داعش.. لماذا يلتزم الصمت أمام مليشيا الحشد الشعبي بالعراق؟
اختفت بيانات التنظيم الإرهابي وصور عناصره في المعارك التي شنتها مليشيا الحشد المدعومة من إيران وكأنها تحارب طواحين الهواء
تتوالى بيانات من ميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران حول ما تصفها بانتصاراتها على تنظيم داعش الإرهابي في العراق فيما صمت التنظيم تماما عن التعليق، وكأنها تحارب طواحين الهواء.
فعادة التنظيم في مواقع أخرى ودول أخرى يسارع إلى إصدار بيانات تتحدث عن "إنجازات" حققها ضد خصومه، أو عن قتل خصومه، أو يرد بها على بيانات خصومه بالتكذيب، أو يدعو عناصره إلى الثبات في مواجهتهم.. إلخ.
إلا أنه في المعارك التي تخوضها مليشيات الحشد الشعبي لم نرَ أي من هذه البيانات رغم طول أمد العمليات التي بدأتها المليشيا منذ نحو سنتين في شمال العراق تحت شعار محاربة تنظيم داعش.
كذلك لم تصدر بيانات لتنظيم داعش منذ إعلان المعارك العسكرية الكبرى والمتواصلة من الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي التي تدعمه ومليشيا الحشد الشعبي لطرد داعش من مدينة الموصل في أكتوبر/تشرين الأول 2016 والمتواصلة حتى الآن.
وتترافق مع معارك "تحرير" الموصل كذلك معارك تتصدر القيادة والحركة فيها مليشيا الحشد الشعبي، خاصة تلك الواقعة شمال غرب العراق في الطريق إلى الحدود مع سوريا.
كما كان لافتًا أنه في المعارك التي تصفها مليشيا الحشد بـ"الكبرى" في مواجهة داعش، وحققت فيها ما وصفتها بـ"انتصارات" عليه وطرده وقتل عناصره، خاصة في مناطق القيروان والحضر والبعاج، من إبريل/نيسان الماضي- يونيو/حزيران الحالي فإن وسائل إعلام المليشيا وخاصة موقعها الإلكتروني تكتفِ بنشر صور احتفالاتها بـ"الانتصار" وبدخول المناطق "المحررة" أو بصور العثور على أسلحة وعتاد تنسبه لداعش.
في حين نادرا ما تنشر صورًا تتعلق بعناصر التنظيم سواء أحياء أسرى أو كقتلى، أو حتى خلال فرارهم من منطقة إلى أخرى.
وهذا الأمر يتناقض مع ما تردد عن سرعة سيطرة داعش على مدن كبرى في شمال العراق مثل الموصل وغيرها عام 2014، وتمكنها من السيطرة عليها لأكثر من عامين رغم وجود قوات عراقية ودولية حولها، ما كان يوحي بأن أعدادهم لابد وأن تكون ضخمة؛ وبالتالي أعداد قتلاهم أو أسراهم في المناطق التي يخسرونها لابد وأن تظهر وتكون كبيرة.
وكان أشهر بيان صدر عن داعش مباشرة في العراق هو ما تلاه زعيمه أبو بكر البغدادي في يونيو/حزيران 2014 من على منبر جامع النوري الكبير في الموصل ليعلن سيطرة التنظيم على المدينة وإعلانه ما أسماه بدولة الخلافة في العراق وسوريا.
ومن وقتها لم يظهر البغدادي ثانية، وتتضارب الأنباء كل حين حول مقتله أو إصابته أو هروبه من مكان لآخر، دون أي تأكيد لأي خبر منها.
وأحدث المعارك التي تقدمت فيها مليشيا الحشد الشعبي في السيطرة على مناطق بشمال العراق تحت غطاء محاربة داعش هي معركة السيطرة على قضاء البعاج الاستراتيجي شمال غرب العراق، والمحاذي للحدود مع سوريا.
وأعلن مهدي المهندس نائب رئيس الميلشيا، اليوم الأحد، في تصريحات لموقع المليشيا على الإنترنت أنه تم ما وصفه بـ "تحرير" البعاج من سيطرة داعش، واصفًا ذلك بأنه "إنجاز نوعي كبير".
واقتحمت عناصر المليشيا صباح الأحد مركز قضاء البعاج غرب الموصل من 3 محاور، وقالت إنها كبدت عناصر داعش خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، دون نشر أي صور لذلك.
أما عن مصير عناصر داعش فقالت استخبارات الحشد إن قيادات التنظيم هربت من البعاج، ولكنها لم تكشف وجهتها.
كما لم تكشف عن العملية القادمة للميليشيا بعد السيطرة على البعاج المحاذية للحدود مع سوريا، غير أنه سبق وأن قال المهندس في إبريل/نيسان الماضي إن "الحدود السورية متاحة للحشد قد يذهب إليها اليوم أو غداً وفقاً لمجريات المعركة".
وتوضح هذه التصريحات أن اقتحام ميليشيا الحشد الشعبي لمعركة الموصل وشمال العراق لم يكن الهدف منه تنظيم داعش بحد ذاته، ولكنه محطة من محطات فتح الطريق أمام الميليشيات المدعومة من إيران للتوسع في شمال العراق وفرض وجودها، والزحف نحو الحدود السورية.
ويعني هذا فتح جبهة مفتوحة بين العراق وسوريا تحت سيطرة إيران، تسهل حركة القوات الإيرانية أو المليشيات العراقية المدعومة منها، وهو ما يؤكد خطة "الممر الإيراني الاستراتيجي" بين البلدين الذي كشفته تقارير إعلامية واستخباراتية عدة في الأشهر القليلة الماضية.
وهذا الممر يمتد من بعقوبة في شرق العراق (على الحدود مع إيران) مروراً بالموصل ونينوى شمال العراق وعلى الحدود مع سوريا ليخترقها ويعبرها وصولاً إلى اللاذقية في غرب سوريا؛ كي تكون كل تلك المساحة منطقة جغرافية مفتوحة تتحرك فيها إيران بحرية، وتحقق مشروعها للتوسع في المنطقة.
وتأسست مليشيا الحشد الشعبي 2014 بشكل مفاجئ عقب اجتياح مفاجئ أيضا من داعش لعدة مدن كبرى بالعراق، من بينها الموصل، بسهولة وسرعة أثارتا علامات استفهام كبيرة حينها، وما إن كان داعش مفتعلا ليكون مبررا لعمليات المليشيات المدعومة إيرانية في شمال البلاد.
ويقوم بتدريب هذه المليشيات المئات من عناصر الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مليشيا الحرس، وذلك بشكل علني.
ورغم الانتهاكات التي وجهت لهذا المليشيات الطائفية بأنها تقوم بتغيير تركيبة السكان في بعض المناطق التي تسيطر عليها لصالح زيادة المكون الشيعي فيها، إلا أن الحكومة العراقية اعترفت رسميا بأن هذه المليشيا جزء من الجيش العراقي في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ويسعى قادة مليشيا الحشد وإيران من ورائهم إلى تحويلها إلى المتحكم الأول في العراق على غرار نموذج مليشيا الحرس الثوري في إيران.
وأكد ذلك ترحيب مرشد إيران علي خامنئي في 2016 بتكوين الحشد الشعبي في العراق، واصفاً إياها بأنها "ثروة عظيمة".