هل يمهد التنقيب عن المعادن الحيوية الطريق لمزيد من التنمية؟
إن الطريق إلى الطاقة النظيفة لا بد بالضرورة أن يمر عبر صناعة قذرة ألا وهي التعدين، هذا ما أكده تقرير نشره موقع منتدى الاقتصاد العالمي.
حيث أكد أنه في بعض الدول النامية على وجه الخصوص لم يتسبب استخراج المعادن ومعالجتها تاريخياً في التلوث البيئي فحسب، بل تسبب أيضاً في الفساد وتشريد سبل العيش المحلية. وتساءل التقرير: هل يمكن أن يكون الأمر مختلفا ونحن نتطلع إلى توسيع نطاق التكنولوجيا اللازمة للوصول إلى صافي الصفر؟
تعد دول مثل إندونيسيا وتشيلي وجمهورية الكونغو الديمقراطية موطنا لرواسب كبيرة من المعادن اللازمة لتقنيات مثل السيارات الكهربائية والألواح الشمسية، ومن المفهوم أن تحرص هذه البلدان على تعظيم كيفية استفادتها من هذه الموارد، على سبيل المثال حظرت إندونيسيا -أكبر منتج للنيكل في العالم- تصدير النيكل الخام في عام 2019 من خلال اشتراط معالجته داخل حدودها، تخطط تشيلي لتأميم صناعة الليثيوم، وقد خصصت جمهورية الكونغو الديمقراطية -المنتج العالمي الرائد للكوبالت- هذا العنصر والمعادن الأخرى كموارد استراتيجية لانتزاع مقابل مالي أعلى.
ومما يزيد الوضع تعقيدا بالنسبة للولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى في الشمال العالمي التي تحتاج إلى هذه المعادن لمواصلة إنتاج التقنيات الخضراء، حقيقة أن الصين سيطرت منذ فترة طويلة على قطاع معالجة المعادن الحيوي، والآن بدأت الشركات الصينية -بدعم حكومي في شكل قروض وصفقات للمعادن مقابل البنية التحتية- في شراء قطاع الاستخراج في الجنوب العالمي.
وبسبب انزعاجها من هذا الأمر، تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا الخضراء خطوات لضمان استمرار وصولها إلى المواد الخام، ففي العام الماضي فقط وقعت وزارة الخارجية الأمريكية اتفاقيات مع منغوليا وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية من أجل "تعزيز سلاسل توريد المعادن الحيوية الآمنة والمرنة". وعلى نحو مماثل في أعقاب تقديم قانون المواد الخام الحرجة، الذي يسعى إلى تقليل الاعتماد على الصين في الحصول على المواد الحيوية، سعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقيات مع كازاخستان وناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ودول أخرى في مناطق البحيرات العظمى بشأن المعادن المرتبطة بالبطاريات.
لكن الدول المتقدمة في الشمال العالمي وغيرها تبقى معرضة للانتقادات التي تشير إلى أنها تستغل البلدان النامية من خلال التحول إلى الطاقة الخضراء كغطاء، ومن ثم فإن مصنعي التكنولوجيا الخضراء في الشمال العالمي يحتاجون أيضا إلى النظر في كيفية مساهمة الاستثمار في التنقيب، في النمو والتنمية الاقتصادية على المدى الطويل في هذه البلدان.
سبل الإسهام في التنمية
وقال التقرير إنه في عامي 2012 و2021 على التوالي أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لوائح تنظيمية تحظر "معادن الصراع"، وعلى الرغم من أن كليهما يستثني بعض المعادن الأساسية لتكنولوجيات الطاقة النظيفة، إلا أنهما قد يثبطان الاستثمارات في الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليها.
على سبيل المثال، خوفاً من ردود الفعل الشعبية العنيفة، توقفت بعض الشركات عن الحصول على المعادن بالكامل من بلدان معروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، الأمر الذي يهدد سبل العيش المحلية بشكل خطير بسبب خفض الاستثمارات الأجنبية.
واعتبر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أنه يمكن للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أن تساعد أيضا في تطوير المشاريع الجديدة بطرق آمنة وعادلة، كما يمكن للبلدان أيضا زيادة الطلب على المواد التي يتم الحصول عليها من مصادر مسؤولة من خلال تنفيذ حصص الاستيراد للمعادن الحيوية المعتمدة من المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وباستثناءات قليلة، فشلت أغلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على نحو مستمر في تحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل في تخصيص ما لا يقل عن 0.7% من دخلها الوطني الإجمالي لمساعدات التنمية الرسمية، فقد بلغت ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية بأكملها حوالي 1% من الميزانية الفيدرالية منذ الثمانينيات، ولم تكن هناك زيادة لتغطية مبادرات وزارة الخارجية المهمة في مجال المعادن، وبالتالي يتعين على صناع السياسات أن يفكروا في زيادة التمويل لبناء القدرات، وتدريب القوى العاملة، ونقل التكنولوجيا في هذه البلدان كوسيلة لبناء سلسلة توريد المعادن الحيوية المتنوعة.
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز