تعد منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق تأثراً بتغيرات المناخ، حيث تعاني المنطقة من ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر.
ويؤثر تغير المناخ على الاقتصاد والمجتمع في دول الخليج، من زيادة تكاليف المياه إلى ارتفاع احتمالات مخاطر الكوارث الطبيعية.
وتدرك دولة الإمارات أن تغير المناخ هو أزمة بيئية عميقة تتطلب حلولاً عالمية، ولذا تسعى إلى التعاون مع الدول الأخرى لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعزيز العمل المناخي.
وفي عام 2021، أعلنت الإمارات استراتيجيتها للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، إذ تُمثل الاستراتيجية المحرك الوطني في خفض الانبعاثات، بجانب استراتيجية طموحة ثانية للطاقة تعتمد على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لتحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.
وحتى ينجح التحول إلى الحياد المناخي، أي اقتصاد بصافي صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة، يجب موازنة الانبعاثات، بمعنى أن أي انبعاثات ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري تقابلها إجراءات مثل زراعة الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
ولدى الإمارات العديد من المزايا التي تساعد في تحقيق الحياد المناخي، حيث إنها تتمتع باقتصاد قوي، وتعمل على تنفيذ العديد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف، أهمها: الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ودعم التطوير في مجال التكنولوجيا النظيفة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال العمل المناخي.
ويمثل استخدام حلول الطاقة النظيفة إحدى الركائز الرئيسية في نموذج الإمارات في العمل من أجل المناخ، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة.
وتحرص الإمارات بمختلف مؤسساتها على تنفيذ المبادرات الهادفة إلى الحدّ من الانبعاثات، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، عبر تبني التكنولوجيا المبتكرة، وتطوير الحلول المستدامة التي تدعم التحول الأخضر.
ويُعد الانتقال إلى الطاقة النظيفة ضرورياً لمعالجة تغير المناخ، لكنه يتطلب أيضاً أن يكون عادلاً ومنظماً، بحيث يوازن فوائد الطاقة النظيفة، مع عدم تعرض المجتمعات التي تعتمد على قطاع الطاقة الأحفورية للضرر، وفي سبيل ذلك تعمل الإمارات على تنفيذ مجموعة من المبادرات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف، منها الاستثمار في برامج التدريب للعمالة في قطاع الطاقة على مهارات العمل في الطاقة النظيفة، وتقديم الدعم المالي للمجتمعات التي تعتمد على الطاقة الأحفورية، حتى تتمكن من التكيف مع التغيرات التي يسببها الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة النظيفة، حتى تتمكن كل الدول من الاستفادة من فوائد الطاقة النظيفة.
وتعمل دولة الإمارات على الالتزام بضمان أمن الطاقة مع خفض الانبعاثات، إذ إن النفط والغاز في الدولة من بين الأقل كثافة في الكربون على مستوى العالم، ومع ذلك، تستمر الإمارات في خفض الانبعاثات، لحرصها على وضع العمل المناخي في صميم استراتيجيتها التنموية الهادفة لتحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام، عبر تبني التكنولوجيا، وتطوير الحلول المستدامة التي تدعم التحول الأخضر، وإنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود الاصطناعي.
وتمثل محطات "براكة" للطاقة النووية المدنية السلمية في الإمارات أحد أهم المشروعات الداعمة لتعزيز التوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة، لدورها الفاعل في خفض معدل انبعاثات غازات الدفيئة، وكذلك محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في البلاد، كما تواصل الإمارات العمل على إنشاء وتطوير عدد من محطات تحويل النفايات إلى طاقة.
وعلى الرغم من أن الوصول إلى الحياد المناخي هدف طموح للإمارات، يمكن الوصول إليه، فإن جميع الدول إذا عملت معاً، يمكن تحقيق الهدف بشكل أسرع، وخلق مستقبل أفضل للجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة