مفكرون أقباط يجيبون لـ"العين": لماذا يستهدفنا داعش؟
القرارات التي اتخذها السيسي، على خلفية التفجيرات الأخيرة، "مرضية للمصريين الأقباط".. فلأول مرة يتم وضع اليد على الداء.
تسارعت وتيرة استهداف الكنائس المصرية في الفترة الأخيرة، فبعد 4 أشهر فقط من استهداف الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة، استهدفا تفجيرين كنيستين في محافظتي طنطا والإسكندرية، في أحد أعنف الهجمات التي استهدفت الأقباط بمصر، حيث تسببا في مقتل 46 شخصاً وإصابة 119 آخرين.
وفي ضوء إعلان تنظيم داعش الإرهابي توجهه نحو استهداف الأقباط في مصر بشكل مباشر، طرحت العديد من التساؤلات حول أسباب الاستهداف، والدوافع في تحول استراتيجية داعش في تنفيذ العمليات الإرهابية تدريجياً، وتحويل وجهتها نحو الأقباط، وهل سينجح التنظيم في تفكيك المجتمع المصري مثلما حاول مسبقاً في كل من سوريا والعراق؟.
مفكرون وخبراء أقباط، كشفوا لبوابة "العين" الإخبارية، عن الدوافع والأهداف خلف استهداف الأقباط، حيث قال كمال زاخر، المفكر القبطي: "من الطبيعي أن يستهدف تنظيم داعش الأقباط لأكثر من سبب، الأول هو العداء التقليدي ما بين المتشددين الإسلاميين وغير المسلمين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص".
السبب الثاني أن الأقباط في مصر كانوا رقماً مهماً في معادلة (30 يونيو/3 يوليو) وبالتالي فهم يعاقبون على موقفهم الداعم للدولة الوطنية المصرية، خاصة بعد أن نجحت محاولات "داعش" الرامية لتفكيك الدولة الوطنية في كل من سوريا والعراق، وهو الأمر الذي يحاولون تكراره في مصر.
ويضيف زاخر: "الأمر ليس مجرد خلاف ديني أو عقائدي مثلما يحاول البعض تصويره بقدر ما له بعد سياسي، يتلاقى مع أهداف سياسية لأكثر من جهة ربما مع صراع المحور السني- الشيعي في المنطقة".
وفى نفس السياق، يقول زاخر: "لا أستغرب وجود "نفس المنطق" نحو استهداف الأقباط بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش، حيث إن الأولى تعتبر بمثابة "البئر الآسن" لجميع التنظيمات المتطرفة ووجود منظرين فكريين معتبرين لدي تنظيم داعش الإرهابي هم في الأصل من الإخوان المسلمين وعلى رأسهم "سيد قطب"، مضيفاً من يشكك في كلامي فليرجع إلى كتب الإخوان.
وحول إجراءات الدولة لمواجهة مخطط استهداف الدولة المصرية ممثلة في أحد أركان المجتمع المصري الأصيلة "الأقباط"، يقول زاخر، إن القرارات التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفية التفجيرات الأخيرة، "مرضية للمصريين الأقباط"، موضحاً أنه لأول مرة يتم وضع اليد على الداء، فيما يستهدف الإرهاب الوطن بالكامل، وليس الكنيسة وحدها".
وأضاف زاخر، أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب الذي أعلن عنه الرئيس المصري، يجب عليه اتخاذ خطوات جادة على الأرض لتجفيف منابع الإرهاب، ومراجعة منظومة القوانين التي يهرب بها الإرهابيون من جرائمهم، وبالتالي إصدار قرارات ملزمة، يتم تفعيلها عبر البرلمان لمواجهة حقيقة مع الإرهاب، مشدداً على أن التعامل مع الأقباط باعتبارهم شيئاً آخر أمر في غاية الخطورة، وذلك من خلال الإعلام، والمؤسسات الدينية الرسمية.
وأكد زاخر، أن الخطاب الإعلامي والديني في حاجة إلى مراجعة، موضحاً أن الأقباط في النهاية مصريون قبل أن يكونوا مسيحيين.
وبالنسبة لموقف أقباط المهجر بعد التفجيرين، يقول زاخر، إن هناك عدة متغيرات طرأت على تناول الملف القبطي في الخارج من أهم تلك المتغيرات إننا الآن أمام قراءة جديدة لوضعية الأقباط في الخارج خاصة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وهي الدول التي تشهد كثافة في تواجد الأقباط، نحن أمام الجيل الثالث والرابع من الأقباط المصريين أو بمعنى أدق، نحن أمام مواطنين أمريكيين أو أستراليين أو غيره من أصل مصري، والقضية في الأجيال الجديدة ليست بنفس الحدة للأجيال السابقة، مضيفاً أن بعض أقباط المهجر خاصة من أصحاب جمعيات المجتمع المدني غير راضين على أية محاولات لحل المشكلة داخلياً.
ونفى زاخر بشكل قاطع نجاح أي من المحاولات الساعية إلى تفرقة المجتمع المصري سواء من تنظيم داعش أو الإخوان أو غيرهم، موضحاً أن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين المصريين بعيداً عن الكلام المنمق، علاقة ضاربة في تاريخيها وهي علاقة حيه موجودة في الشارع والحارة والبيوت وهي ليست علاقة مستجدة، وبالتالي الرهان على تفكيك المجتمع المصري باستهداف الأقباط رهان خاسر.
وبدوره، قال عضو مجلس الشورى الأسبق، الدكتور نبيل لوقا بباوي، إن "استهداف المسيحيين أحد أسهل الطرق لإثارة عدم الاستقرار، وعلى مدى سنوات حاول داعش التوسع والوصول إلى قلب الأراضي المصرية، والآن هو يحاول نسخ استراتيجيته التي نجح بتنفيذها في كل من العراق وسوريا في مصر، فالتنظيم يحاول الضرب بهدف إثارة الخوف، ومن وجهة نظري لا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك بمصر".