بالأرقام.. تقرير دولي يستعرض مظاهر تطرف المناخ في 2021
كشف أحدث تقرير دولي بشأن حالة المناخ العالمي لعام 2021 عن عدد من مظاهر وتوابع تغير المناخ الذي طال معظم الدول خلال العام الجاري.
وصدر التقرير، الذي أعدته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) استناداً إلى بيانات الأشهر التسعة الأولى من 2021، في بداية قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في غلاسكو.
التقرير يقدم لمحة سريعة عن مؤشرات مناخية مثل: تركيزات غازات الدفيئة ودرجات الحرارة والطقس المتطرف ومستوى سطح البحر واحترار المحيطات وتحمضها وانحسار الأنهار الجليدية وذوبان الجليد، إضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
وجمع التقرير، الذي حمل عنوان "حالة المناخ في عام 2021: الظواهر المتطرفة والآثار الكبيرة"، مدخلات من وكالات متعددة تابعة للأمم المتحدة، والمرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا، والخبراء العلميين.
ويلقي التقرير الضوء على آثار التغير المناخي على الأمن الغذائي ونزوح السكان، ما يضر بالنظم الإيكولوجية الحيوية ويقوّض التقدم المحرز نحو أهداف التنمية المستدامة.
أبرز ظواهر تطرف المناخ 2021
أدت التركيزات القياسية لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي وما يرتبط بها من تراكم للحرارة إلى دفع الكوكب إلى منطقة مجهولة، إلى جانب تداعيات بعيدة الأمد على الأجيال الحالية والقادمة.
ووفقا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة، فإن السنوات الـ7 الماضية تسير في المسار الذي يفضي في النهاية إلى أن تكون أدفأ 7 سنوات على الإطلاق.
أيضا تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ عام 2013 إلى مستوى مرتفع جديد في عام 2021، إلى جانب استمرار ارتفاع درجات حرارة المحيطات وتحمضها.
البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ألقى الضوء على أبرز ظواهر تطرف المناخ خلال عام 2021 كالتالي:
- تساقط الأمطار بدلاً من تساقط الثلوج لأول مرة على الإطلاق في ذروة الصفيحة الجليدية في جرينلاند.
- عانت الأنهار الجليدية الكندية من ذوبان سريع.
- ضربت موجة حر كندا والأجزاء المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية أدت إلى وصول درجات الحرارة إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية في قرية كولومبيا البريطانية.
- بلغت درجة الحرارة في وادي الموت، كاليفورنيا إلى 54.4 درجة مئوية أثناء إحدى موجات الحر المتعددة في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية.
- شهدت أجزاء كثيرة من البحر الأبيض المتوسط درجات حرارة قياسية، أغلبها كانت مصحوبة بحرائق مدمرة.
- شهدت الصين كميات أمطار تراكمت في غضون ساعات بينما كانت تستغرق في المعتاد شهوراً لتتراكم.
- شهدت أجزاء من أوروبا فيضانات عنيفة أدت إلى سقوط عشرات الضحايا وتكبد خسائر اقتصادية بالمليارات.
- عانت المناطق شبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية للعام الثاني على التوالي من الجفاف ما أدى إلى تقليل تدفق أحواض الأنهار الهائلة وأضر بالزراعة والنقل وإنتاج الطاقة.
أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة المعيار الجديد لتغير المناخ، فهناك أدلة علمية آخذة في الزيادة على أن بعضاً من هذه الظواهر يحمل بصمة تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، وفقا للمسؤول.
أرقام وحقائق مهمة عن مناخ 2021
تقرير المنظمة سلط الضوء على بعض الرسائل الرئيسية واستعرض أرقاما مهمة فيما يتعلق بأزمة المناخ، كالتالي:
1- الغازات الدفيئة
في عام 2020، وصلت تركيزات غازات الدفيئة إلى مستويات عالية جديدة، إذ بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون (CO2) نحو 413.2 جزء في المليون، ومستويات الميثان (CH4) نحو 1889 جزءاً في البليون.
أيضا كانت مستويات أكسيد النيتروز (N2O) نحو 333.2 جزء في البليون، ونسبتها على التوالي 149 و262 و123% من مستويات ما قبل الحقبة الصناعية (1750).
متوسط الكسر الجزيئي العالمي (مقياس التركيز)، في الفترة من عام 1984 إلى عام 2020، لثاني أكسيد الكربون بالأجزاء من المليون (يساراً)، والميثان بالأجزاء من البليون (المنتصف)، وأكسيد النيتروز بالأجزاء من البليون (يميناً). والخط الأحمر هو المتوسط الجزيئي الشهري.
2- درجات الحرارة
بلغ متوسط درجة الحرارة العالمية لعام 2021 (من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول) أعلى من متوسط الفترة 1900-1850 بمقدار 1.09 درجة مئوية تقريباً.
