في مقابلة أجراها القائد في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة الإرهابي، عثمان القيرواني، في مارس/ آذار الماضي، سأله أحد أعضاء تنظيمه عن سبب قتال "داعش" في ميناكا بمالي وجيوش مالي وبوركينا فاسو، وفي نفس الوقت شنّ عمليات ضد بنين وتوغو.
وكان جوابه كالتالي: "ترجع عملياتنا في توغو وبنين إلى عدة أسباب؛ على سبيل المثال، عندما شعرت هذه الدول بوجود المجاهدين على حدود بوركينا فاسو، حاولت مضايقتهم من مختلف الجهات واضطهدت المسلمين، وخاصة الفولاني، ومارست ضدهم كل أشكال الظلم: القتل والسجن والتهجير؛ لذلك جاءت هذه العمليات انتقاماً لما قامت به هذه الدول ضد المجاهدين وكل المسلمين الأبرياء"، وفق تعبيره.
بعد معرفة رد فعل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الإرهابية بشأن الهجمات في شمال توغو وبنين، يبدو أنهم سيمضون قدماً.
يُظهر تعليق القائد في تنظيم "القاعدة" أنه لا تراجع عن قرار جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لمهاجمة البلدان الساحلية، مروجين لتبريرات دعائية قائلة بأن هذه البلدان ظلمت المسلمين وأن مهاجمة هذه الدول تأتي دفاعاً عن السكان المحليين.
ففي 8 مارس/آذار الماضي، تم نصب كمين في مقاطعة دجواتو - كبندجال من قبل كتيبة "سيكو مسلمو" (التابعة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية للقاعدة) استهدف الجيش بالمتفجرات.
وفي 13 من نفس الشهر، ذهب قروي من سانكورتشاغو - كبندجال لتفقد منزله بعد أن اضطر إلى مغادرته بسبب الهجمات الأخيرة داخل توغو لتتم تصفيته، وفي اليوم التالي، في قرية سانلواغا، على بعد 4 كيلومترات فقط من بوركينا و12 كلم من الحدود مع بنين، قُتل إرهابيان أثناء محاولتهما زرع عبوة ناسفة.
خلال شهر مارس/آذار الماضي في كبندجال (شمال توغو) تسبب إرهابيو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في ترويع السكان، واضطر سكان المنطقة إلى الفرار لأن الإرهابيين قتلوا أبناءهم وسرقوا ماشيتهم خلال عمليات التوغل.
وفي مطلع مارس/آذار 2023، توجّه رئيس توغو فور غناسينغبي إلى أوغندا للاطلاع على تجربة مكافحة الإرهاب الأوغندية ضد "داعش" التي تنشط في البلاد، وكذا جهود مكافحة "القاعدة" في الصومال.
كما توجّه إلى عنتيبي، حيث التقى نظيره الأوغندي الرئيس يويري موسيفيني، ويمكن أن يساهم هذا النوع من اللقاءات في كثير من الأحيان في تسهيل قابلية بلد مجاور لمكافحة الإرهاب، وهذا ما حدث مع بنين المجاورة، والتي لجأت إلى رواندا للاستفادة من تجربة محاربة الإرهابيين.
تلتقي أوغندا ورواندا، اللتان تختلفان فيما بينهما، مرة أخرى لحماية حدود توغو وبنين، على بعد 3500 كيلومتر من بلديهما.
مهما كان الأمر، تحاول كل من توغو وبنين محاربة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة، على الرغم من قيام "داعش" بعمليات توغل متفرقة في هذه المنطقة.
وفي 7 أبريل/ نيسان المنصرم، مدد البرلمان التوغولي حالة الطوارئ لمدة 12 شهراً أخرى (بدأت في يونيو/ حزيران 2022) في منطقة سافان، في أقصى شمال البلاد، بهدف منع توغلات الجماعات الإرهابية عبر الحدود مع بوركينا فاسو.
ومع ذلك، في 20 أبريل/ نيسان الماضي، هاجم إرهابيو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قرية والدجواغي في شمال توغو، مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين على الأقل، وفي 2 مايو/ أيار الجاري، هاجم إرهابيو "سيكو مسلمو"، التابعة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، قرية نامونو، واختطفوا 2 من القرويين وسرقوا كمية كبيرة من الماشية.
وتم إطلاق سراح القرويين فيما بعد، ولجأ الإرهابيون إلى الجانب الآخر من الحدود من بوركينا فاسو.
وأفاد رئيس توغو مؤخراً بمقتل حوالي 40 جندياً و100 مدني في الهجمات الإرهابية، وأجلت الحكومة ما يقرب من 12000 شخص من منازلهم لتوفير حماية أفضل للحدود.
وتواجه القوات التوغولية وقتاً عصيباً لأن الهدف من التوغلات الإرهابية هو اختبار القدرة على الاستجابة والهجوم والعودة إلى بوركينا فاسو، حيث شيدوا معسكراتهم.
وتتمثل الطريقة الأكثر فاعلية لمحاربة المتطرفين في العمل معاً وتنسيق العمليات العسكرية والتعاون في الشؤون الاستخباراتية والأمنية، مثل جيوش توغو وبوركينا فاسو وبنين، كما فعلوا في مناسبات أخرى في مالي والنيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا بفاعلية كبيرة.
وفي 10 مايو/ أيار الجاري، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس التوغو، فور غناسينغبي ، في قصر الإليزيه، وكانت المخاوف التي تم تناولها في هذه الزيارة هي كيفية إيقاف الإرهابيين في شمال توغو.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة