معارك الخطوط الأمامية لمواجهة تغير المناخ في فلوريدا.. الجهد الإماراتي في المقدمة (خاص)
يُعدُّ الحاجز المرجاني الكبير في فلوريدا، أقصى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، واحداً من أعظم وأهم الأماكن الطبيعية الموجودة بالعالم.
يمتد على مسافة تقدر بنحو 350 كيلومتراً على طول سواحل ولاية الشمس المشرقة، الممتدة من جنوب المحيط الأطلنطي، حتى شمال خليج المكسيك.
أهمية حاجز فلوريدا المرجاني لا ترجع إلى إنه أحد أغنى البيئات من حيث التنوع البيولوجي فحسب، ولا حتى لأنه مهم جداً للتوازن البيئي في المحيط الأطلنطي بكامله، بل إنه يُصنف كـ"أهم حاجز أمامي" ضد موجات الأعاصير المدمرة، والتي عادة ما تضرب المنطقة، لا سيما في موسم الأعاصير الأطلنطية في شهور الصيف.
وتعرض الحاجز لكثير من التدمير والضرر خلال السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة المحيط، والأعاصير المدمرة التي ضربته بقوة خلال السنوات الماضية، مما جعله عرضة للاندثار بشكل تام، الأمر الذي سيصبح كارثياً على كافة سواحل جنوب فلوريدا، في حال ضربها إعصار قوي.
ومؤخراً، تعاونت دولة الإمارات العربية المتحدة مع منظمات محلية عديدة في جنوب فلوريدا، لإعادة بناء الحاجز المرجاني وترميمه، مما أنعش الآمال مجدداً بالحفاظ على مأوى آلاف الأنواع الحية البحرية المتنوعة.
"العين الإخبارية" ترصد لك عزيزي القارئ في تقرير خاص، من ولاية الشمس المشرقة، الجهود الإماراتية لحماية حاجز فلوريدا الكبير، ونتائج هذه الجهود للحفاظ على الحياة البحرية في جنوب الأطلنطي.
خط الدفاع الأمامي للتغيرات المناخية
جيسيكا دوكيري، عالمة الأحياء البحرية ومنسق مشروع إعادة ترميم الشعاب المرجانية في منظمة United Way الأمريكية، بولاية فلوريدا، المعنية بحماية الحياة البحرية، قالت، لـ"العيـن الإخبارية"، إن الأضرار الكبيرة التي لحقت بحاجز فلوريدا المرجاني خلال السنوات الماضية دفعتنا للعمل على مبادرة محاولة استعادة الشعاب المرجانية، بالتعاون مع دولة الإمارات، مضيفة أنه خلال المرحلة الحالية 1A نعمل على زيادة كثافة الشعاب المرجانية المميزة على مدى السنوات الخمس المقبلة، واستخدام تقنيات مبتكرة مثل زرع الشعاب المرجانية المميزة، وإعادة نشرها.
وأوضحت عالمة الأحياء البحرية الأمريكية أن الشعاب المرجانية الصحية تلعب دوراً حاسماً في مكافحة تغير المناخ من خلال عدة آليات وهي:
عزل الكربون: الشعاب المرجانية هي أحواض كربونية عالية الكفاءة، تمتص الكائنات المرجانية، جنبًا إلى جنب مع الطحالب التكافلية (zooxanthellae) ، ثاني أكسيد الكربون (CO2) من المياه المحيطة أثناء عملية التمثيل الضوئي، ثم يتم تحويل الكربون إلى مادة عضوية يتم تخزينها في الكتلة الحيوية للشعاب المرجانية، تساعد هذه العملية في تقليل تركيز الغازات التي تعمل على الاحترار في الغلاف الجوي، وتخفيف تغير المناخ.
حماية السواحل: تعمل الشعاب المرجانية كحواجز طبيعية تحمي السواحل من التعرية وتأثيرات العواصف والأمواج، وتعمل هياكلها المعقدة وهياكلها العظمية المتكلسة على تبديد طاقة الأمواج، مما يقلل من القوة التدميرية على الشواطئ. من خلال منع تآكل السواحل، وتساهم الشعاب المرجانية السليمة في قدرة المجتمعات الساحلية على الصمود في مواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن تغير المناخ وزيادة تواتر وشدة العواصف.
