تغير المناخ والتنظيمات المتطرفة.. تخادم يسحق الشباب الأفريقي
تستغل التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل الأفريقي، وخاصة بوكو حرام، التغير المناخي في تجنيد المقاتلين الشباب.
وأشار تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن تنظيم بوكو حرام الإرهابي، الذي ولد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في شمال نيجيريا، استغل الأوضاع الصعبة الناجمة عن التغير المناخي من ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف وتراجع إنتاج الأراضي وندرة الأمطار وهلاك الماشية في تجنيد الشباب واعدا إياهم بمستقبل أفضل.
والتقت الصحيفة مع أشخاص انتموا في السابق إلى هذه التنظيمات، مثل الحاج يارو، الذي قال إن مقاتلي بوكو حرام اقتحموا الجزيرة التي يقيم فيها، في وسط بحيرة تشاد، حينما كان مراهقًا، وقدموا الوعود على فوهات البنادق في محاولة لاستمالة الشباب، قائلين: "سنمنحكم حياة جيدة... ستحصلون على كل شيء".
الصحيفة أوضحت أن تغير المناخ يحد الآفاق الاقتصادية للشباب في هذا الجزء من أفريقيا، ويجعلهم أكثر عرضة للتجنيد من قبل التنظيمات العنيفة المتطرفة. وتعكس هذه الديناميكية النتيجة التي توصلت إليها الأمم المتحدة هذا العام بأن فرص العمل، وليس الأيديولوجية الدينية، هي السبب الرئيسي لانضمام الأفراد إلى الجماعات المتطرفة في جميع أنحاء أفريقيا.
وقال سكان محليون وباحثون إن تغير المناخ يعزز أيضًا الصراع في منطقة بحيرة تشاد، حيث يدفع الجوع الشديد الأفراد إلى بدء صيد الأسماك والزراعة في المناطق التي يسيطر عليها المتشددون.
وقد دفع الجوع السكان المحليين في منطقة بحيرة تشاد إلى الاتجاه للصيد في المناطق التي يسيطر عليها بوكو حرام، وتلك المنطقة التي تلتقي فيها حدود دول تشاد ونيجيريا والكاميرون والنيجر، كانت مقرًا لقواعد مجموعة من التنظيمات المسلحة منذ عام 2014.
المناخ والصراع
ويرى مسؤولون في القيادة العسكرية للولايات المتحدة في أفريقيا (أفريكوم)، أن تغير المناخ يعد أحد عوامل تفاقم التهديدات في منطقة بحيرة تشاد وغيرها من المناطق، مشيرين إلى أنهم يدرسون عن كثب العلاقة بين المناخ والصراع، لأن المنطقة التي تعمل فيها القوات الأمريكية تشمل بعض مناطق الساحل الأفريقي الأكثر عرضة للتغير المناخي مثل مالي وبوركينا فاسو، حيث يتصاعد العنف الذي تمثله الجماعات المتطرفة.
وأكد مسؤول في الجيش الفرنسي، الذي يمتلك أحد أكبر قواعده العسكرية في أفريقيا، بتشاد، ما ذهب إليه قادة أفريكوم من أن التغير المناخي يسهم في تأجيج الصراع الدائر بالمنطقة.
وبحسب تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يعاني أكثر من نصف الدول العشرين الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، من نزاعات مسلحة. وتأتي تشاد، الدولة المغلقة التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة، في المرتبة الثالثة بين أكثر الدول المعرضة للخطر.
ويرى جاناني فيفيكاناندا، رئيس دبلوماسية المناخ والأمن في "أديلفي"؛ وهي مؤسسة بحثية ألمانية، أن تغير المناخ لم يتسبب في نشوب الصراع، لكنه يضاعف الأبعاد الحالية للصراع. ثم يقلل الصراع من قدرة الناس على التعامل مع تغير المناخ ... مما يؤدي بعد ذلك إلى نشوب صراع جديد".
وأشارت الصحيفة إلى أن غالبية سكان هذه المناطق لا يعرفون ما هو تغير المناخ، ناهيك عن سبب ذلك. لكنهم قالوا إنهم يعرفون عن كثب أن الطقس بات أكثر تطرفا مما كان عليه، وبسبب ذلك أصبحوا أكثر فقرًا.
خلال الثلاثين عاما الماضية، ارتفعت درجات الحرارة في تشاد بنحو درجتين ونصف على مقياس فهرنهايت مقارنة بالفترة من 1951 و1980، وفقا لتقرير البنك الدولي. ورغم ازدياد العواصف المطيرة في منطقة الساحل الأفريقي بمقدار ثلاثة أضعاف، باتت القدرة على التنبؤ بهطول الأمطار أصعب.
وأشار الخبراء إلى أن الجماعات المتطرفة استغلت هذه العوامل وأنهم يملكون الوسائل ويستخدمون الإمكانات لإقناع الأفراد الذين لا يملكون شيئًا.
ويعتقد باحثون أن التغير المناخي والعنف المسلح يقود إلى حلقة مفرغة في مناطق النزاعات، حيث يتغلب الناس على تغير المناخ بالتنقل إلى مناطق جافة حال حدوث فيضان، أو إلى مناطق أكثر خصوبة حال ضرب الجفاف.
لكن في المناطق التي تشهد وجود متطرفين مثل الساحل الأفريقي، يجد المواطنون أنفسهم بين خياري البقاء في قبضة المسلحين والجماعات المتطرفة ومناطق القتال بينهم وبين الجيش أو يستسلمون ويعانون من الجوع.
وبحسب تقديرات العلماء، -وفق واشنطن بوست- فإن منطقة الساحل الأفريقي ستكون بقعة ساخنة سترتفع درجة الحرارة فيها بمقدار مرة ونصف أسرع من المعدل العالمي.
كما أنه بحلول منتصف هذا القرن، ستتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية لأكثر من 40 يومًا في السنة، كما سيتسبب هذا التغير في نقص المياه وتراجع إنتاجية الأراضي من المحاصيل.
aXA6IDMuMTQ1LjEwLjY4IA== جزيرة ام اند امز