التلوث المتنازع عليه.. 3 قصص من أروقة قمم المناخ
تقطع الدول على نفسها عهدا خلال مؤتمرات المناخ بالعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، لكن المفارقة اللافتة أن هناك 3 حالات تدخلت فيها السياسة لتمنع العالم من التقييم الدقيق لوضع الانبعاثات عالمياً.
يتعين على الدول سنوياً في قمة المناخ تقديم تقرير لهيئة اتفاقية باريس للمناخ، لتقييم مدى الالتزام الذي تم تحقيقه في اتجاه تخفيض الانبعاثات، ولكن هناك صراعات جيوسياسية تحول دون ذلك، وأبرزها الصراع الصيني التايواني.
فقدت تايوان مقعدها في الأمم المتحدة لصالح الصين عام 1971، ومنعتها بكين من المشاركة في الهيئات التابعة للأمم المتحدة بسبب الخلاف حول وضعها السياسي، ولا يمكنها التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وتعتبر بكين تايوان جزءاً من الصين، لكنها لا تُدرج انبعاثات تايوان في حسابها.
يقول خالد إمام، باحث التغيرات المناخية بجامعة بون في ألمانيا لـ"العين الإخبارية": "هذا الوضع يحرم العالم من تقييم دقيق للانبعاثات، لأن تايوان موطن صناعة الرقائق عالية التقنية في العالم، وهي من بين أكبر 25 اقتصاداً، حيث يبلغ إنتاجها حوالي 700 مليار دولار سنوياً، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد بها أكثر من ضعف المتوسط العالمي، وأعلى من الصين، أكبر مصدر للانبعاثات".
ولا تستطيع هيئة اتفاقية باريس للمناخ أيضاً، تقييم الوضع في الأرجنتين، بسبب صراع جيوسياسي آخر محوره "جزر فوكلاند"، حيث لا تدرج الأرجنتين الانبعاثات الصادرة عن تلك الجزر في تقاريرها الخاصة، وتكتفي بالإشارة دوماً في تقاريرها الدولية إلى إدانة ما تسميه "الاحتلال البريطاني" لتلك الجزر، وهو وضع يرى إمام أيضاً، أنه لا بد من الوصول لحل له.
ويقول إمام: "هذه الجزر واعدة من حيث مشاريع استخراج النفط، مثل مشروع (سي لاين) لشركة (روكهوبر)، والذي وصف في 2010، بأنه سيصبح أهم مصادر استخراج النفط على مستوى العالم، ولا يد من معرفة حجم الانبعاثات الناجمة على تلك المشروعات".
أما الحالة الثالثة والأغرب لتأثير الصراعات الجيوسياسية على التقييم الحقيقي للانبعاثات، فمصدرها الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وهو صراع أقدم من بداية الحرب في 24 فبراير /شباط من عام 2022.
ويقول بشر بوذكري، الباحث ببرنامج البحوث البيئية بجامعة زيورخ: " إذا كانت الدول تسعى لإظهار انبعاثات منخفضة أو منع دول أخرى من اكتساب شرعية من بوابة تقارير الانبعاثات، كما يحدث في حالة تايوان وجور فوكلاند، فإن هناك تنافس أوكراني روسي على ضم انبعاثات شبه جزيره القرم منذ عام 2016".
ويضيف أنه "منذ عام 2016 تسعى روسيا لضم انبعاثات القرم إلى تقريرها الوطني، وتفعل أوكرانيا الشيء نفسه، لتسجلا حالة غريبة وفريدة من التنافس على التلوث".
تصر أوكرانيا على تفعيل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (68/262) الصادر في 27 مارس/آذار 2014، والذي يصف ضم روسيا لشبه جزيرة القرم بأنه "غير قانوني"، وبناء عليه تحرص في كل مؤتمرات المناخ على منع النظر لأي وثيقة روسية، تشمل إحصاءات القرم، دون مذكرة مرجعية ذات صلة، تنص على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن جانبه، يقول مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إن السياسة دائماً ما تفسد المناخ، والحالات الثلاث، أحد أشكال تدخل السياسة في العمل المناخي.
ويضيف: "تظهر تدخلات السياسة أيضاً في تأثر بعض أعضاء الأحزاب بالمواقف البيئية لأحزابهم، وهو ما خلق حالة من الانقسام بشأن تغير المناخ، بين مستشعر بخطورته، ومقلل من تلك الخطورة، ولا تزال للأسف هذه الحالة مستمرة، رغم الشواهد التي لا تنكرها العين، بأن تغير المناخ أصبح يمثل تهديداً وجودياً للبشرية".
aXA6IDE4LjExOC4zNy44NSA= جزيرة ام اند امز