يأتي دور الذكاء الجماعي بتقدير الأوضاع بصورة صحيحة تساعد الحكومات على أن تتخذ القرارات الصائبة وترفع عنها الحرج
فلنوجه "الذكاء الجماعي" إلى أمر مستحدث وهو مواجهة كورونا، فنحن ومنذ شهور ملتزمون بالبقاء في بيوتنا، منقطعون إلى حد كبير عن حياتنا الطبيعية، وبتنا بين خيارين إما الاستمرار في منازلنا وإما نخرج ونواجه هذا الفيروس.
مما لا شك فيه أننا كلنا نتطلع إلى اليوم الذي نخرج فيه من منازلنا و نعيش حياة طبيعية كما كانت، و الأمر ليس بالأمنيات و لكن يجب أن يكون بحذر و ذكاء، فلأول مرة يحتاج العالم أن يعتمد على الذكاء الجماعي للخروج من كارثة كبيرة و ليس الاعتماد على ذكاء شخص واحد أو مجموعة مختصة فقط كما هي في حالة خوض أية معركة حربية أو في حالة إنقاذ قطاع اقتصادي معين أو مواجهة كوارث طبيعية و ما شابه.
معظم الحكومات في العالم في موقف لا يحسدون عليه فهم بين أمرين، إما الاعتماد على "الذكاء الجماعي" لشعوبهم و السماح لهم للخروج من منازلهم و مزاولة حياتهم الطبيعية أو البقاء في منازلهم، فالدول المحدودة في تنوعها السكاني و الثقافي كانت أكثر سرعة في اتخاذ إجراءات رفع الحظر و إعطاء مساحة أكبر في العودة للحياة الطبيعية.
يأتي دور الذكاء الجماعي بتقدير الأوضاع بصورة صحيحة تساعد الحكومات على أن تتخذ القرارات الصائبة وترفع عنها الحرج وتتحمل عنها جزءا من المسؤوليات بحيث تقرأ قرارات الحكومات وتلميحاتها.
ربما تعاني الدول التي فيها تنوع سكاني و ثقافي من صعوبات في كيفية تخفيف الحظر والاعتماد على الذكاء الاجتماعي لشعوبها في التعامل مع كورونا، لا سيما أن الحكمة تقتضي في بعض الفترات أن لا تصرح بعض الحكومات بكل شيء و ذلك مراعاة لأمور كثيرة منها أن لا تنشر الفزع بين الناس أو لاعتبارات اقتصادية، اجتماعية أو قانونية.
يأتي دور الذكاء الجماعي بتقدير الأوضاع بصورة صحيحة تساعد الحكومات على أن تتخذ القرارات الصائبة و ترفع عنها الحرج و تتحمل عنها جزءا من المسؤوليات بحيث تقرأ قرارات الحكومات و تلميحاتها.
عندما تخفف بعض الحكومات من إجراءات الحظر كفتح المراكز التجارية و بعض الشركات و المؤسسات، فإن الذكاء الجماعي يجب أن يقودهم إلى أن خطر كرونا مستمر و لم ينته و لكن السماح بفتح بعض المرافق هو للضروريات القصوى حتى لا تتكون تداعيات إنسانية و اقتصادية و قانونية و ليس أكثر من ذلك.
فلهذا على الشعوب أن تستخدم ذكاءها الجماعي و تحمي نفسها من جائحة (كوفيد-19) و أن لا ترمي بكل المسؤوليات على الحكومات في هذه الأوقات الاستثنائية التي فاجأت الجميع شعوباً و حكومات، فمن الذكاء الجماعي أن يفهم المجتمع أنه مهما كانت للدول من قدرات و إمكانيات فإن ذلك لن يدعمها بالصورة المطلوبة إن لم تكملها الشعوب و تتعامل مع كورونا بحذر.
الذكاء الجماعي لا يوجد من يتبناه و يقوده بصورة مباشرة، كما أنه لم يسبق أن تمت الدعوة لاستخدامه ، و لكن كورونا فرض على المجتمع المدني و كل حسب خصوصية دولته التحرك كل من موقعه و زاويته بصورة تراعي مصلحة الجميع تحت مظلة القانون.
قد لا يكون هناك دور مباشر للحكومات في الذكاء الجماعي إلا من خلال الإعلام التقليدي، و لكن في ظروف الأزمات فإن للحكومات وكل حسب خصوصياتها أدوارا متفاوتة في توفير البيئة الحاضنة له و ذلك لتحقيق أكبر قدر من المصالح العامة.
هناك أدوار أخرى للذكاء الجماعي سنعيشه كأسلوب حياة مقبلة فرضتها أزمة كورونا، كما أن الحديث عنه في حالة الأزمات له تشعباته من حيث تكويناته و تشكيلاته و مؤثراته و خصوصية كل مجتمع و غيرها من العوامل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة