المجموعة العربية تفك «عقدة تمويل المناخ» بمصادر وحلول مبتكرة
أنواع مختلفة من الضرائب على الشركات لتوفير الإنفاق الأخضر
تريد المجموعة العربية فرض ضريبة مبيعات 5% على شركات التكنولوجيا والأزياء والدفاع، بما يمكن الدول الغنية من جمع 1.1 تريليون دولار سنويا.
اقتحمت الدول النامية عقدة تمويل المناخ بتقديم آليات جديدة وأشكال مبتكرة من الضرائب ومنافذ متنوعة لوضع الدول الغنية أمام مسئولياتها في مساندة الدول المتضررة من آثار المناخ، بما يوفر مئات المليارات من الدولارات للعمل المناخي بمشاركة فاعلة للقطاع الخاص في تحمل أعباء المقترحات الجديدة.
وفي محادثات الأمم المتحدة بشأن هدف جديد لتمويل المناخ لما بعد 2025 في مدينة بون الألمانية، قالت المجموعة التي تضم 134 دولة نامية، إن الحكومات الغنية يمكنها جمع 1.1 تريليون دولار سنويا، لدعم الدول النامية في الحد من الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ.
وتم تكليف المفاوضين بوضع هدف كمي جماعي جديد، بشأن تمويل المناخ، والذي يعمل بسرعة على تحديد حجم الأموال التي نحتاجها عالميًا للعمل المناخ، ويقدر الخبراء أنه بحلول 2030، ستكون هناك حاجة إلى 2.4 تريليون دولار سنويا لدعم احتياجات البلدان النامية وحدها.
وتؤكد ورقة أعدتها مجموعة الـ77 والصين – مازالت في طور التشاور- أن الدول الغنية ستحتاج "فقط" إلى إنفاق 0.8% من ناتجها المحلي الإجمالي سنويا لجمع 441 مليار دولار، وذلك من شأنه أن يحشد ما يكفي من التمويل الخاص ليصل إلى 1.1 تريليون دولار سنويا.
وفي قمة المناخ COP28 في دبي العام الماضي، أطلقت فرنسا وكينيا فريق عمل للنظر في الرسوم المبتكرة التي يمكن أن تجمع الأموال للعمل المناخي، ومن مقترحاتهم الضرائب على الشحن الدولي- والتي وافقت بالفعل على فرضها - على الطيران والوقود الأحفوري والمعاملات المالية.
ويشير المقترح إلى أن 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي أقل بكثير من نسبة 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي التي تنفقها البلدان النامية حالياً على دفع الفوائد على ديونها.
وتقول الورقة، إن الدول المتقدمة يمكنها جمع 441 مليار دولار "دون المساس بالإنفاق على الأولويات الأخرى بالكامل من خلال اعتماد تدابير محلية مستهدفة"، مثل "ضريبة المعاملات المالية"، وضريبة شركات الدفاع، وضريبة الأزياء، و"ضريبة احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى".
- القارة القطبية الجنوبية هبة ربانية للعالم.. عوائد لا تقدر بثمن
- ضريبة على الأرباح غير المتوقعة في صناعة النفط.. اقتراح أممي من أجل المناخ
وعلقت أنجيلا شوري كالهوج، نائب الرئيس التنفيذي لشؤون التأثير في صندوق الدفاع عن البيئة، والرئيس السابق لأمانة تحالف قيادة تسعير الكربون بالبنك الدولي، أن المهم أن ينظر المفاوضون في مسألة الجودة، مثل نوع التمويل، وطرق الوصول إلى الأموال، والمواءمة مع الأولويات الوطنية، وإمكانية التنبؤ بالأهداف الإنمائية للألفية.
وأضافت في مقال لها مؤخرا بمناسبة محادثات بون: "لا ينبغي للتمويل المناخي عالي الجودة أن يخلق أعباء إضافية، وأن يكون له مسارات واضحة للوصول إلى البلدان والمجتمعات المحتاجة. ومع ذلك، فقد أعربت العديد من البلدان النامية عن قلقها من أن الجودة الحالية للتمويل بعيدة كل البعد عن المستوى المطلوب وتكون المزاوجة بين العناصر الكمية والنوعية على رأس المناقشات".
التمويل متاح والإرادة السياسية غائبة
ويرى المفاوضون من الدول النامية أن "المسألة المعنية ليست ما إذا كانت الموارد موجودة، بل ما إذا كانت هناك إرادة سياسية لإعطاء الأولوية لتغير المناخ"، وهو ما أكده المفاوض البوليفي دييجو باتشيكو، الذي يتحدث باسم مجموعة البلدان النامية ذات التفكير المماثل، حول أن الدول الغنية تحاول نقل مسؤوليتها في توفير تمويل المناخ إلى القطاع الخاص وبنوك التنمية التي تقدم القروض بشكل أساسي، قائلا "إن حجة نقص التمويل العام ليست صحيحة"،"هناك الكثير من التمويل المتاح والإرادة السياسية غائبة."
مصادر مبتكرة
وبالإشارة إلى وثيقة المحادثات حول هدف التمويل الجديد، برر مفاوض من المجموعة العربية فرض ضريبة على مصنعي الأسلحة بالقول "إن الانبعاثات العسكرية من غازات تسخين الكوكب تمثل 5% من الانبعاثات التاريخية العالمية"، مضيفا "إحدى الأفكار المحتملة هي فرض ضريبة على شركات الدفاع في الدول المتقدمة"، مشيراً إلى إمكانية طرحها: "نحن ندرك أيضًا أن ضريبة المعاملات المالية يمكن أن تولد الكثير من الإيرادات أيضًا."
وتركز المناقشات في محادثات بون على إمكانية الوصول إلى التمويل، وتكون زيادة تمويل المناخ من خلال قنوات واضحة للوصول إلى البلدان النامية، والتغلب على العقبات البيروقراطية، والشفافية المحدودة، وشروط التمويل الصارمة التي تعيق الحكومات من الوصول إلى مصادر التمويل الدولية.
وتقول، إنه يمكن جمع حوالي 57 مليار دولار سنويًا من ضريبة بنسبة 5٪ على المبيعات السنوية لأكبر سبع شركات تكنولوجية. وتشمل تلك الشركات أمازون وأبل وجوجل.
قنوات جديدة للوصول بشكل أكثر فعالية
ويرى التقرير، "أن شركات التكنولوجيا الكبرى تحتكر على المستوى العالمي التكنولوجيات التي تعتمد عليها البلدان النامية"، كما أن نحو 34 مليار دولار سنويا يمكن أن تأتي من ضريبة بنسبة 5% على المبيعات السنوية لنحو 80 شركة أزياء كبرى في البلدان المتقدمة، وهذا من شأنه أن يشمل العلامات التجارية مثل لويس فويتون، وديور، ونايكي.
وتضيف مجموعة الـ 77 + الصين أن قطاع الأزياء يأتي بعد الوقود الأحفوري والزراعة فقط من حيث حجم انبعاثاته، ومع ذلك، على عكس الوقود الأحفوري والزراعة، فإن العلامات التجارية الراقية ليست حاسمة بالنسبة للأمن الغذائي والطاقة".
ويقترح المشاركون فتح قنوات جديدة للوصول بشكل أكثر فعالية، تتزامن مع منظومة إصلاح مطرد في النظام المالي الأوسع، بما في ذلك بنوك التنمية المتعددة الأطراف، لتبسيط الوصول وزيادة القدرة على الإقراض، وتحفيز المزيد من تدفقات التمويل الخاص وتخفيف مخاطر ضائقة الديون.
وتقول الورقة المعدة للنقاش، إن نحو 21 مليار دولار سنويا يمكن أن تأتي من ضريبة بنسبة 5% على المبيعات السنوية لأكبر 80 شركة دفاع في الدول المتقدمة، وهذا يشمل شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، ونورثروب جرومان، وبوينج الأمريكية، وشركة بي أيه إي سيستمز البريطانية، وتاليس الفرنسية.
تدفقات مالية
وتشير الوثيقة إلى أن كل هذه التدابير ستؤدي إلى تدفقات مالية بشكل رئيسي من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية، باستثناء ضريبة التكنولوجيا، حيث "ستكون التدفقات مختلطة حيث يتحمل المستهلك التكلفة".
وقال باتشيكو، إن المقترحات نشأت داخل المجموعة العربية، قبل أن تحظى بدعم مجموعة الـ 77 + الصين الأوسع، ولم تستجب الدول المتقدمة بعد لهذه الأفكار علناً.
وبموجب عملية الأمم المتحدة الخاصة بتغير المناخ، فإن مجموعة الدول المتقدمة التي تم تحديدها في عام 1992 تتحمل حتى الآن المسؤولية الوحيدة عن توفير التمويل المناخي للدول النامية.
والآن تسعى حكومات البلدان المتقدمة جاهدة لتغيير هذا الوضع، حتى تتمكن البلدان النامية الأكثر ثراءً والأكثر انبعاثاً للانبعاثات أيضاً من المساهمة في تحقيق الهدف المالي الجديد لما بعد عام 2025.