الطاقة العالمية على تطوير تكنولوجيا مصادر الطاقة النظيفة، وتجلى ذلك في مساهمة الطاقة المتجددة بنحو 90% من الطاقات المضافة خلال 2020، بحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية.
- جهود إماراتية رائدة لمكافحة التغير المناخي.. العالم يحصد الثمار
- تحذير من هدر الطعام.. مشكلة بيئية خطيرة تؤثر على تغير المناخ
وقدرت الوكالة الإضافات الجديدة لقدرات الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم إلى مستوى قياسي يقارب 200 جيجاوات بنهاية 2020، بقيادة مصادر الرياح والطاقة المائية والطاقة الشمسية الكهروضوئية.
على صعيد آخر، بدأت الشركات مراجعة سياساتها المتعلقة بالتغيرات المناخية، مثل التوجه للطاقة النظيفة، على غرار شركة يونيليفر العالمية التي نجحت في تخفيض حجم الانبعاثات من مصانعها بنسبة 43% في الفترة ما بين 2008 و2016.
وتعمل بعض الشركات الأخرى لتحقيق مبادرات طموحة مشابهة، مثل شركة والمرت، وكوكاكولا، وإيكيا، والتي تعهدت بالتحول الكامل نحو الطاقة النظيفة.
وتستفيد الشركات من ترحيب المستهلكين بالمنتجات التي تكافح التغير المناخي، إذ كشف بحث أجرته وكالة "كون للاتصالات" المهتمة بدراسة العلامات التجارية التي تجذب المستهلكين، أن 87% من المستهلكين الأمريكيين يفضلون شراء منتج يدعم القضايا محل اهتمامهم.
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg
جزيرة ام اند امز