بناء على تحليل المنظمة، فإن 2021 يقع في المرتبة السادسة أو السابعة من بين الأعوام الأكثر دفئاً على مستوى العالم.
ومع ذلك، فمن المحتمل أن يكون عام 2021 في المرتبة بين الخامسة، والسابعة من بين الأعوام الأكثر دفئاً، وتصبح السنوات من 2015 إلى 2021 الأعوام السبعة الأكثر دفئاً على الإطلاق.
تصنيف عام 2021 أقل دفئاً من السنوات الأخيرة بسبب تأثير ظاهرة نينيا معتدلة حدثت في بداية العام، وشوهدت بصمته بوضوح في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ.
ولظاهرة النينيا تأثير تبريدي مؤقت على متوسط درجة الحرارة العالمي وهي تؤثر على الطقس والمناخ الإقليميين.
3- المحيطات
يُخزن في المحيطات 90% من الحرارة المتراكمة في نظام الأرض، تُقاس من خلال المحتوى الحراري للمحيطات.
واستمر ارتفاع العمق العلوي للمحيط البالغ 2000 متر في عام 2019 ليصل إلى مستوى قياسي جديد.
وثمة تحليل أولي يستند إلى 7 مجموعات بيانات عالمية يشير إلى أن عام 2020 قد تجاوز هذا المستوى القياسي، بل وتُظهر معدلات احترار المحيطات زيادة قوية بشكل خاص في العقدين الماضيين، ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع درجة حرارة المحيطات في المستقبل.
وشهد جزء كبير من المحيطات موجة واحدة على الأقل من موجات الحر البحرية القوية في وقت معين من العام، باستثناء المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادئ.
بينما شهد بحر لابتيف وبحر بوفورت في المنطقة القطبية الشمالية موجات حر بحرية شديدة ومتطرفة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2021.
وتمتص المحيطات 23% من الانبعاثات السنوية لثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي، ما يجعله أكثر حمضية.
4- مستوى سطح البحر
تنشأ التغيرات في متوسط مستوى سطح البحر العالمي في الأساس نتيجة ارتفاع درجات حرارة المحيطات بفعل التمدد الحراري لمياه البحر وذوبان الجليد الأرضي.
وقيس متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي بسواتل عالية الدقة لمقياس الارتفاع، إذ بلغ 2.1 ملم سنوياً خلال الفترة بين عام 1993 وعام 2002 و4.4 ملم سنوياً خلال الفترة بين عام 2013 وعام 2021، بزيادة بمقدار الضعف بين الفترتين.
ويُعزى ذلك في الغالب إلى تسارع وتيرة فقدان الكتلة الجليدية من الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.
5- الجليد البحري
كان الجليد البحري في المنطقة القطبية الشمالية أقل من متوسط خلال الفترة من 1981 إلى 2010 عندما كان في أعلى مستوياته في مارس/آذار.
وانخفض حجم الجليد البحري بعد ذلك بشكل سريع في يونيو/حزيران وأوائل يوليو/تموز في منطقتي بحر لابتيف وبحر شرق جرينلاند.
ونتيجة لذلك، كانت مساحة الجليد البحري على مستوى المنطقة القطبية الشمالية منخفضة بشكل قياسي في النصف الأول من شهر يوليو/تموز.
وبعد ذلك، كان هناك تباطؤ في ذوبان الجليد في شهر أغسطس/آب، وكان الحد الأدنى لمساحة الجليد البحري في سبتمبر/أيلول (بعد موسم الصيف) أكبر مما كان عليه في السنوات الأخيرة إذ بلغ 4.72 مليون كيلومتر مربع.
وحل في المرتبة الثانية عشرة لأقل الحدود الدنيا لمساحة الجليد في سجل السواتل الممتد لـ 43 عاماً، وهو أقل بكثير من متوسط الفترة 2010-1981، وأيضا كانت مساحة الجليد البحري في بحر شرق غرينلاند منخفضاً بشكل قياسي بهامش كبير.
6- الأنهار والصفائح الجليدية
تسارعت وتيرة الخسائر الكبيرة من الأنهار الجليدية في أمريكا الشمالية خلال العقدين الماضيين، إذ زادت بمقدار الضعف تقريباً في الفترة 2019-2015 قياساً بالفترة 2004-2000.
وأدى الصيف الحار والجاف بشكل استثنائي في عام 2021 في غربي أمريكا الشمالية إلى تكبد خسائر فادحة في الأنهار الجليدية الجبلية في المنطقة.
وكانت معدلات درجات الحرارة وجريان المياه الذائبة أعلى بكثير من معدلاتها الطبيعية في أغسطس/آب بسبب التوغل الكبير للهواء الدافئ الرطب.
