المصاحف الملونة بمصر.. هدايا مخبأة تنتظر زبونها
المصاحف الملونة بمصر تكاد أن تكون تجارة سرية يخشى أصحابها المصادرة والتعرض لغرامة مالية بعد منع الأزهر الشريف لها
يخبئونها في دُرج خشبي، تحت مصاحف بالحجم ذاته بعيدًا عن الأنظار، يتريثون قبل عرضها والإفصاح للزبائن عن وجودها لديهم، في محاولة لتجنب تعرضهم لغرامة مالية، تصل إلى آلاف الجنيهات، في حال اكتشاف بيعهم تلك المصاحف الملونة، التي يمنع تداولها الأزهر الشريف.
هذه هي حال غالبية بائعي المصاحف، في شوارع العاصمة المصرية القاهرة.. فيما يوزع البعض الآخر نظره طوال اليوم بين المارة، للتأكد من أنه ليس هناك ما يدعوه لإخفائها مجددًا، فالمصاحف الملونة لم تعد "بضاعة" يمكنهم عرضها، بل باتت "هدايا تحت الطلب"، بعدما قرر مجمع البحوث الإسلامية مصادرة جميع نسخ المصاحف الملونة، وهو ما تنفذه هيئة المصنفات الفنية منذ عامين.
أصحاب المكتبات، الذين ينقسمون بين مؤيد لفكرة المصاحف الملونة، والمعارض لها، لا يجدون حرجًا في إتاحة المصاحف ذات الأغلفة الملونة، في حال سؤال الزبائن عنها، خاصة أنها تلقى رواجًا من قبل الشباب، والفتيات على وجه الأخص، ما اعتبره بعضهم "أسلوبًا جيدًا في الترغيب لقراءة القرآن"، فضلًا عن الربح الذي تدره عليهم.
من يشتري المصحف الملون؟
لم يختلف بائعو المصاحف، في أحاديث منفصلة لبوابة "العين" الإخبارية، على تحديد نوعية الزبائن التي تذهب لشراء المصحف الملون، فجميعهم من فئة الشباب، لا سيما الفتيات ممن يشترين هدايا لصديقاتهن، موضحين أنه في حالات نادرة يطلب رجل كبير مصحفا ملونا، وعادة ما يشتريه لإحدى بناته.
أحد الباعة، ويدعى أبو مريم "45 عامًا"، قال لبوابة "العين": جميع طالبي المصحف الملون من الفتيات، يأتين ويسألن عن المصحف الملون، ويتبين من أحاديث الواحدة منهن أنها تشتريه إما لصديقتها أو لقريبتها.. من النادر جدًا أن يسأل رجل عن المصحف الملون إلا إذا كان سيشتريه لابنته.
"المصحف الملون هدية"، هذه العبارة اتفق عليها بائعان، مع أبو مريم، رافضين الإفصاح عن أسمائهما خوفًا من تعرضهما لغرامة مالية، فقال أحدهما: يشتريه الشباب كهدايا بينهم البعض، وربما يكون السبب ألوانه المبهجة، أو البعض منهم يبحث عن هدايا غير تقليدية، مشيرًا إلى أن الأسعار متفاوتة بحسب الأحجام، وتتراوح بين 20 وحتى 100 جنيه (من 1 إلى 10 دولارات).
المصحف الملون.. بضاعة التجار لأجل الربح
وينقسم بائعو المصاحف الملونة في رأيهم بشأن المصاحف الملونة التي يبيعونها، فبعضهم يرى أنها "غير مقنعة"، ولكنهم يبيعونها للتجارة فقط، فيما يرى البعض الآخر أنها وسيلة تحبب البعض في شراء المصحف للغير واعطاءه كهدية من منطلق حديث الرسول "تهادوا تحابوا".
ويمثل أبو مريم، الفريق الأول، حيث يقول لبوابة "العين": في رأيي دينيًا والتزامًا المصحف الملون ممنوع، لأنه غير مقبول أن يكون القرآن بالألوان، وبالنسبة لست مقتنعًا به، ومثله عندي مثل المسجد.. هل يجوز أن نقوم بزخرفة الجوامع؟ بالطبع لا.. لكني أبيعه من أجل التجارة والربح.
وتابع أبو مريم الذي كان ينظر خارج محله خشية أن يسمعه أحد ويتعرض لغرامة مالية قبل أن يكمل: المصحف الملون ليس له ميزة من وجهة نظري، يعني البعض يعتقد أنه لتقسيم المصحف، لكن الحقيقة هو تلوين للمصحف دون قصد ترتيب أو فصل.. والناس تشتريه كهدايا ليس لاستخدامه في غرض.
في محل مجاور لأبو مريم، يخالفه الرأي، بائع آخر يدعى "محمود صالح": عن نفسي لا أحب القراءة في المصحف الملون، لكن نبيعه لأن له زبون، ولا أرى به مشكلة شرعية، فهو مصحح من علماء شرعيين، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أن منعه دليل على مخالفته شرعيًا.
المصحف الملون.. ممنوع ولا يقره الأزهر
وقبل عامين، أعلن مجمع البحوث الإسلامية، التابع لمؤسسة الأزهر الشريف، مصادرة مجمع البحوث جميع نسخ المصاحف الملونة، وسحبها من الأسواق من التجار الذين استوردوها من لبنان، وتوقيع غرامة مالية في حال العثور على مثل هذه المصاحف، لكن التجار مازالوا يبيعونها كونها تجارة رابحة لهم.
محيي الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، قال لبوابة "العين" الإخبارية، إن "بيع المصاحف الملونة لا يعني أنها مسموح بها، لكنها مرفوضة لعدم مناسبتها لجلال القرآن الكريم، فإذا كان القارئ يقرأ القرآن للتقرب لله، وتدبر الآيات فنقول له لا تخلط عملك بما لا يناسب القرآن".
وتابع المسؤول الديني: يمكن للباعة المتاجرة في أي شيء بعيدا عن كتاب الله؛ لأن له قدسية وجلالا وينبغي أن نحافظ على تلك الهيبة والجلال، ولا نستعيضها بأموال مهما كان ربحها.
aXA6IDE4LjIxNy4yNTIuMTk0IA== جزيرة ام اند امز