أول إصابة بجدري القرود في الإمارات.. جاهزية تامة ونجاح متوقع
نجاح متوقع وجاهزية تامة من قبل القطاع الصحي الإماراتي، للتعامل مع مرض جدري القرود بعد رصد أول حالة مصابة في البلاد.
ويستند هذا النجاح المتوقع في مواجهة المرض والسيطرة عليه إلى جملة من الأسباب، من أبرزها النقلة النوعية التي يشهدها القطاع الصحي في البلاد بدعم من القيادة الإماراتية، إضافة إلى النموذج الإماراتي الملهم في تعزيز التعاون والعمل الدولي المشترك لمواجهة الأمراض والأوبئة، وهو ما أظهر نجاحا لافتا خلال مواجهة جائحة كورونا.
ومن أبرز تلك الأسباب امتلاك دولة الإمارات نظاماً قوياً للتقصّي الوبائي والاستجابة والمكافحة الفورية، ما يسهم في الحفاظ على الأمن الصحي في البلاد.
وظهر هذا جليا خلال الأيام الماضية مع إعلان عدد من دول العالم عن رصد حالات مصابة بمرض جدري القرود بها، حيث اتخذت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالإمارات إجراءات فورية لمواجهة المرض والتعامل مع أي حالات قد يتم اكتشافها ضمن استراتيجية مواجهة تعتمد على الشفافية، والاستعداد الاستباقي للرصد والتقصي المبكر لأي حالات يتم رصدها في البلاد والبدء الفوري في علاجها، وتوعية المواطنين والمقيمين حول المرض.
شفافية إماراتية مطلقة
تلك الاستراتيجية تم تطبيقها بالفعل، وهو ما ظهر جليا مع إعلان وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية، الثلاثاء، عن رصد أول حالة لجدري القرود في البلاد وفق السياسة المتبعة لدى الجهات الصحية للرصد والتقصي المبكر لجدري القرود، في شفافية مطلقة معتادة.
وأوضحت الوزارة في بيان أن الحالة تعود إلى سيدة تبلغ من العمر 29 سنة زائرة من غرب أفريقيا وتتلقى العناية الطبية اللازمة. وطمأنت الوزارة أفراد المجتمع بأن الجهات الصحية تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة بما فيها التقصي وفحص المخالطين ومتابعتهم.
استعدادات مبكرة لجدري القرود
وحتى قبيل الإعلان عن رصد تلك الحالة، وفي أعقاب اكتشاف حالات مصابة بالمرض في عدد من دول العالم، أكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع جاهزية القطاع الصحي الإماراتي للتعامل مع جدري القرود من خلال الاستعداد الاستباقي للرصد والتقصي المبكر لحالات جدري القردة.
وبادرت وزارة الصحة بدراسة وتقييم خطر الوباء محلياً وفق حجم السفر الدولي وإصدار تعميم للكوادر الطبية للعمل على اكتشاف الحالات والإبلاغ عنها للجهات الصحية المعنية، كما قامت الوزارة بتطوير آليات التشخيص المختبري للحالات المشتبه بها بالسرعة المطلوبة.
وقام الفريق التقني الاستشاري لمكافحة الجائحات بإعداد دليل الترصد والاكتشاف المبكر للمرض وإدارة الحالات المصابة إكلينيكيا والإجراءات الاحترازية.
وأكدت الوزارة أنها وبالتعاون مع الجهات الصحية تتبع آلية ترصد وبائي وفق أعلى الممارسات العالمية لضمان الكفاءة المستدامة ووقاية المجتمع من الأمراض السارية وسرعة اكتشاف الحالات والعمل على الحد من الانتشار المحلي للأمراض والفيروسات كافة بما فيها جدري القردة.
توعية مستمرة
وضمن جهودها التوعوية، أوضحت وزارة الصحة الإماراتية أن جدري القرود يعتبر مرض حيواني المنشأ يسببه فيروس ينتمي إلى فصيلة فيروسات الجدري حيث ينتشر في المقام الأول في مناطق الغابات الاستوائية المطيرة في وسط وغرب أفريقيا ويتم تصديره أحيانا إلى مناطق أخرى.
ونبهت إلى أنه يحدث انتقال محدود من إنسان إلى آخر من خلال الاتصال المباشر بالتقرحات الجلدية وسوائل الجسم ورذاذ الجهاز التنفسي والمواد الملوثة.. وحتى اندلاع هذه الفاشية لم يكن المرض يحدث إلا في مجموعات صغيرة أو متوسطة الحجم، ما يشير إلى انخفاض قابلية الانتقال بين البشر .. فيما تكون الإصابة بالمرض عادة خفيفة ولكن يمكن أن يكون المرض شديداً في نسبة محدودة من الحالات.
ونوهت إلى أن فترة حضانة المرض تتراوح بين 7 إلى 14 يوما وقد تمتد إلى 21 يوما وفترة العدوى من شخص إلى آخر تبدأ من بعد ظهور الطفح الجلدي والذي يظهر عادة بعد حوالي 3 أيام من الإصابة بالحمى.. وقد يصاحب المرض أعراض مثل إرهاق وصداع وانتفاخ في الغدد اللمفاوية.
الترصد الوبائي
ويعد نجاح الإمارات في سرعة اكتشاف أول حالة مصابة بجدري القرود دليلا عمليا على نجاح نظام الترصد الوبائي الذي تسعى الدولة لتطويره باستمرار.
