النفط الصخري وتحالف أوبك+.. الصعود من تحت الصفر
مع تعافي أسعار النفط فوق 50 دولارا للبرميل، فإن تحالف أوبك+ أعطى قبلة الحياة لمنتجي النفط الصخري لكنها لن تكون كافية لحل أزماتهم.
ومنذ مارس/آذار 2020، تعاني أسعار النفط بشدة بسبب إجراءات الإغلاق العالمية التي اتخذتها الدول للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي سحق ما يزيد على ثلث الطلب العالمي على النفط والمقدر بنحو 100 مليون برميل يوميا.
- ارتفاع جديد في أسعار النفط.. البرميل فوق 55 دولارا
- حقق طفرة في 2014.. ما هو النفط الصخري وطريقة استخراجه ومخاطره؟
وتسبب ذلك في هبوط حاد في أسعار خام برنت لكن الكارثة الكبري كانت في تداول الخام الأمريكي بالسالب للمرة الأولى في تاريخ صناعة النفط، ما زاد من أعباء منتجي النفط الصخري.
ولكن مع تخفيضات الإنتاج التي تنفذها مجموعة أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا فإن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة تنفسوا الصعداء بسبب الارتفاعات المتتالية في أسعار الخام الأمريكي لمستوى يفوق 50 دولار للبرميل، للمرة الأولى منذ فبراير/شباط 2020.
الأسعار وإنتاج النفط الصخري
"هناك صعوبة في عودة المنتجين الأمريكيين إلى نمو الإنتاج برقمين لعدة سنوات مقبلة"، وفقا لما قاله ريك منكريف الرئيس التنفيذي الجديد لشركة "ديفون إنرجي" .
رأي منكريف في هذا الشأن ليس الوحيد ولكنه ينضم إلى الرؤساء التنفيذيين لشركات النفط الصخري الذين دعوا إلى ضبط النفس بعدما أكد أن ارتفاعات أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي لن تقوده لزيادة الإنتاج بغض النظر عن التكلفة كما حدث سابقاً.
ما هو النفط الصخري؟
والنفط الصخري، هو زيت خام عالي الجودة يقع بين طبقات من الصخر أو الحجر الطيني؛ إذ تقوم شركات الإنتاج بالحصول على النفط الصخري، من خلال تكسير التكوينات الصخرية التي تحتوي على طبقات النفط.
ومنذ عام 2014، خلق النفط الصخري الأمريكي طفرة في إنتاج النفط الخام المحلي، إذ يشمل النفط الصخري أكثر من ثلث الإنتاج البري من النفط الخام في الولايات المتحدة، أي قرابة 4.5 ملايين برميل يوميا.
وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كان متوسط إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة حتى عام 2014، نحو 500 ألف برميل يوميا، وبدأ الإنتاج بالزيادة حتى وصل لمتوسط 4.5 وفي بعض الأوقات تجاوز 5 ملايين برميل يوميا حاليا.
وتحولت الولايات المتحدة تدريجيا لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بمتوسط إنتاج 13 مليون برميل يوميا، وهي كذلك أكثر مستهلك للخام بمتوسط يومي في الوضع الطبيعي يبلغ 18 مليون برميل يوميا.
وتتزامن تصريحات منكريف مع ما قاله سكوت شيفيلد الرئيس التنفيذي لشركة "بايونير للموارد الطبيعية" وفيكي هولوب الرئيس التنفيذي لشركة "أوكسيدنتال بتروليوم".
ودعا المسؤولون التنفيذيون الثلاثة إلى توخي الحذر بعدما دفع قرار السعودية المفاجئ بخفض الإنتاج خلال الشهرين المقبلين إلى رفع أسعار النفط.
وأكدوا على أهمية التعلم من التدهور الكبير الذي تعرضت له الصناعة نتيجة سنوات من الإنتاج غير المنضبط وما نتج عن ذلك من ضياع رؤوس الأموال التي لم يتبقَّ منها سوى القليل لتأتي الجائحة وتزيد من خسائر المستثمرين.
