انتخابات الكونغرس.. تسونامي جمهوري متوقع بـ"النواب" والشيوخ "أمل" الديمقراطيين
يتوجه ملايين الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع، الثلاثاء، لاختيار الكونغرس في تشكيله الجديد بغرفتيه التشريعيتين (النواب والشيوخ) وسط أجواء غير مسبوقة من الاستقطاب الحاد، والانقسام الشديد في الشارع الأمريكي.
وتأتي الانتخابات بالتزامن مع تزايد تداعيات موجة التضخم التي ضربت طول البلاد وعرضها، فضلا عن استمرار تحقيقات الكونغرس في اقتحام أنصار الرئيس دونالد ترامب البرلمان الأمريكي 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وفيما تشير استطلاعات الرأي إلى اكتساح الجمهوريين غالبية مقاعد مجلس النواب والبالغة 435 مقعدا، فيما أشبه بموجة تسونامي حمراء، يقاتل الديمقراطيون لانتزاع غالبية مجلس الشيوخ أو على الأقل الاحتفاظ بالوضع الراهن الذي يتقاسم فيه الطرفان السيطرة على الشيوخ 50/50 لكن صوت نائب الرئيس كاملا هاريس يرجح كفة الديمقراطيين.
- رئيس تحرير مؤسسة جالوب الأمريكية لـ"العين الإخبارية": الديمقراطيون قد يخسرون بنسبة أكبر من المتوسطات التاريخية لحزب الرئيس
وتجرى الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب البالغة 435 مقعدا، وتحقيق الغالبية يتطلب الحصول على 218 مقعدا، في حين تجرى انتخابات الشيوخ على35 مقعدا فحسب، من إجمالي ١٠٠ مقعد من مقاعد الشيوخ، كما تجرى الانتخابات على منصب حاكم الولاية في 36 ولاية أمريكية وهي معركة لا تقل ضراوة عن انتخابات الكونغرس.
وترجع أهمية انتخابات هذا العام، إلى إنه من المتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات، على مسار دعم واشنطن لأوكرانيا في مواجهة العملية العسكرية الروسية، وقضايا التغير المناخي، فضلا عن إمكانية تعطيل المحاكمة البرلمانية لترامب في حال انتزاع الجمهوريين غالبية الكونغرس مجددا.
ولايات الحسم
وبحسب دوج شوارتز، مدير استطلاع جامعة كوينيبياك الأمريكية، أحد أهم استطلاعات الرأي على المستوى الوطني الأمريكي، ومن أكثرهم شهرة، فإنه بالرغم من أن التنافس الشديد يبدو السمة الرئيسية لهذه الانتخابات، إلا أن استطلاعات الرأي تشير بوضوح إلى عنف السباق الانتخابي في عدد معين من الدوائر.
وأضاف شوارتز، لـ "العين الإخبارية" أن بنسلفانيا تشهد سباقا انتخابيا محتدما حيث يدفع الحزب الديمقراطي بجون فيترمان لمواجهة الدكتور أوز من الجانب الجمهوري، وهو سباق متقارب للغاية الآن، بالرغم من تمتع فيرمان بالأفضلية النسبية في استطلاعات الرأي، لكن الفارق ليس كبيرا ويخضع لحسابات هامش الخطأ بحيث يمكن أن يذهب مقعد الولاية إلى أي من الحزبين.
وكان الرئيس بايدن قد أعاد ولاية بنسلفانيا مرة أخرى إلى الولايات الزرقاء في عام 2020، بعد أن فاز ترامب بفارق ضئيل في الولاية في عام 6201، ولكن قبل ذلك، صوتت الولاية للديمقراطيين في ستة انتخابات رئاسية متتالية، بعض الديمقراطيين ينسب الفضل للولاية في استعادة البيت الأبيض 2020، لاسيما بعد خسارة بايدن الكبيرة في فلوريدا.
وستشهد الولاية بعض أهم سباقات مجلس الشيوخ وحاكم الولاية في البلاد هذا العام، يأمل الجمهوريون في الاحتفاظ بمقعد مجلس الشيوخ مع الشخصية التلفزيونية محمد أوز، بينما يأمل اللفتنانت جون فيترمان أن تساعده جاذبيته كعسكري سابق، في نقل المقعد إلى الديمقراطيين.
كما تشهد المنافسة على الثلاثة مقاعد لمجلس النواب بالولاية منافسة حامية الوطيس، بعد تساوى مرشحي الحزبين في كافة استطلاعات الرأي، بين النائبة سوزان وايلد (ديمقراطية) ضد ليزا شيلر (جمهورية) في الدائرة السابعة، وفي الدائرة الثامنة بين النائب ماثيو كارترايت (ديمقراطي) ضد جيم بونيه (جمهوري)، وبين كريس ديلوزيو (ديمقراطي) ضد جيريمي شافير (جمهوري) في الدائرة الـ 17.
كما يحاول المدعي العام للولاية جوش شابيرو الحفاظ على السيطرة الديمقراطية على حاكم ولاية بنسلفانيا في سباق اكتسب أهمية إضافية؛ لأن الحاكم يعين المسؤول عن الانتخابات، ينافس شابيرو السيناتور الجمهوري دوغ ماستريانو، الذي كان شخصية محورية تدعم جهود ترامب لإلغاء نتائج انتخابات 2020.
وتشمل المعاقل الديمقراطية في الولاية مدينتي فيلادلفيا وبيتسبرج بينما يحتشد الجمهوريون في الجزء المركزي الأكثر ريفية من الولاية.
معركة جورجيا
وأضاف شوارتز أن جورجيا تشهد هي الأخرى معركة كبرى، والمرشح الديمقراطي أرنوك، يدافع عن مقعده في مجلس الشيوخ باستماتة ولديه الأفضلية نسبيا، لكنه قريب بما يكفي من المرشح الجمهوري ووكر وفوز أي منهما يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا على مستوى النتائج النهائية، موضحا أنه عندما يكون لديك مجلس شيوخ بنسبة 50/50، يحتاج الجمهوريون فقط إلى الحصول على مقعد واحد لقلب الطاولة.
- خبير استطلاعات رأي لـ"العين الإخبارية": الديمقراطيون قد يخسرون في نيفادا لكنهم قد يعوضون خسارتهم في بنسلفانيا
جدير بالذكر أنه عندما فاز بايدن بالولاية المطلة على الساحل الأطلنطي للولايات المتحدة، في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، أصبح أول ديمقراطي منذ بيل كلينتون في عام 1992 يفوز بأصوات الولاية، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ فوز الرئيس جيمي كارتر بالولاية.
وسيختار الناخبون في جورجيا حاكما جديدا للولاية، وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي، و14 ممثلا للولاية في مجلس النواب الأمريكي، تصنف الولاية على أنها ستكون من بين الولايات الأكثر متابعة خلال انتخابات التجديد النصفي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي سباقات محمومة وقريبة للغاية بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وخلال آخر دورتين انتخابيتين، كانت النتائج بين الحزب الديمقراطي والجمهوري قريبة للغاية بشكل جعل متابعة النتائج بها عملية شديدة الحساسية ومرهقة للغاية حيث بلغ هامش الفارق بين الطرفين في بعض الأحيان بضعة مئات من الأصوات.
ففي الدورة الماضية، فاز الديمقراطيان جون أوسوف ورافائيل وارنوك بمقاعد في مجلس الشيوخ لقلب السيطرة على مقاعد الولاية في الشيوخ للديمقراطيين، وسيتنافس وارنوك خلال هذه الانتخابات لفترة جديدة ضد نجم كرة القدم الأمريكية المدعوم من ترامب، هيرشل ووكر، وتعد هذه المعركة الأعنف بالولاية.