وكانت وزارة الصحة ووقاية المجتمع قد أطلقت يناير/ كانون الثاني الماضي النظام الالكتروني للصحة العامة "SPHERE" والذي يشكل تطوراً نوعياً في أنظمة الترصد الوبائي وإدارة الأوبئة، من خلال منصة إلكترونية يمكن استخدامها أو ربطها على مستوى البلاد.
وتهدف الوزارة إلى توفير نظام متكامل للترصد المبكر ومتابعة وإدارة الأحداث ذات التأثير على الصحة العامة، وتعزيز الربط مع القطاعين الصحي الحكومي والخاص والجهات المعنية، لتوفير قاعدة بيانات وطنية موحدة. تسهم في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة، من خلال مشاركة المعلومات وتبادلها محليا وإقليميا وعالميا، بما يعزز تقدم الدولة في المؤشرات التنافسية الصحية.
نقلة نوعية
النظام الإلكتروني الخاص بالترصد الوبائي يعكس أحد أوجه التقدم والتطور في القطاع الصحي في الإمارات بشكل عام، بدعم من القيادة الإماراتية التي أولت قطاع الصحة رعاية خاصة. وأسهم هذا الدعم في تعزيز مكانة دولة الإمارات العالمية ضمن أفضل الأنظمة الصحية على مستوى العالم.
أيضا تم وضع خارطة طريق مستقبلية لتطوير منظومة صحية رائدة بالإمارات من خلال رسم مسار يعتمد على إيجاد الحلول المبتكرة للتحديات وتعزيز قدرات هذا القطاع الحيوي والجاهزية المستقبلية، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في الرعاية الطبية.
وضمن أحدث الجهود في هذا الصدد، أعلنت هيئة الصحة في دبي، الثلاثاء، استحداث رخصة إنشاء عيادات ذكية في الأماكن العامة ومراكز التسوق، تعد الأولى من نوعها في الإمارات والشرق الأوسط.
وافتتح الدكتور مروان الملا المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في هيئة الصحة بدبي أول عيادة ذكية في الدولة في برج "فيستيفال سيتي دبي" تابعة لمجموعة "الفطيم للرعاية الصحية".
وأوضح "الملا" أن هذه الخدمة المستحدثة تأتي في إطار تعزيز وتشجيع الابتكار في القطاع الصحي، لافتا إلى أن العيادة التي تم تدشينها تعتبر الأولى التي حصلت على رخصة. ونوه إلى أن هذه الخدمة تمكن الطبيب من علاج المرضى في أي مكان وهو في مكتبه.
سجل حافل
أيضا فإن النجاح المتوقع للإمارات في مواجهة مرض جدري القرود، يستند على سجلها الحافل والبارز، في مكافحة العديد من الأمراض والأوبئة على الصعيدين المحلي والدولي .
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تصدرت دولة الإمارات دول منطقة الشرق الأوسط، في قائمة أفضل تعامل لقيادة الدول خلال أزمة فيروس "كوفيد-19" العالمية، وذلك وفق استبيان للمؤشر العالمي للقوة الناعمة الذي أصدرته "براند فايننس" من بريطانيا.
كما حلت الإمارات في المركز الأول شرق أوسطياً والثالث عالمياً من حيث رضا الجمهور عن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بمكافحة الوباء، وذلك وفقاً لتقرير أصدرته "مؤسسة تولونا الدولية" لمسح المستهلكين في يونيو/ حزيران الماضي.
وتحفل مسيرة الإمارات والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بالعطاء والدعم والمبادرات ذات التأثير العالمي بهدف النهوض بقطاع الرعاية الصحية في الإمارات والعالم، وتعزيز المنظومة الدولية لمكافحة الأوبئة والأمراض الأكثر تهديداً لحياة البشر.
وعلى مدار عامين أو أكثر حظيت الجهود الإماراتية المتواصلة لدعم التحركات العالمية لمواجهة جائحة كورونا بعرفان وشكر عربي وأممي للدولة ولقيادتها. ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور، جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدعم وإغاثة المحتاجين حول العالم في ظل جائحة كورونا.
ومنذ بداية الجائحة، كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة للمبادرات التي تستهدف تخفيف حدة تداعيات الأزمة على مستوى العالم، مشكلة 80 في المائة من إجمالي حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة خلال الجائحة.
كما حققت دولة الإمارات نجاحات وإنجازات في مجال مكافحة مرض الملاريا إذ لم تسجل فعلياً أي حالة مصابة من داخل الإمارات منذ عام 1997 وحصلت على إشهار منظمة الصحة العالمية بالتخلص النهائي من المرض عام 2007 مع حفاظ الدولة على استمرار خططها في تطوير استراتيجية الملاريا الخاصة بتشخيص وفحص الحالات الوافدة وتقديم أحدث الأدوية والعلاجات المجانية.
كذلك نجحت دولة الإمارات في إرساء نموذج عالمي يحتذى به في استئصال شلل الأطفال وإدارة مكافحته بخطط مدروسة وحققت نتائج متميزة في التعامل مع هذا المرض.
وبفضل الجهود التي بذلتها وزارة الصحة وشركاؤها لتطبيق نظام الترصد القوي لشلل الأطفال والتغطية الشاملة بالتطعيمات لم تسجل أي حالة في دولة الإمارات منذ العام 1992 واستمرت في تنفيذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء على هذا المرض.