كيف نجحت كوبا في زراعة «جواسيس» داخل المؤسسات الأمريكية؟
أماطت قضية مانويل روشا الدبلوماسي الأمريكي الذي قضى عقودا في وزارة الخارجية، اللثام عن ملف تجنيد كوبا عملاء داخل الإدارة الأمريكية.
ويشير ضباط مخابرات أمريكيون وكوبيون سابقون إلى قضية روشا، باعتبارها واحدة فقط من سلسلة القضايا التي اخترق فيها أمريكيون، متهمون بالتجسس لصالح هافانا، كل جزء من هيكل الأمن القومي الأمريكي تقريبًا، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
وتحتل كوبا وجهاز استخباراتها، أعلى المراتب في العالم فيما يتعلق بتجنيد الجواسيس، في الوقت الذي تعاني فيه الفرق الأمريكية المسؤولة عن إيقافهم نقصا في الموظفين وتفوقهم، بحسب مسؤولين أمريكيين سابقين عملوا في إدارة مكافحة التجسس.
وقال بريان لاتيل، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية والذي قاد قسم أمريكا اللاتينية بالوكالة، إن كوبا تمتلك "أفضل جهاز استخبارات في العالم" لزراعة العملاء.
وتمتد آثار هذا التجسس إلى ما هو أبعد من كوبا، إذ يقول مسؤولون أمريكيون سابقون إن واشنطن قللت مراراً من تقدير الخطر الذي تمثله هافانا، التي "كثيراً ما توزع ثمار تجسسها على خصوم أقوى مثل روسيا والصين".
"عبقرية شريرة"
لا تزال وكالة التجسس الكوبية، التي تم تصميمها على غرار "الكيه جي بي" السوفييتي وأبناء عمومتها من الكتلة الشرقية، تعتمد على مهارات التجسس التي استخدمت خلال الحرب الباردة، مثل البث الإذاعي عالي التردد على الموجات القصيرة للتواصل مع العملاء، ولوحات التشفير التي تستخدم لمرة واحدة لتشفير الرسائل وفك تشفيرها.
في حين عوضت كوبا ما تفتقر إليه من التكنولوجيا المتقدمة برأس المال البشري.
وقال السيبياديس هيدالغو، رئيس موظفي راؤول كاسترو لمدة 12 عاما، في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، إن مكتب راؤول شقيق فيدل كاسترو والقائد العسكري السابق لكوبا لفترة طويلة، كان يتلقى مجموعات من وثائق الحكومة الأمريكية الأصلية من الجواسيس في وزارة الخارجية والبنتاغون وأماكن أخرى. ولم تكن لدينا القدرة على تصفحها جميعها."
كانت الوثائق في بعض الأحيان بالغة الأهمية، إذ تضمن بعضها تكنولوجيا أمريكية وأهداف الخطط العسكرية. وفي بعض الأحيان كانت عادية، مثل تقرير وكالة المخابرات المركزية الذي يشرح بالتفصيل كيف توفي رئيس برازيلي بعد أن أخطأ الأطباء في تشخيص مرضه.
وبحسب الصحيفة، عمدت كوبا إلى تجنيد عملاء يعملون في وظائف في القواعد العسكرية الأمريكية بهويات مزورة في إطار برنامج يحمل الاسم الرمزي "عملية تكساكو.
كما توغلت هافانا في أوساط جماعات المنفيين الكوبيين في جنوب فلوريدا وتمكنت من إسقاط رحلة طيران خاصة كانت تقل جماعة مناهضة لكاسترو، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، علمت أجهزة مكافحة التجسس الأمريكية بوجود أكثر من 100 عميل كوبي فعلي أو محتمل في الولايات المتحدة، وفقًا لبيتر لاب، عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكنها فشلت في تخصيص القوة البشرية اللازمة للتحقيق معهم.
ويشتبه المسؤولون الأمريكيون والكوبيون السابقون في أن هافانا لا تزال تمتلك عملاء داخل الحكومة والمجتمع الأمريكي، بناءً على روايات المنشقين والاتصالات التي تم اعتراضها.
aXA6IDE4LjE5MC4xNTMuNzcg جزيرة ام اند امز