200 عالم يقيمون مخاطر تغير المناخ.. ماذا قالوا؟
حذر 200 عالم من سلسلة عالمية من تأثيرات المناخ بحلول عام 2030، أبرزها انعدام الأمن الغذائي ونزوح البشر والصراع داخل البلدان المتضررة.
الدراسة صدرت قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ "كوب 26"، الذي انطلق في غلاسكو الأحد، بهدف دق ناقوس الخطر وسليط الضوء على الكارثة.
واستعرضت الدراسة، التي أصدرها "تشاتام هاوس" وهو معهد سياسي رائد عالميًا مقره في لندن، تأثيرات المناخ خلال العقد المقبل، خاصة الآثار القريبة المدى التي تثير القلق الأكبر.
اعتمد البحث على آراء أكثر من 200 من علماء المناخ وغيرهم من المتخصصين، بهدف تقييم المخاطر والآثار المناخية المباشرة التي يجب أن يلتفت إليها صانعو القرار خلال العقد المقبل.
وفقا للباحثين، فإنه على المدى القريب وبحلول عام 2030 قد يكون العالم محاصرًا في تأثيرات شديدة للغاية للتغير المناخي تتجاوز حدود ما يمكن للدول أن تتكيف معه.
تأثيرات تغير المناخ على المدى القريب
حذرت الدراسة، التي نشرها المعهد العالمي 19 أكتوبر 2021، من أن المخاطر المناخية مثل الحرارة الشديدة والجفاف والعواصف يمكن أن تؤدي إلى "تأثيرات متتالية" يستطيع الجميع الشعور بها في جميع أنحاء العالم خلال العقد المقبل.
ووفقا للعلماء، فإن الأحداث المناخية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد يمكن أن تؤدي إلى مزيد من انعدام الأمن الغذائي ونزوح الناس والصراع داخل البلدان المعرضة للخطر بحلول عام 2030، مع آثار غير مباشرة على مناطق بأكملها والاقتصاد العالمي.
ونص التقرير المعنون بـ"ما الآثار المناخية التي يجب أن تثير بالغ قلقنا على المدى القريب"، على أن "مسارات تأثير المخاطر العشرة ذات الأهمية القصوى على المدى القريب تتعلق بأفريقيا أو آسيا"، في إشارة إلى سلسلة التأثيرات الناجمة عن الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمناخ.
أحد الأشياء المقلقة التي أبرزتها الدراسة هو أن تأثيرات تغير المناخ لا تقتصر على المكان المعرض للخطر حيث تحدث.
وعلقت الباحثة في "تشاتام هاوس" روث تاونيند: "الدراسة تبرز أن آثار تغير المناخ لا تقتصر على مكان وقوعها المعرض للخطر، لكن ضعف المكان الذي تحدث فيه الآثار يعني أنها ستصير أكبر مما قد تكون عليه".
واستطردت: "ثم تتعاقب الآثار ويصبح لها تداعيات ثانوية مثل ردود الأفعال المتسلسلة، التي تكون عالميةً بطبيعتها أو على الأقل تغطي مناطق كبيرة".
شملت تأثيرات تغير المناخ التي بحثها العلماء في دراستهم على المدى القريب:
- الآثار المتتالية على الأمن الغذائي والهجرة وسلاسل التوريد العالمية، خاصة التأثيرات التي نشأت في البلدان الأكثر ضعفا وتؤثر على المجتمع العالمي الأوسع.
- آثار الهجرة والنزوح في شرق أفريقيا والجنوب الشرقي وشرق آسيا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى.
- الأعاصير المدارية في جنوب شرق وجنوب آسيا والخسائر والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية
- الجفاف وفشل المحاصيل وما ترتب على ذلك من نزوح وهجرة من شرق إفريقيا والساحل إلى جنوب أوروبا.
- تغير أنماط هطول الأمطار والجفاف الذي يؤثر على سبل العيش والدخل في أفريقيا.
تفاقم آثار تغير المناخ
تضمنت المخاوف التي أبرزها علماء المناخ وغيرهم من المتخصصين تزايد انعدام الأمن الغذائي في جنوب وجنوب شرق آسيا وأستراليا، فضلاً عن انخفاض الأمن الغذائي على مستوى العالم الناجم عن العديد من المخاطر المناخية التي تؤدي إلى فشل "سلة الخبز".