حفظ التنوع البيولوجي: تعد الشعاب المرجانية من بين أكثر النظم البيئية تنوعاً على هذا الكوكب، حيث تدعم مجموعة واسعة من الأنواع البحرية، وهذا التنوع البيولوجي ضروري للحفاظ على التوازن البيئي للمحيطات، وتوفر الشعاب المرجانية الصحية الموائل ومناطق التكاثر ومصادر الغذاء للعديد من الأسماك واللافقاريات والكائنات البحرية الأخرى، ويساعد الحفاظ على هذا التنوع البيولوجي على ضمان مرونة النظام البيئي البحري وقدرته على التكيف في مواجهة تأثيرات تغير المناخ.
إنتاج الأكسجين: تنتج الشعاب المرجانية كمية كبيرة من الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، نظرًا لأن النباتات البحرية، مثل الطحالب والأعشاب البحرية، تساهم في النظام البيئي للشعاب المرجانية، فإنها تولد الأكسجين الذي يدعم الحياة البحرية ويزود المياه المحيطة بالأكسجين، يعد إنتاج الأكسجين أمرا حيويا للصحة العامة للبيئة البحرية والكائنات الحية التي تعيش فيها.
الفوائد الاقتصادية: تعد الشعاب المرجانية الصحية أصولًا اقتصادية قيّمة للمجتمعات الساحلية. إنها تدعم السياحة وصيد الأسماك والصناعات البحرية الأخرى، وتوفر الدخل وسبل العيش لكثير من الناس. يمكن أن يكون لفقدان الشعاب المرجانية بسبب تغير المناخ عواقب اقتصادية وخيمة على هذه المجتمعات، من خلال حماية الشعاب المرجانية واستعادتها، يمكننا الحفاظ على هذه الفوائد الاقتصادية والحفاظ على الاقتصادات المحلية.
وتابعت دوكيري، من المهم ملاحظة أن تغير المناخ في حد ذاته يشكل تهديداً كبيراً للشعاب المرجانية، وإن ارتفاع درجات حرارة البحر، وتحمض المحيطات، وازدياد تواتر وشدة تبيض المرجان، كلها عواقب لتغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى تدهور وتدمير الشعاب المرجانية. وبالتالي فإن الحفاظ على الشعاب المرجانية واستعادتها ليس أمرًا حيويًا فقط لمساهمتها في التخفيف من تغير المناخ، ولكن أيضاً من أجل بقائها في مواجهة تأثيرات تغير المناخ.
- مؤتمر الأمل.. COP28 يسعى لإنهاء خلافات التمويل المناخي
- رسالة سلطان الجابر التاريخية.. حماية الأرواح في صميم الاستجابة العالمية لتغير المناخ
تأثير دائم على الحياة البحرية
أما تيفاني مينش، الرئيس التنفيذي لمنظمة United Way يونايتد واي، فقالت، لـ "العيـن الإخباريـة"، إن المشروع الرائد الذي تنفذه منظمتها، بالتعاون مع دولة الإمارات، لترميم حاجز فلوريدا المرجاني، فرصة غير مسبوقة لإحداث تأثير دائم على البيئة البحرية، وخلق مستقبل مستدام لفلوريدا كيز، الواقعة في جنوب فلوريدا، وذلك بيئيًا واقتصادياً للأجيال القادمة.
وأشارت مينش إلى أن التعاون بين United Way ودولة الإمارات العربية المتحدة سوف يؤدي إلى تأثيرات طويلة الأجل على البيئة البحرية والمجتمعات المحلية، مثل ترميم الشعاب المرجانية في حاجز فلوريدا المرجاني، والتي يعد ضروريا لسبل عيش المجتمع المحلي وحماية السواحل. من خلال دعم خطط الاستعادة الشاملة، مشيرة إلى أن استعادة النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية المتضررة، وتوفير موطن لمجموعة متنوعة من الأنواع البحرية وتعزيز انتعاش التجمعات السمكية سيكون أحد التأثيرات طويلة الأمد لهذا المشروع.
