حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا يعقد مؤتمره الأول.. التحديات والآفاق
يعقد حزب الازدهار الحاكم بإثيوبيا مؤتمره العام الأول في ظروف استثنائية، غدا الجمعة، ويستمر لثلاثة أيام في العاصمة أديس أبابا.
ويعد المؤتمر هو الأول منذ تشكل حزب الازدهار في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2019 بعد اندماج 8 أحزاب كانت تشكل حزب "الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية" التي تصدرت الحكم في إثيوبيا لنحو 27 عاما.
وتأتي أهمية المؤتمر الأول لحزب الازدهار، من التوقيت الذي يعقد فيه وسط سياق مفعم بالعديد من المشاكل والتحديات على المستويات المختلفة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
فالحرب في شمال البلاد لم تهدأ بعد، كما أن مشروع الحوار الوطني الشامل هو الآخر لم يبدأ سوى أنه أعلن عن لجنته التي ستديره فيما لم تعلن عن جدول وأجندة فعالياتها.
فضلا عن ملفات مهمة وخطيرة على مستوى البلاد ووضع اقتصادي صعب، يأمل فيه الشعب الإثيوبي الخروج من الضغوطات المعيشية التي يواجهها.
تحديات حالية
أبرز التحديات التي ما زالت تبارح مكانها هي الحرب في شمال البلاد مع جبهة تحرير تجراي، حيث تستمر المناوشات والاشتباكات ما خلقت أوضاعا إنسانية معقدة بسبب نزوح أكثر من 350 ألف شخص الشهر الماضي في إقليم عفار وحده، فيما نزح أكثر من 2 مليون بإقليم أمهرة الفترة الماضية.
وينتظر من المؤتمر التوصل لتوافق واضح بشأن هذه الأزمة التي استمرت لأكثر من عام وأربعة أشهر، بعد أن ظهرت مؤخرا بعض الخلافات حول كيفية التعامل معها ما بين حسمها عسكريا أو التفاوض مع جبهة تحرير تجراي التي تصنفها الحكومة بالإرهابية.
انعدام الأمن
التحدي الثاني هو ظاهرة تزايد حالات انعدام الأمن مؤخرا في بعض مناطق أقاليم أوروميا وأمهرة وبني شنقول جومز، بسبب تنامي بعض الحركات المسلحة وتفلتات لمسلحين في هذه الأقاليم أكبرها تحديات جماعة أونق شني التي تصنفها إثيوبيا بالإرهابية.
وأصبحت الجماعة مهددا حقيقيا للسلام والاستقرار في إقليم أوروميا وبني شنقول جومز وأمهرة عقب عدة هجمات أسفرت عن خسائر في الأرواح والممتلكات.
تحديات حزبية
وضمن سياق التحديات يواجه حزب الازدهار نفسه تحديات داخلية كبيرة أبرزها ما يصفه الحزب نفسه بتهديدات المتغلغلين من الأعضاء الذين انضموا له لتحقيق أهداف أخرى، وفق تصريحات بعض مسؤولي الحزب.
وأصبحت ظاهرة الفساد مستشرية تماما فضلا عن غياب آلية محاسبة رادعة لهذه الممارسات، بحسب الحزب نفسه.
ويبدو أن المؤتمر العام الأول لحزب الازدهار سيتجه، أوّلاً، إلى إعادة انتخاب رئيسه الحالي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ثم القيادات العليا للحزب.
وتعد هذه أول عملية انتخاب حزبية تتم في المؤتمر العام الأول، حيث تشكل حزب الازدهار بانضمام 8 أحزاب كانت تشكل حزب "الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية".
ومن المنتظر أن يشهد هذا المؤتمر قرارات كبيرة ومفصلية في هيكلة الحزب الذي يحاول الخروج من تعقيدات المشاكل التي تعيشها البلاد.
كما يتوقع أن تحدث تغيرات كبيرة له خاصة في القيادات العليا، إذ يتوقع أن تحدث مفاجأة في هذا الصدد بعد أن ظهرت مؤخرا بعض الاختلالات وعمليات فساد طالت مسؤولين كبارا فضلا عن خلافات داخلية حول كيفية تعامله مع عدد من القضايا الراهنة لاسيما الحرب في الشمال والتفاوض مع جبهة تحرير تجراي.
فيما يعد الحوار الوطني المرتقب الذي أعلنت عنه الحكومة وتنتظره عدد من الملفات القومية تحديا آخر أمام حزب الازدهار في مؤتمره الأول.
