أزمة "سعيد-المشيشي" برعاية الإخوان.. شبح الانتخابات يطارد تونس
مع مرور نحو شهر على الأزمة السياسية غير المسبوقة التي تعيشها تونس، برعاية إخوانية، عاد شبح الانتخابات المبكرة يطارد البلاد، فهل سيكون السباق البرلماني هو "الفرصة الأخيرة"؟
هو "الفرصة الأخيرة" برأي العديد من المتابعين لإنقاذ البلاد من مخلفات التناحر السياسي الذي غذته حركة النهضة من خلال مؤامراتها وسعي زعيمها راشد الغنوشي إلى زرع الفتنة بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
وتراوح الأزمة السياسية حول نفسها منذ رفض الرئيس التونسي قيس سعيد قبول وزراء التعديل الحكومي الذي أجراه هشام المشيشي، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، متهمًا أربعة وزراء من مجموع 11 بالفساد وتضارب المصالح.
وفي أحدث فصول الأزمة بين سعيد والمشيشي، أقدم رئيس الحكومة، منتصف الشهر الجاري، على إعفاء 5 من وزراء محسوبين على الرئيس، من مناصبهم.
ويعود رفض الرئيس التونسي للتعديل الحكومي إلى خلافات عميقة مع هشام المشيشي الذي تدعمه حركة النهضة، منذ الأيام الأولى لوصوله لرئاسة الحكومة، مطلع سبتمبر/أيلول 2020.
هل الانتخابات حلٌ؟
وأمام تعثر الحل، حتى يومنا هذا، نادت أطراف وأحزاب سياسية مختلفة بالذهاب مجددا إلى صناديق الاقتراع، كحزب "تحيا تونس" ، و"الدستوري الحر" و"حركة الشعب".
وهو الحل الذي يقابله إخوان تونس بكثير من الرفض بعد تدهور وزنهم السياسي في سلم استطلاعات الرأي، حيث تعمق الفارق بينهم وبين "الدستوري الحر" إلى أكثر من 20 نقطة في أحدث نتيجة لشركة "سيغما كونساي" الخاصة.
ويتموقع "الدستوري الحر" في المرتبة الأولى في نوايا التصويت، في حال تم إجراء انتخابات سابقة لأوانها ، بـ36٪ مقابل 14٪ فقط للإخوان.
وفي هذا الصدد، قال زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب ذات التوجهات القومية (18مقعدا بالبرلمان)، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إنه "من الضروري تنظيم انتخابات سابقة لأوانها"، مؤكدًا أن الائتلاف الداعم للحكومة (حزب النهضة وقلب تونس) "ساهم في تأزيم الأوضاع في البلاد وأدخل الدولة في حالة من الارتباك".
واعتبر أن "حركة النهضة هي من دفعت المشيشي إلى تصعيد المواجهة مع قيس سعيد ، وعليه أن يقدم الغنوشي استقالته من رئاسة البرلمان، في أقرب الأوقات من أجل إيجاد حل لتونس".
انتخابات مبكرة بشرط
أما رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، فترى أن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها "بإمكانه أن يعطي دفعة جديدة للبلاد شريطة أن تتم محاسبة الإخوان قبل ذلك عن كل الجرائم التي ارتكبوها في حق تونس وشعبها" .
وأكدت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المعركة مع الإسلام السياسي سيحسمها الحزب من خلال "ثورة التنوير" على حد قولها ،وذلك من خلال اكتساح الساحات لدحر "الاحتلال" الإخواني للبلاد.
ونوهت بأنه لا يمكن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها دون محاسبة التنظيم الإخواني وعزله سياسيا، وسحب الثقة من الغنوشي برلمانيا، محذرة المنظمات النقابية من مد يد المساعدة للنهضة من خلال المبادرة التي طرحها اتحاد الشغل.
في هذه الأثناء، دعا "الدستوري الحر" أنصاره إلى النزول للشارع، يوم السبت القادم، للاحتجاج ضد منظومة الإخوان، وهو نفس الموعد الذي حددته النهضة أيضا للتجمع في شارع الحبيب بورقيبة، لمساندة حكومة هشام المشيشي، مما ينذر بصدامات متوقعة حسب العديد من المتابعين.
ويرى رفيق السياري أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية أن حالة التجييش والتعبئة التي تقوم بها حركة النهضة لأنصارها من أجل النزول للشارع "هو ورقة إخوانية لإدخال بالبلاد في أتون الفوضى بعد انهيار وزنهم السياسي وعجزهم عن الإطاحة بقيس سعيد وفشلهم في تمرير التعديل الحكومي".
وتابع قائلا "دعوة النهضة لأنصارها للصدام مع أنصار الدستوري الحر يوم السبت القادم، سيكون له تداعيات أمنية خطيرة على البلاد"، معتبرا أن الغنوشي يريد إشعال فتيل الحرب الأهلية خدمة لأجنداته الخاصة والشخصية.
وحتى مبادرة الغنوشي الأخيرة التي تدعو إلى تنظيم لقاء ثلاثي يجمع الرئاسات الثلاث "هي مجرد مناورة لا تحمل مضمونا جديا ، خاصة وأن زعيم الإخوان هو جزء من المشكلة السياسية التي تعرفها البلاد منذ سنة 2011" يختتم السياري.
مبادرةٌ لا تعدو أكثر منها مناورة من قبل زعيم الإخوان، لتحسين صورته في ظل ارتفاع الأصوات داخل البرلمان وخارجه بعزله، وتحذير من مخاطر بقائه في منصبه على أمن واستقرار البلاد.
aXA6IDEzLjU5LjE4My4xODYg جزيرة ام اند امز