هل تدرب نزلات البرد المناعة على مواجهة كورونا؟ باحثة أمريكية تجيب (حوار)
منذ بدايات جائحة "كوفيد 19"، ظهرت نظريات مناعية تتحدث عن أن التعرض لفيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد، يمكن أن يحمي من فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض "كوفيد 19".
وما بين آراء مؤيدة، وأخرى نافية لهذه النظرية، تباينت ردود فعل المجتمع البحثي، غير أن دراسة لمركز أبحاث الأمراض المعدية واللقاحات بمعهد "لا جولا " لعلم المناعة، أيدت التوجه الذي يؤكد على الدور الوقائي الذي تحدثه الإصابة بفيروسيات نزلات البرد، في توفير الحماية من كورونا المستجد.
فما هو السر في هذه الحماية المناعية، وكيف تم إثباتها، هذا ما ستجيب عنه سوجان شريستا، الأستاذة بالمركز، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في حوار خاص مع "العين الإخبارية"..
بداية، نعلم أن قضية الحماية التي توفرها الإصابة بفيروسات نزلات البرد من الإصابة بكورونا المستجد، المسبب لمرض "كوفيد 19"، قضية جدلية، فما هو أبرز ما توصلتم له؟
باختصار، توصلنا إلى أن التعرض لفيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد يمكن أن يدرب الخلايا التائية على محاربة كورونا المستجد.
ولكن نسب الإصابة العالية بالفيروس الجديد، ربما تنفي ما توصلتم له؟
ما توصلنا له، لا يعني أن الإصابة السابقة بفيروس نزلات البرد، تمنع الإصابة بكورونا المستجد، لكن الإصابة السابقة لا تجعل المرض أشد وطأة، وتوفر حماية من تلف الرئة عند الإصابة.
ولماذا تحدث هذه الحماية؟
تحدث هذه الحماية بسبب الدور الذي تقوم به الخلايا التائية، حيث تميل تلك الخلايا إلى أن تكون متخصصة، حيث تتعلم مطاردة أهداف جزيئية محددة، تسمى الحواتم، والتي تنتمي إلى مسببات أمراض محددة، وتعتبر هذه الخلايا التائية "متقاطعة التفاعل"، مهمة لصحة الإنسان لأنها تتعرف على أهدافها من الحواتم وثيقة الصلة، مثل الأعضاء المختلفين في عائلة الفيروسات التاجية، وتشمل هذه العائلة الفيروسية فيروسات كورونا الشائعة المسببة لنزلات البرد ومسببات الأمراض الخطيرة مثل كورونا المستجد.
وكيف أثبتم هذه الحماية التي توفرها فيروسات كورونا، المسببة لنزلات البرد؟
استخدمنا سلالات الفئران التي يمكنها إنتاج نفس مجموعة الخلايا التائية تماما مثل تلك الموجودة في البشر، وقمنا بإصابة هذه الفئران بأحد فيروسات كورونا الشائعة، المسببة لنزلات البرد ، والتي تسمى " OC43 "، ووجدنا أن الفئران المصابة بها أنتجت خلايا تائية تتفاعل بشكل متقاطع مع كورونا المستجد، فعند إصابة نفس الفئران بكورنا المستجد، وجدنا أن الخلايا التائية المتفاعلة ساعدت بالفعل في حماية الفئران من الإصابة الشديدة بكوفيد-19.
وما هي دلالات ذلك؟
أظهرت الفئران التي تعرضت سابقا لفيروس "OC43 "مستويات أقل من عدوى كورونا في مجاريها الهوائية، وكانت أقل عرضة للإصابة بالالتهاب الرئوي وتلف الرئة، وساعدت الخلايا التائية المتفاعلة بالفعل في الوقاية من الأمراض الخطيرة.
هل الخلايا التائية التي تولدت من العدوى بالفيروسات المسببة لنزلات البرد، يمكن أن توفر حماية من الإصابة بفيروسات تاجية أخرى مثل السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟
يفترض أن يحدث ذلك، فما ينطبق على كورونا المستجد، سينطبق على هذه الفيروسات، لأنهم ينتمون إلى عائلة واحدة، ولكن اهتمامنا بكورنا المستجد، لأنه أول فيروس تاجي يسبب تفشيا مميتًا، ويمكن اعتبار هذه الدراسة الجديدة خطوة مهمة في فهم كيف يمكن للخلايا التائية أن تتعلم التعرف على العديد من فيروسات كورونا والتفاعل معها في وقت واحد.
وهل يمكن أن يكون عملكم مفيدا في تصميم ما يمكن تسميته بـ"اللقاح الشامل"، الذي يتعامل مع كل عائلة الفيروسات التاجية الموجودة حاليا، والتي ستظهر مستقبلا؟
هذا ما نقوم به الآن، ويعمل مختبرنا على تطوير لقاحات جديدة تثير استجابات واسعة ومتعددة الحماية، مصممة خصيصا لتسخير الخلايا التائية القوية، وستحمي هذه اللقاحات من كورونا المستجد، وتوفر مناعة ضد العديد من الفيروسات التاجية الأخرى التي يحتمل أن تكون وبائية.