فالحوار الوطني الشامل مطالب بحل مشكلات ظلت عالقة على مر العقود الماضية واستعصت على الحكومات المتعاقبة بالبلاد، ومن بينها مواد بالدستور أبرزها الفيدرالية الإثنية المتبعة حاليا فضلا عن المادة 39 التي تعطي الأقاليم المختلفة حق تقرير المصير والانفصال بجانب قضايا أخرى تطورت خلال 3 عقود لم تلقَ حلولا لكون الدستور ظل كتابا مقدسا ممنوع الاقتراب منه طيلة السنوات الماضية.
وقال الأمين العام للحزب آدم فارح إن حزبه يعقد مؤتمره الأول بمشاركة 41 حزبا من 38 دولة مختلفة، موضحا أن المؤتمر سيناقش مختلف القضايا الوطنية الرئيسية ويحدد اتجاه المساعي المستقبلية للبلاد.
ولفت الأمين العام للحزب إلى أن المؤتمر يهدف إلى مراجعة عملية تحول الحزب والبناء على نقاط قوته وتقييم نقاط ضعفه لاتخاذ الإجراءات التصحيحية، وأضاف أنه من المتوقع أن ينتخب قادة الحزب والقيادات العليا.
وسبق المؤتمر الأول لحزب الازدهار الذي ينطلق الجمعة، اجتماعات لممثليه في مدينة أداما بإقليم أوروميا، شارك فيه نحو 1600 عضو من ممثلي الحزب تم تصعيدهم من قواعد الحزب لمناقشات مختلف تقارير المؤتمر ودستور الحزب وبرنامجه .
الرؤية المستقبلية
وبلا شك أن الرؤية المستقبلية لحزب الازدهار لقيادة البلاد ستمثل محل نقاشات مهمة ومثيرة وفق تصريحات مختلفة لمسؤولي الحزب.
ويتوقع أن تناقش استراتيجية الحزب لقيادة إثيوبيا خلال السنوات المقبلة وستكون مناقشة نظام الحكم البرلماني المتبع حاليا منذ 30 عاما محل نقاش قوي حيث يسعى الحزب إلى طرح نظام الحكم الجمهوري وما يمكن أن يصاحبه من إجراءات مثل تغيير الدستور والتحول للنظام الرئاسي بدلًا من البرلماني الذي يتوقع أن يحدث جدلا ومخاوف من تقليص سلطات الأقاليم على حساب المركز.
ومن بين أجندة المؤتمر مناقشة تجربة الحزب الوليد "الازدهار" ورؤيته لقيادة البلاد وحل القضايا الكبرى وعلى رأسها استيعاب الشباب وخلق فرصة للآلاف منهم.
كما يتطلب توقف المشروعات التي كان قد بدأها الحزب بالبلاد هي الأخرى معالجات عاجلة متوازية مع معالجة الحرب والصراعات والمرتبطة بإيجاد رؤية سياسية تفتح الطريق نحو الاستقرار والأمن والسلام .
وينتظر حزب الازدهار الحاكم في إثيوبيا إرث مثقل بالعديد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية ستكون اختبارا له في خلق بيئة سياسية وأمنية مستقرة في البلاد في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد حاليا.
ويبدو أن ثمة تغييرا جذريا محتملا سوف يطرأ على سياسات الحزب بعد عملية التقييم الواسعة التي سيجريها على أعضائه فضلا عن إحلال وإبدال متوقع بصورة كبيرة بقيادات الحزب العليا والقيادات الأخرى وقرارات أخرى بالفصل النهائي للمتورطين في عمليات الفساد التي ظهرت مؤخرا وأصبحت مصدر قلق للحزب.
وتشكل حزب الازدهار الحاكم بزعامة آبي أحمد، في ديسمبر/كانون الأول 2019 باندماج 8 أحزاب بعد أن مر بمرحلة ميلاد معقدة، حيث ولد من رحم الائتلاف السابق للجبهة الديمقراطية الثورية، التي تصدرت المشهد السياسي لأكثر من 27 عاما .
وفاز بالانتخابات الأخيرة التي جرت يونيو/حزيران الماضي، فيما اختير زعيمه آبي أحمد لولاية جديدة في رئاسة الحكومة الإثيوبية لمدة 5 سنوات، بعد فوز حزبه بالانتخابات، كما صادق البرلمان أيضا على الحكومة الجديدة، متضمنة 22 حقيبة، منها 3 لأحزاب المعارضة لأول مرة .
aXA6IDE4LjE5MS4yNy43OCA= جزيرة ام اند امز