ووفقا لمنكريف فإن شركته سوف تحافظ على إنتاجها دون تغيير عن مستويات الربع الأخير من العام الماضي.
وأكد أن الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط الأمريكي الأسبوع الماضي والتي تخطت 50 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ فبراير الماضي لن يغير من خطة الشركة.
وقال منكريف "إذا استمرت الأسعار في ذلك النطاق، سوف يدعم ذلك من التدفقات النقدية للشركة، لكن ذلك لن يغير من معدلات إنتاجنا".
كذلك قال هولوب في رده على سؤال حول ما إذا كانت شركته ستتمسك بمعدل إنتاجها؟، إن الشركة تستهدف نمو الإنتاج 5% فقط فيما سيكون هناك تركيز على خفض الديون.
وعلق دوج ساتلز الرئيس التنفيذي لشركة الاستكشاف "أوفينتيف"، هدفنا الآن الحفاظ على معدلات الإنتاج الحالية مستقرة" وأضاف "نحتاج إلى تعافي الأسواق العالمية كما تحتاج صناعتنا إلى الاستقرار وهو ما نسعى إلى تحقيقه".
حجم الإنتاج العالمي
ويتراوح إنتاج النفط الخام الأمريكي الآن حول 11 مليون برميل يوميا، ما يمثل 12% من حجم الطلب العالمي على النفط العام الماضي، فيما ينخفض بنحو 2 مليون برميل عن أقصى معدلات الإنتاج التي وصل إليها مطلع العام 2020، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء بلومبرج.
ويصعب على خليج المكسيك في الولايات المتحدة العودة بمعدلات إنتاج النفط الصخري على ما كانت عليه في وقت قريب بسبب التدهور المالي الذي تتعرض له شركات إنتاج النفط الصخري بالتزامن مع تعهدها بضبط الإنتاج خلال الفترة المقبلة.
خطر النفط الصخري
ويبقى الخطر الذي يهدد أعضاء منظمة أوبك وحلفائها من المنتجين المستقلين في رغبة المديرين التنفيذيين لشركات النفط الصخري في استغلال ارتفاع أسعار النفط والعودة إلى استراتيجيتهم القديمة وقدرتهم على التوسع في الاستكشاف وزيادة الإنتاج بسرعة وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
الأمر الذي يقابله صعوبة في إعادة تشغيل الحقول التقليدية التي تحتاج إلى سنوات فيما يمكن لمنتجي النفط الصخري بدء الإنتاج وإعادة التشغيل وضخ النفط في أسابيع فقط ما يمنحهم مرونة في خفض وزيادة الإنتاج بشكل سريع.
وتأكيداً لذلك، قالت شركة "ريستاد إنرجي"، أنها ترى "ارتفاعا" في إنتاج النفط الصخري الأمريكي خلال العام بسبب ارتفاع الأسعار بدءاً من النصف الثاني من العام الماضي.
وقالت إسبين إيرلينجسن رئيس قسم الأبحاث في ريستاد: "هناك تزايد ملحوظ بدأ يظهر بالفعل، فقد ارتفع نشاط منصات الحفر الصغيرة 60% مقارنة بأدنى مستوى وصل إليه في أغسطس من العام الماضي".
موجة استحواذات واندماجات
كانت هناك العديد من الدعوات العام الماضي التي طالبت منتجي النفط الصخري بالاندماج لدعم قدراتهم المالية، وهو ما شهد استجابة شركات النفط الصخري المستقلة مؤخراً، حيث أعلنت كل من ديفون وبايونير عن العديد من صفقات الاستحواذ على شركات صغيرة خلال الأشهر الأخيرة من العام المنتهي.
وأشار منكريف إلى أن ديفون تحتاج إلى رأس مال تشغيلي يبلغ 1.7 مليار دولار لتغطية تكلفة حفر آبار جديدة وبدء عمليات التكسير اللازمة لتحقيق هدف الشركة بتثبيت معدلات إنتاج العام الماضي، فيما تواصل الشركة الانتهاء من خطتها للعام 2021 والتي يتوقع أن تعلن عن تقديراتها في الأسابيع المقبلة.
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuMTY5IA== جزيرة ام اند امز