وإذا لم يفز أي من المرشحين بأكثر من 50٪ من الأصوات، فقد يذهب السباق إلى جولة الإعادة مما قد يؤخر اتضاح الصورة النهائية على من يسيطر على مجلس الشيوخ.
وكان الحاكم الجمهوري، بريان كيمب، قد نجا خلال الانتخابات التمهيدية للحزب من منافس آخر مدعوم من ترامب في هذه الدورة بعد رفضه لمزاعم سرقة انتخابات 2020، كما فاز بولايته الأولى في منصبه عام 2018، متغلبًا على الديمقراطية ستايسي أبرامز بفارق 55 ألف صوت فقط، وهي نفس المرشحة التي عادت من جديد لتواجهه في ٢٠٢٢، وبينما يتقدم كيمب بفارق ضئيل في استطلاعات الرأي، تطمح أبرامز بأن تكون أول امرأة سوداء تتقلد منصب حاكم الولاية في تاريخ الولايات المتحدة.
نيفادا ويسكنسون
وحول سخونة المعارك الانتخابية في نيفادا وويسكونسن، أشار الخبير الأمريكي إلى أن الرياح هناك ليست في صالح المرشح الديمقراطي، حيث يتوقع أن يستعيد الجمهوريون السيطرة على مقعد الولاية في مجلس الشيوخ، لكن في الوقت نفسه يمكن أن يعوض الديمقراطيون هذه الخسارة بمكسب مقعد إضافي في ولاية بنسلفانيا، مشددا على أنه إذا احتفظ الديمقراطيون بالوضع الراهن المتمثل في عدم وجود أي غالبية صافية لأي من الطرفين، فعندئذٍ لديهم كسر التعادل، بصوت نائب الرئيس الأمريكي كاملا هاريس، ومن ثم ستستمر السيطرة لهم.
وتعد نيفادا أو الولاية الفضية كما يُطلق عليها، بابا ملكيا لنزلاء البيت الأبيض، فالولاية صوتت لكل فائز رئاسي من 1980 إلى 2012. وانتهت هذه السلسلة عندما فازت هيلاري كلينتون بالولاية في عام 2016 لتخسر الانتخابات بعدها، لكن الولاية عادت بالتصويت لصالح بايدن في عام 2020. وفاز بايدن بالولاية بهامش أقل قليلاً مما فعلته كلينتون، وعلى الرغم من فوز الديمقراطيون بالولاية في كل انتخابات رئاسية منذ 2008، لكن اللافت أنه في كل مرة يتقلص هامش فوزهم.
ويعد كل من السيناتور كاثرين كورتيز ماستو والحاكم ستيف سيسولاك من بين الأقل شعبية في الحزب الديمقراطي على مستوى البلاد، ويواجهون منافسة عنيفة، قد تؤثر على النتائج النهائية في الانتخابات.
ويواجه كورتيز ماستو تحديًا من المدعي العام السابق للولاية آدم لاكسالت، الذي فاز على مستوى الولاية في عام 2014 كمدعيا عاما، لكنه خسر سباق الحاكم عام 2018، أما سيسولاك الذي يخوض المعركة للدفاع عن منصبه كحاكم للولاية يخوض تحديا من نوع آخر هو أيضا، حيث يتنافس ضد جو لومباردو، عمدة أكبر مقاطعة في الولاية.
ويرى أنصار الحزب الجمهوري فرصة تاريخية ربما لن تتكرر، في المستقبل القريب للسيطرة على الولاية، تمهيدا لمعركة الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤، وقد دفع الحزب مؤخرا بكل ثقله الانتخابي في معركة نيفادا حيث سبق وأعلن قادة جمهوريون بما فيهم ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس وسناتور تكساس تيد كروز دعمهم وراء المدعي العام السابق لولاية نيفادا آدم لاكسالت، الذي يسعى للإطاحة بالسيناتور الديمقراطي كاثرين كورتيز ماستو في سباق محموم.
وتعد كورتيز ماستو، أول امرأة من ولاية نيفادا وأول لاتينية تُنتخب في مجلس الشيوخ الأمريكي، وهي واحدة من العديد من الديمقراطيين على مستوى البلاد الذين قد يستفيدون من الحافز المتزايد بين الناخبين الذين يريدون حماية حقوق الإجهاض بعد أن ألغت المحكمة العليا قضية رو ضد ويد.
أما ولاية ويسكونسن فهي واحدة من أكثر الولايات انقسامًا في البلاد، ويواجه كل من السيناتور الجمهوري رون جونسون والحاكم الديمقراطي توني إيفرز حملات انتخاب قاسية للغاية.
ففي عام 2020، قلب بايدن ولاية ويسكونسن مرة أخرى إلى اللون الأزرق بأقل من ١٪ بعد فوز ترامب بفارق ضئيل في الولاية في عام 2016، وبينما تميل الولاية إلى الحزب الديمقراطي، حيث فاز مرشحو الحزب بالولاية في آخر7 انتخابات رئاسية قبل أن يفوز بها ترامب في ٢٠١٦.
يتلقى الديمقراطيون أكبر قدر من الدعم من ميلووكي تاريخيًا وعاصمة الولاية ماديسون، بينما توجد قاعدة الحزب الجمهوري في الضواحي الشمالية والغربية الأكثر ثراءً من ميلووكي، وكذلك في المقاطعات الأقل كثافة سكانية في وسط ولاية ويسكونسن.
شعبية بايدن
أما محمد يونس، رئيس تحرير مؤسسة جالوب الأمريكية بواشنطن، فقد أشار إلى أن انتخابات التجديد النصفي هذا العام تحيط بها العديد من العوامل الفريدة مثل الوضع الاقتصادي الذي لا يمكن التنبؤ به إلى حد كبير إلى جانب القرارات الرئيسية التي اتخذتها المحكمة العليا مؤخرا حول الحق في الإجهاض القانوني، كما تأتي هذه الانتخابات في وقت مضطرب للغاية بالنسبة للسياسة الأمريكية، لذلك يجب الحذر عند وضع أي افتراضات عامة حول الانتخابات.
وكانت مؤسسة جالوب الأمريكية قد كشفت مؤخرا عن نتائج استطلاع رأي تشير إلى أن شعبية الرئيس بايدن لا تتجاوز الـ 41٪، ونسبة الرضى بين الأمريكيين في عمل الكونغرس 18٪، بينما الإحصاءات المماثلة في عهد الرئيس السابق ترمب في عام 2018 عندما خسر الجمهوريون 40 مقعداً في مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي في ذلك العام، جاءت 41 ٪، و21 ٪ على التوالي.
جدير بالذكر أن لدى الديمقراطيين حالياً 220 مقعداً في مجلس النواب، في حين أن الأغلبية البسيطة تتطلب الحصول على 218 مقعداً أي أن الديمقراطيين يتمتعون بأغلبية غير مريحة، بفارق مقعدين فحسب، في حين لدى الجمهوريين 209 مقاعد، وهناك ستة مقاعد شاغرة.
وأوضح رئيس تحرير مؤسسة جالوب، لـ "العين الإخبارية"، أن حزب الرئيس يفقد عادة مقاعد في مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي – بمتوسط 23 مقعدا منذ عام 1974، مشيرا إلى أن “انتخابات هذا العام ليست انتخابات عادية، حيث إنه اعتبارا من مايو الماضي، تم رصد في مؤسسة جالوب أن مؤشرات الرأي العام أقل بكثير من المتوسطات التاريخية التي تم قياسها في سنوات الانتخابات النصفية الماضية، منبها إلى أن هذه الأرقام بمفردها تشير إلى خسارة أكبر من المتوسط لمقاعد الحزب الديمقراطي هذه الانتخابات.