ونبهت الرئيس التنفيذي لمنظمة United Way إلى أن استعادة الأجزاء التي تضررت في الحاجز المرجاني ستعزز خدمات النظام البيئي التي توفرها هذه الشعاب المرجانية، حيث تعمل الشعاب المرجانية الصحية كحواجز طبيعية تحمي المجتمعات الساحلية من العواصف والأمواج المدمرة.
إحاطة الكونغرس
من جانبه، قال ستيفن ساندرسون، مدير منظمة يونايتد واي السابق، والخبير البيئي في الحياة البحرية بولاية فلوريدا الامريكية، لـ"العيـن الإخباريـة"، إن الشراكة الدولية لاستعادة الحاجز المرجاني في فلوريدا بين دولة الإمارات العربية المتحدة واتحاد ترميم المرجان في فلوريدا، وتعزيز التعاون والتصدي للتحديات المشتركة، يمثل أمرا بالغ الأهمية، حيث يهدف المشروع إلى استعادة الشعاب المرجانية لجزر فلوريدا كيز من خلال خطة ترميم شاملة، بعد بقاء أقل من 2% من الشعاب المرجانية السليمة، يسعى المشروع -الذي تدعمه دولة الإمارات العربية المتحدة- إلى استعادة أكثر من 100 ميل من الشعاب المرجانية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار ساندرسون إلى أن المبادرة حققت إنجازاً لافتاً خلال الفترة الأخيرة، وتم تقديم إحاطة شاملة للكونغرس حول هذه المسألة، مما أدى إلى زيادة الوعي بين صناع القرار حول أهمية الحفاظ على الشعاب المرجانية واستعادتها، وسلطت إحاطة الكونغرس الضوء على السياق التاريخي للمشروع بين فلوريدا ودولة الإمارات، والوضع الحالي، والمشاركة المجتمعية، والشراكات التعاونية.
وتابع ساندرسون، يعد التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة United Way ومحمية فلوريدا كيز البحرية الوطنية، شراكة مهمة تهدف إلى تعزيز جهود الحفظ واستعادة البيئة البحرية، حيث يركز التعاون على مبادرة استعادة الشعاب المرجانية في فلوريدا كيز وضمان الاستقرار المالي طويل الأجل للمجتمعات المترابطة التي تعتمد عليها.
وأوضح الخبير البيئي الأمريكي الهدف الأساسي للمشروع هو استعادة الشعاب المرجانية في فلوريدا كيز، والتي عانت من أضرار كبيرة على مر السنين، من خلال استخدام تقنيات مبتكرة مثل تكاثر المرجان وزرعه، قائلا: نعمل بالتعاون مع المنظمات المحلية على تجديد الشعاب المرجانية وإعادة تنشطيها، كما نعمل كذلك من خلال المشروع على دعم سبل عيش المجتمعات المحلية وحماية السواحل، من خلال توفير استقرار مالي طويل الأجل للمجتمعات المحلية التي تعتمد على النظام البيئي البحري، حيث تجذب الشعاب المرجانية الصحية السياح وتحافظ على مصايد الأسماك وتساهم في الرفاه الاقتصادي العام للمنطقة.
ونبه ساندرسون إلى أن الشراكات العالمية والمشاركة في تبادل المعرفة، كما يحدث بين المنظمات المحلية في فلوريدا والمنظمات المعنية في دولة الإمارات، يسهل تبادل الخبرات والأفكار المبتكرة وأفضل الممارسات في استعادة الشعاب المرجانية، مما يفيد ليس فقط فلوريدا ولكن أيضاً النظم البيئية للشعاب المرجانية الأخرى في جميع أنحاء العالم.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjUuMTkyIA==
جزيرة ام اند امز