وفي 14 أغسطس/آب، رُصد هطول أمطار لعدة ساعات في محطة القمة، وهي أعلى نقطة على صفيحة جليدية في جرينلاند (3216 متراً)، ولا يوجد تقرير سابق عن هطول الأمطار في القمة.
وتعد هذه هي المرة الثالثة خلال السنوات التسع الماضية التي تشهد فيها القمة ظروفاً مواتية للذوبان، وتشير السجلات الأساسية إلى أنه لم يحدث سوى ذوبان واحد في القرن العشرين.
7- حرائق الغابات
أثرت موجات الحر الاستثنائية على غربي أمريكا الشمالية وشهدت العديد من الأماكن تحطيم الأرقام القياسية الساتلية بمقدار يتراوح بين 4 و6 درجات مئوية، وتُوفي المئات بسبب الحرارة.
واندلعت العديد من حرائق الغابات الكبرى نتيجة الحر الشديد، بينها حريق ديكسي في شمالي كاليفورنيا، الذي تسبب في حرق 390 ألف هكتار، وهو أكبر حريق منفرد على الإطلاق في الولاية.
بينما أثرت الحرارة الشديدة على منطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع نطاقاً، ووصلت درجة الحرارة في إحدى محطات الأرصاد الجوية الزراعية في صقلية إلى 48.8 درجة مئوية، وهو رقم قياسي أوروبي لفترة مؤقتة.
بينما وصلت درجة الحرارة في القيروان (تونس) إلى 50.3 درجة مئوية، وسجلت مونتورو (47.4 درجة مئوية) رقماً قياسياً وطنياً في إسبانيا في 14 أغسطس/آب، بينما سجلت مدريد في اليوم نفسه أحر أيامها على الإطلاق إذ بلغت درجة الحرارة فيها 42.7 درجة مئوية.
واندلعت حرائق غابات كبيرة في أجزاء كثيرة من المنطقة، إذ كانت الجزائر وجنوب تركيا واليونان بشكل خاص هي المناطق الأشد تضرراً.
8- هطول الأمطار
أثرت الظروف الباردة بشكل غير طبيعي على أجزاء كثيرة من وسط الولايات المتحدة وشمال المكسيك في منتصف فبراير/شباط.
وكانت أشد التأثيرات حدة في ولاية تكساس، التي شهدت عموماً أدنى درجات حرارة لها منذ عام 1989 على أقل تقدير.
بينما ضربت الأمطار الغزيرة مقاطعات صينية وسجل سقوط الأمطار رقما قياسيا بمعدل 201.9 ملم في ساعة واحدة، وهو أكثر من المتوسط السنوي لها.
وارتبطت الفيضانات الخاطفة بأكثر من 302 حالة وفاة، كما أُبلغ عن خسائر اقتصادية قدرها 17.7 مليار دولار أمريكي.
وشهدت أوروبا الغربية بعضاً من أشد الفيضانات على الإطلاق، فاستقبلت منطقتا غرب ألمانيا وشرق بلجيكا ما يتراوح بين 100 و150 ملم على مساحة واسعة ما تسبب في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية، ووقوع ما يزيد على 200 حالة وفاة.
وأدى استمرار هطول الأمطار بمعدل فوق المتوسط في النصف الأول من العام في أجزاء من شمالي أمري
كا الجنوبية، وخاصة شمالي حوض الأمازون، إلى حدوث فيضانات كبيرة وطويلة الأمد في المنطقة.
وضربت الفيضانات أيضاً أجزاء من شرق أفريقيا، مع تضرر جنوب السودان بشكل خاص.
9- الجفاف
أثر الجفاف الشديد على معظم المنطقة شبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية للعام الثاني على التوالي، وكان معدل هطول الأمطار أقل بكثير من المتوسط في معظم مناطق جنوب البرازيل وباراغواي وأوروجواي وشمال الأرجنتين.
وأدى الجفاف إلى خسائر زراعية كبيرة، وتفاقمت هذه الخسائر بفعل تفشي البرد في نهاية يوليو/تموز، ما أضر بالعديد من مناطق زراعة البن في البرازيل.
كما أدى انخفاض منسوب الأنهار أيضاً إلى خفض إنتاج الطاقة الكهرومائية وتعطيل النقل النهري.
وكانت الأشهر الـ20 من يناير/كانون الثاني 2020 إلى أغسطس/آب 2021 هي الأكثر جفافاً على الإطلاق في جنوب غربي الولايات المتحدة، أي أقل من الرقم القياسي السابق بأكثر من 10%.
ويقل الإنتاج المتوقع لمحاصيل القمح والكانولا في كندا في عام 2021 عن مستويات عام 2020 بنسبة تتراوح بين 30 و40%.
أيضا اجتاحت أزمة سوء التغذية المرتبطة بالجفاف أجزاءً من جزيرة مدغشقر في المحيط الهندي.
aXA6IDMuMTQuMjUwLjE4NyA= جزيرة ام اند امز