عيدنا هذه السنة عيد استثنائي؛ لما نمر به من ظروف خاصة تتعلق بأزمة فيروس كورونا المستجد.
يُقبل علينا عيد الفطر المبارك، بما يحمله من فرح وابتهاج وشكر لله على إتمام نعمة الصيام، وبما يحمله من عبادات وعادات نتنسَّم بها عبير السعادة والحبور، ومظاهر اجتماعية تتلاقى فيها القلوب على المودة والصفاء والتهاني.
إن عيدنا هذه السنة عيد استثنائي؛ لما نمر به من ظروف خاصة تتعلق بأزمة فيروس كورونا المستجد، الذي ألقى بظلال الرعب والفزع في مختلف أنحاء العالم، وهدد الملايين بالوباء المعدي الذي يحمله، والذي لا يفرق بين أحد صغير أو كبير ذكر أو أنثى.
إن هذا الظرف الاستثنائي الذي نمر به يُملي علينا جميعا في عيدنا هذا أن نتعامل معه تعاملا استثنائيا خاصا، يجمع بين الاحتفال والابتهاج والفرح من جهة وبين الوقاية والتحصين من جهة أخرى، سواء ما يتعلق بالعبادات المشروعة يوم العيد أو العادات المجتمعية التي تربينا عليها.
ومن العبادات المشروعة في العيد صلاة العيد، التي تعودنا في الأعوام الماضية أن نصليها جماعة في المصليات والمساجد، ولكننا هذا العام نصليها في بيوتنا، كما أفتى بذلك مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وكذلك العديد من دور الإفتاء في العالم العربي والإسلامي، حماية لأنفسنا وغيرنا من الوباء، وذلك لا يُنقص من أجورنا شيئا، وفضل الله عظيم، والله عز وجل يعلم أننا لم نلجأ إلى ذلك إلا لضرورة كبرى شرعية ووطنية وإنسانية أمر الله بها وهي حفظ الأنفس والأرواح.
مما ينبغي أن نحرص عليه في عيدنا هذا أن نزرع الفرح والسرور في أبنائنا وبناتنا، وأن نُبهجهم ونسعدهم بما نستطيع، وأن نمدهم بالتفاؤل والأمل وترقّب الانفراج القريب.
ومما تعودنا عليه كذلك كل عام في هذه المناسبة الغالية التزاور وإحياء مجالسنا باستقبال أرحامنا وجيراننا وأصدقائنا، ولسنا هذا العام نفرّط في التهنئة والتواصل، ولكن بوسائل مختلفة تتناسب مع ظرفنا الذي نمر به، وذلك عبر وسائل التواصل عن بعد، كالاتصال الهاتفي وتطبيقات التواصل الاجتماعي، فنهنّئ هذا، ونبارك لهذا، ونستقبل التهنئة من هذا، مبتهجين سعداء جميعا بعيدنا المبارك، وقد أتاحت هذه الوسائل التواصل بين الجميع كتابيا وصوتيا ومرئيا، بما لم يترك لأحدٍ عذرا في خرق التدابير الوقائية، فتهنئتُك تصل إلى محبيك عن طريق هذه الوسائل، ممزوجة بحرصك عليهم وعلى سلامتهم وعافيتهم وحرصك على مجتمعك ووطنك.
لقد أصبحت هذه الوسائل الإلكترونية والتطبيقات الذكية بحمد الله بدائل تتيح لنا التواصل الآمن إلى حين انجلاء الأزمة، فلنشكر الله تعالى على هذه النعمة، ولنستثمرها في الابتهاج بعيدنا وتذوق رحيقه مع أرحامنا ومحبينا، محافظين بذلك على عاداتنا الطيبة ضمن هذا الإطار.
ولنحذر كل الحذر من مخالفة إجراءات الوقاية من الوباء في عيدنا، وخاصة عبر التجمعات سواء كانت تجمعات عائلية أو غيرها، فإن خطر ذلك كبير، وضرره جسيم، وكم تسبّب التهاون في ذلك بنشر العدوى بين عوائل بأسرها، تحولت أفراحهم إلى أحزان وأتراح، ما أدى إلى توسيع رقعة الإصابة بالوباء، وزيادة الثقل على مؤسساتنا الطبية وغيرها، وتهديد أمننا ومصالحنا، واعلم أن انفراج هذه الأزمة بعد الله تعالى بيدك أنت، بالتزامك بإجراءات الوقاية، ومن أهمها التباعد الجسدي والبقاء في البيت، وكلما حافظت على هذه التدابير كلما اقترَبَت ساعة الانفراج، وهي فرصة لنا لنجعل من بيوتنا منارات تشرق سعادة على أسرنا بالبقاء معهم وكذلك على من حولنا بالتواصل معهم عن بعد.
ومما ينبغي أن نحرص عليه في عيدنا هذا أن نزرع الفرح والسرور في أبنائنا وبناتنا، وأن نُبهجهم ونسعدهم بما نستطيع، وأن نمدهم بالتفاؤل والأمل وترقّب الانفراج القريب، وأن نختار الكلمات الإيجابية التي تحتويهم، وأن نحذر من كل ما يوقعهم في اليأس والإحباط والتذمر، ومن أهم الوسائل المعينة على ذلك توجيه نظرهم إلى الجانب المضيء من الأزمات، والنظر إلى النصف المليء من الكأس، وقديما قيل: كم في المحن من منح، ولتكن هذه الأزمة فرصة لتعزيز تقاربنا الأسري وترسيخ تكاتفنا ومحبتنا.
إن عيدنا هذا عيد فرح ووقاية، نتعلم فيه إدارة أفراحنا في مختلف الظروف، ومنها هذا الظرف الصعب الذي لن يلبث أن ينكشف بإذن الله، فلنُترجم تحضُّرنا بمحافظتنا على سلامتنا في عيدنا هذا، ولنعكس قيمنا الإنسانية التي تجمع الفرح والسعادة والتعقل والحكمة.
وأخيرا أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بأجمل التهاني والتبريكات إلى دولة الإمارات قيادة وشعبا وإلى العالم العربي والإسلامي بمناسبة عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا بالأمن والأمان والازدهار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة