التعددية والمحاصصة.. ألغام في طريق الحل السياسي للأزمة الليبية
مركز الحوار الإنساني المدعوم قطريا، يتولى مهمة عقد لقاءات تشاورية بين الليبيين، ما تسبب في تأزم الحل السياسي
يواجه المسار السياسي الليبي، المقرر انعقاده منتصف أكتوبر الجاري عقبات جمة، يأتي أبرزها اعتراض كافة الأطياف الليبية على معايير اختيار البعثة الأممية في ليبيا للأسماء المشاركة في المؤتمر، والممثلين عن الأطراف والمكونات والتيارات الليبية.
وكانت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز، قد أعلنت مطلع سبتمبر/أيلول الماضي استئناف مسارات الحل السياسي للأزمة الليبية، والتي توقفت في مارس/آذار الماضي في جنيف، بسبب خلافات بين المشاركين، واستتبع ذلك استقالة المبعوث السابق غسان سلامة.
وقالت ويليامز، في تصريحات صحفية، إن المشاركين في المحادثات الجديدة سينضم إليهم طرف جديد هو أنصار النظام الليبي السابق، الذين لديهم رغبة في المشاركة السياسية.
وكان المسار السياسي السابق في جنيف والمتوقف منذ مارس يضم تشكيلة وضعها سلامة تشمل: 13 نائبا عن البرلمان الليبي، و13 عضوا ما يعرف بمجلس الدولة، و14 من الشخصيات العامة المؤثرة.
ومع قرب موعد استئناف المحادثات بعد أيام، لا يزال الجدل والتجاذب والاعتراض مستمرا حول من يمثل الليبيين في مسار سويسرا وعددهم وتركيبتهم ونسب التمثيل للمناطق والمكونات والأطياف والكيانات السياسية.
ويشير البعض إلى تغريدة نشرها الأسبوع الماضي المبعوث الأممي السابق في ليبيا غسان سلامة، بأنها تمثل الحال التي وصلت إليه البلاد خلال 10 سنوات، هي عمر الأزمة الليبية.
حيث قال سلامة في تغريدته على موقع تويتر في 24 سبتمبر/أيلول الماضي "باتت المحاصصة الطائفية أو الجهوية أو القبلية جزءا عاديا من الحلول المتداولة في الدول العربية المأزومة، يرى البعض أنها سمة تقدم لأنها تكرس مفهوم التعددية، بينما يراها آخرون انتكاسة خطرة لمفهوم المجتمع المتماسك، فيها من الأمرين والتحدي الأعظم اليوم قبول واقع التعددية دون تفكيك الوطن".
مصطلحات جديدة
واعتبر مراقبون أن ما يعيق الحل الشامل في ليبيا والاتفاق على مبادئ وثوابت وطنية عليا، هو دخول مصطلحات على القاموس الليبي بعد عام 2011، وبدورها استحدثت بشكل تدريجي رؤى متضاربة لشكل الحل وآلياته وأهدافه.
وبحسب مراقبين فإن المجتمع الليبي قبل 2011 لم يكن يعرف كلمات مثل: المحاصصة والتعددية والجهوية والقبلية ونسب التمثيل وما إلى ذلك.
ويشير المراقبون إلى دور تنظيم الإخوان الإرهابي ومليشياته، ومن خلفه قطر وتركيا، في استغلال هذه المصطلحات وترسيخها داخل المجتمع الليبي عبر أدواتهم المتعددة، وتحويلها إلى ألغام في طريق الحل لفرض نفسه على الواقع الليبي بضمان استمرار حالة التشظي التي تعيق الوصول إلى رؤية ليبية موحدة.
فالتوصل إلى رؤية وطنية موحدة تودي إلى خروج جماعة الإخوان الإرهابية من المشهد بعد انكشاف دوره الوظيفي كمقدمة لاحتلال أجنبي، كما حدث مع تسهيل التدخل والغزو التركي للبلاد.
عامان من التفخيخ
تولى مركز الحوار الإنساني ومقره (جنيف) منذ عام 2017 مهمة عقد لقاءات تشاورية بين الليبيين، وهذه المهمة أسندها إليه المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، تمهيدا لعقد مؤتمر يجمع الليبيين.
يأتي هذا في الوقت الذي يشير فيه متابعون إلى أن مركز الحوار، وثيق الصلة بالمال القطري منذ نشأته عام 1999، عقد 77 لقاءا مع شرائح ليبية.
وخلص تقرير للمركز إلى توزيع المناصب والتمثيل النسبي في ليبيا على أساس عرقي ومناطقي، كما تضمن التقرير أيضاً بنودا تركز على فكرة إحياء حقوق الأقليات ومحاولة الترويج لضرورة منح الأقليات والفئات المهمشة حقوقها، وهو ما يفتح الباب للجميع من الأمازيغ والتبو والطوارق وغيرهم لرفع مطالب فئوية، تهدد الوصول لتسوية للأزمة الليبية.
ويشير محللون إلى أنه في النهاية ستسير كل مجموعة ليبية إلى المسار السياسي، حيث تحمل كل منها تصورا خاصا بها عن حل الأزمة، وفق مصلحتها سواء الأيديولوجية أو القبلية أو الجهوية، أو حتى القوى الإجرامية المسلحة التي ظهرت خلال الفوضى التي ضربت ليبيا على مدار عشر سنوات.
ويرى المحلل السياسي جمال شلوف، رئيس مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث، أن اللقاءات تمت بشكل انتقائي (للمشاركين) تحت غطاء المسار التشاوي، وقام مركز الحوار الإنساني بتحويل كل مجموعة التقاها إلى قوة لها مطالب خاصة.
ولفت شلوف لـ"العين الإخبارية" إلى أن المركز يدعم وجهات النظر المتضاربة، وهو ما نتج عنه انقسامات تجاه كافة الموضوعات والقضايا الوطنية.
وأكد أن "هذه اللقاءات بشكل أو بآخر فخخت كل بقعة من ليبيا وكل مجموعة وكل قبيلة لتنفجر على مائدة أي مسار تفاوضي يسعى للحل، ومن ثم يتم توثيق هذا التشظي داخله ورفعه إلى المحافل الدولية".
aXA6IDE4LjE4OS4xNzAuMjI3IA== جزيرة ام اند امز