الطريق إلى مستقبل مستدام يبدأ من هذه الصناعة

تلعب صناعة الإطارات دورا رئيسيا في التوجيه نحو مسار نقل منخفض الكربون، ومستقبل آمن ومستدام للأجيال القادمة.
لقد وصلت أزمة المناخ إلى مستويات غير مسبوقة، ولا يزال الالتزام الشامل بالقضاء عليها بعيد المنال، لقد أدى الارتفاع الكبير في انبعاثات الغازات الدفيئة إلى تسريع وتيرة تغير المناخ بما يتجاوز التقديرات السابقة، وقد تطور عكس هذا المسار بشكل فعال، وهو أمر ضروري لتحقيق الهدف المتفق عليه المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاق باريس.
والجدير بالذكر أن عام 2023 كان العام الأكثر دفئا على الإطلاق، ومن المتوقع أن يسجل عام 2024 أرقاما قياسية جديدة لدرجات الحرارة العالمية، ويشير تقرير للأمم المتحدة إلى هذا الاتجاه المثير للقلق، حيث يتوقع زيادة في درجات الحرارة تتراوح بين 2.5 درجة مئوية و2.9 درجة مئوية في السنوات القادمة.
التحدي الصناعي: التنقل في التزامات صافي الصفر
وفي عام 2021 شكل القطاع الصناعي ما يقرب من 40% من الاستهلاك النهائي للطاقة على مستوى العالم، وبرز كثاني أكبر قطاع من حيث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بعد قطاع توليد الطاقة. وفي الصناعة نحتاج إلى تصور كيف يمكن الوفاء بالتزاماتنا بصافي الصفر وسط تصاعد الانبعاثات والطلب المتزايد على الوقود الأحفوري، وكل ذلك بحلول عام 2050، ولا يمكننا ذلك دون إزالة الكربون.
لماذا إزالة الكربون الصناعية؟
إن إزالة الكربون الصناعي وجوانبه الرئيسية -استخدام الطاقة بشكل أفضل، واستخدام طاقة أنظف، واختيار المواد الصديقة للبيئة، وصنع منتجات مستدامة، والتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون- هي المجالات الأولى التي يجب على كل شركة النظر فيها، يمكن لهذه الجوانب أن تساعد الصناعات على تقليل انبعاثاتها وأن تكون أكثر لطفا مع الكوكب.
لكن هناك تحديات في جعل الصناعات تلتزم بوعودها بأن تكون نظيفة للغاية، وهما تحديان رئيسيان:
1. استخدام الطاقة بحكمة وطاقة أنظف
تحتاج الصناعات إلى درجات حرارة عالية جدا لعملياتها، وقد يكون استخدام الطاقة النظيفة لإنتاج هذه الحرارة بكفاءة أمرا صعبا.
2. مواد صديقة للبيئة واحتجاز ثاني أكسيد الكربون
يتطلب تغيير المواد لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تغييرات كبيرة في كيفية عمل العمليات، كذلك فإن إنشاء أماكن جديدة لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يكون مكلفاً للغاية، لأنه يعني بناء مصانع وآلات جديدة.
تمهيد الطريق لإزالة الكربون في صناعة الإطارات
مع الطلب المتزايد باستمرار على الإطارات والتأثيرات المناخية المرتبطة بها يجب تبنى نهج استراتيجي ينظر إلى جميع جوانب سلسلة قيمة الانبعاثات، بدءا من مصادر المواد الخام ومرورا بالتصنيع وحتى مرحلة استخدام المنتج، مع التنقل في خارطة الطريق لإزالة الكربون.
وتدور إحدى المخاوف الرئيسية في الصناعة حول تكاليف الطاقة، خاصة مع دخول التشريعات العالمية حيز التنفيذ، بما في ذلك نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي.
وهناك دور مهم للرقمنة في تصنيع الإطارات، فدمج التقنيات الرقمية، مثل أنظمة التحكم الذكية وتقنيات المعالجة الذكية، إلى جانب التحكم الدقيق في درجة الحرارة والضغط، أدى إلى انخفاض استهلاك الطاقة، علاوة على ذلك يسهم التحول الرقمي في تحسين العملية بشكل عام من خلال تعزيز الكفاءة وتقليل إعادة العمل وتحسين استخدام الطاقة وتحقيق وفورات في التكاليف.
كما يجب أن يتضمن التزامنا بإزالة الكربون الانتقال إلى الكهرباء المتجددة/النظيفة بنسبة 100% في منشآت الإنتاج، وتعمل العديد من شركات الإطارات على تحقيق ذلك، عندما ننظر إلى الخيارات المتاحة في مجال الطاقة المتجددة أعتقد أن الهيدروجين يبرز كلاعب محوري في أنظمة الطاقة المستقبلية، بالنسبة لمصنعي الإطارات، هناك طريق مثير للاستكشاف: استخدام الهيدروجين لتوليد البخار المطلوب لمراحل درجة الحرارة العالية والضغط العالي في عملية الفلكنة.
كذلك فإنه لإنشاء منتجات مستدامة نحتاج إلى اعتماد المطاط الطبيعي المستدام وتشجيع إنشاء نظام بيئي للمواد الصديقة للبيئة. لذا تعمل المنصة العالمية للمطاط الطبيعي المستدام (GPSNR) كقوة موحدة، حيث تعزز التعاون بين المنظمات وأصحاب المصلحة المتنوعين لإحداث تغييرات إيجابية في سلسلة قيمة المطاط الطبيعي.
ونظرًا لأن "مرحلة استخدام" الإطارات تشكل الحصة الأكبر (تتراوح بين 70% إلى 85%) من إجمالي البصمة الكربونية في دورة حياة منتج الإطارات، فإنه يجب جلب الابتكار لإحداث تأثير في هذا المجال، ويشمل ذلك التقدم في تصميم الإطارات، وإنشاء إطارات منخفضة المقاومة للدوران، واستخدام مواد مبتكرة وتنفيذ عمليات التصنيع التي تعزز تحسين كفاءة استهلاك الوقود وتنبعث منها كميات أقل من انبعاثات الكربون في البيئة.
علاوة على ذلك، يمكن للبحث والتطوير أن يقودا نهجا مزدوجا لمعالجة دائرية الإطارات التي انتهى عمرها الافتراضي، من خلال استكشاف إمكانية إنتاج الهيدروجين من نفايات الإطارات وإدارة النفايات، مما يوفر حلا مستداما.