خبراء: تعثر بناء سد النهضة يمهد لمرونة أكبر في المفاوضات
حديث آبي أحمد عن تأخر أعمال بناء سد النهضة يشير إلى مرونة أكبر يتوقع أن تبديها إثيوبيا خلال المفاوضات المقبلة على أمل التوافق.
توقع خبراء مصريون تقدما قريبا في المفاوضات الدائرة منذ سنوات بين مصر وإثيوبيا، حول سد "النهضة" الذي تبنيه أديس أبابا على أحد روافد نهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر على حصتها من المياه.
وقال خبراء في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس السبت، عن تأخر أعمال البناء في السد، وإشارته لوجود عثرات فنية ومادية، يشير إلى مرونة أكبر يتوقع أن تبديها إثيوبيا خلال المفاوضات المقبلة على أمل التوافق.
وأعلن آبي أحمد، عن التعاقد مع شركة مقاولات جديدة، بسبب تأخر أعمال البناء في السد، الذي يتم تشييده بإقليم بني شنقول -جمز على الحدود الإثيوبية- السودانية.
وقال، في مؤتمر صحفي، إن شركة الإنشاءات الإثيوبية (METEC) التابعة لقوات الدفاع الوطني، مسؤولة عن تأخر البناء في مشروع السد، والذي كان مقرراً له أن ينتهي بناؤه خلال 5 سنوات منذ بدء العمل فيه.
وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبي أن تأخر أعمال البناء يرجع لإخفاق شركة الإنشاءات في القيام بالأعمال الهيدروميكانيكية وتوفير المعدات الكهروميكانيكية للسد، بما في ذلك التوربينات المطلوبة.
الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري المصري الأسبق، قال إن موضوع تعثر عملية بناء السد معروف لدى الجهات المصرية منذ فترة وليس مفاجأة، مشيرا إلى وجود مشكلة فنية تحول دون وضع توربينات السد للبدء في التخزين، وأخرى في تمويله، متوقعا أن يستغرق الأمر أكثر من عامين.
وأوضح أبو زيد لـ"العين الإخبارية" أن مصر من مصلحتها تعطيل عملية البناء لحين التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد، متوقعا أن يفتح هذا التعثر الإثيوبي المجال لانفتاح أديس أبابا أكثر على المقترح المصري بزيادة سنوات ملء السد، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الخسائر المصرية في النهاية.
ونوه الوزير الأسبق إلى أن "تأثير السد على حصة المياه المصرية موجود في كل الأحوال، لكن مصر تتطلع إلى تخفيض هذا التأثير، وتأجيله أطول فترة ممكنة لحين تدبير موارد أخرى".
وبدأت الحكومة الإثيوبية إنشاء مشروع سد النهضة في 2 أبريل/ نيسان 2011، وتشيده شركة ساليني الإيطالية، المقاول الرئيسي، وشركة الإنشاءات الإثيوبية (METEC)، المسؤولة عن الأعمال الهيدروميكانيكية وتوفير المعدات الكهروميكانيكية.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلنت حكومة إثيوبيا إنجاز 66% من مراحل البناء، فيما عثر على جثة مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، سمنجاو بقلي، في سيارته وسط أديس أبابا في يوليو/ تموز الماضي.
من جهته، يرى هانئ رسلان، رئيس مركز الدراسات الاجتماعية والتاريخية بالأهرام، أن "تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا تمنح تأثيرا إيجابيا بالتأكيد للمفاوضات"، منوها إلى "تباطؤ عملية بناء السد بدأت منذ أكثر من عام، وأن إفصاح أبي أحمد عنها هو مجرد تمهيد لإظهار نوع من المرونة في المفاوضات مع مصر، وربما تكون هذه طريقته في تهيئة الرأي العام".
وأوضح رسلان لـ"العين الإخبارية" أن "هناك مشكلات كبيرة في عملية بناء السد، وأن عملية مقتل مدير سد النهضة أحاط بها أحاديث كثيرة ولغط، بما يشير إلى وجود اختلافات، كما أن هناك عجزا ماليا يقدر بنحو مليار دولار وهو مبلغ ضخم بالنسبة لإثيوبيا".
وأضاف الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، أن "الشركة المسؤولة عن عملية البناء لا تفي بالالتزامات، كما أن التكلفة المادية ارتفعت من 4.5 إلى 8 مليارات دولار، وهو أمر يثقل كاهل إثيوبيا إلى حد كبير خاصة أنها تمر بصعوبات اقتصادية".
وأكد رسلان أن "هناك تغيرا في ترتيب الأوليات السياسية في إثيوبيا، منذ وصول أبي أحمد للسلطة، فهو لديه مشروع إصلاحي واسع النطاق ويواجه بمعارضة داخلية كبيرة، ولديه اضطرابات، ولذلك فقد بدأ في إعادة ترتيب الأولويات ومن ضمنها عملية بناء السد، التي تراجعت شيئا ما عن الفترة السابقة، لكن ذلك لا يعني عدم بناء أو عدم النظر إليه باعتباره مشروعا قوميا".
ونوه بأن "تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا مؤشر على أنه سيكون هناك مرونة في المفاوضات مع مصر، وتخفيض لحالة التعبئة التي صاحبت عملية بناء السد في السابق، والتي كانت تقف حائلا أمام أي مرونة"، مشيرا إلى أن "مصر لم تكن بعيدة أبدا عن كل تلك التطورات والتغيرات".
وفي زيارة لم يعلن عنها مسبقا، يتوجه كل من سامح شكري وزير الخارجية المصري واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية، غدا الاثنين، إلى أديس أبابا، لنقل رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي.
وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الزيارة تهدف إلى متابعة مسار العلاقات المصرية الإثيوبية وسبل دعمها، والتطورات الخاصة بمفاوضات سد النهضة، في إطار الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ومخرجات الاجتماع التساعي الأخير الذي عقد بأديس أبابا في مايو/ أيار 2018.