وقالت تاونيند "إذا لم نتحرك لمساعدة البلدان الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ الذي يحدث بالفعل، وسيستمر في الحدوث، فسنتكبد تكاليف متصاعدة بشكل كبير".
ودللت بمثال: "هناك مناطق تصدر الحبوب إلى مناطق أخرى وتلعب دورا مهما في استقرار الإمدادات الغذائية، لذلك إذا فشل حصاد دولة يمكنها شراء الحبوب من الخارج وهذا يعني أن الناس لا يعانون من الجوع وأن الآثار محصورة".
وتابعت: "لكن إذا تعرضت مناطق سلة الخبز التي تصدر الحبوب، فسيتم سحب شبكة الأمان هذه من المنطقة بأكملها ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة أسعار المواد الغذائية العالمية ".
تم تحديد العديد من نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية تجاه مخاطر المناخ، وإذا تركت دون معالجة فإن هذه الثغرات قد تبدأ سلاسل معقدة من التأثيرات التي من المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
وقال دانييل كويجين، باحث أول في "تشاتام هاوس" والمؤلف الرئيسي للتقرير، إن الافتقار إلى المرونة في القطاع الزراعي، فضلاً عن انتشار الفقر وعدم المساواة في الدول النامية خاصة أفريقيا، سيؤدي إلى تفاقم آثار تغير المناخ وتوجيه التأثيرات المتتالية عبر الحدود.
ورأى أن "بدون المزيد من المساعدات للتكيف والحد من الفقر، قد يؤدي انعدام الأمن الغذائي بسبب الحرارة الشديدة والجفاف وتلف العواصف وفشل المحاصيل المتعددة إلى عدم الاستقرار السياسي والصراع وزيادة الهجرة إلى جنوب أوروبا".
بينما قالت تاونند: "النقطة الرئيسية في هذا التقرير هي أنه من خلال معالجة قضايا الضعف هذه، يمكننا في الواقع منع حدوث كوارث مناخية مروِّعة في العقد الحالي".
تمويل التكيف مع تغير المناخ
تدعو الورقة إلى وضع سجل شامل لمخاطر المناخ يرسم المجتمعات الأكثر عرضة لمخاطر المناخ، والمخاطر المتتالية المحتملة، وما يمكن فعله لزيادة المرونة.
ويقول الباحثون إن نتائج الدراسة تظهر أنه من مصلحة الدول الغنية تمويل التكيف مع تغيُّر المناخ في المناطق الأكثر تعرضًا للخطر، إذ تدعو الحاجة إلى إجراءات عاجلة لمعالجة أوجه الضعف الاجتماعية الاقتصادية للآثار المناخية.
وفشلت الدول الغنية حتى الآن في الوفاء بالتعهدات التي قطعتها في مؤتمر المناخ لعام 2009 في كوبنهاجن، بتقديم 100 مليار دولار أمريكي على الأقل سنويًّا لتمويل الأنشطة المتعلقة بالمناخ لدعم الدول النامية في التصدّي لتغيُّر المناخ.
وعلقت تاونند: "مع اقتراب مؤتمر (كوب 26)، تُسلط كل الأنظار على ما يمكن تحقيقه، لا سيما فيما يتعلق بخفض الانبعاثات، ولكن إحدى النتائج الرئيسية للتقرير توصي بأن معالجة قضايا التكيف من أهم الأمور التي يجب فعلها على المدى القريب".
وخلصت الدراسة إلى وجود "حاجة ماسة إلى التكيف العالمي مع توابع تغير المناخ، وتركيز الجهود على معالجة نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المهددة".
ودللوا على مقولة ترددت كثيرا منذ تفشي وباء كورونا: "لا أحد في مأمن حتى يصبح الجميع بأمان"، معتبرين أن كل ما يتعلق بالمخاطر المناخية بنفس القدر من الأهمية.
aXA6IDE4LjExOS4xMjcuMTMg جزيرة ام اند امز